بعد الزلزال المروّع الذي عرفته منطقة الجنوب التركي والشمال السوري، تحركت العديد من الدول والمنظمات لإرسال المساعدات الإنسانية المختلفة، سواء مواد غذائية أو أجهزة لرفع الركام وإنقاذ أرواح من بقي عالقاً تحت الأنقاض وغيرها، إلا أن المساعدات المتجهة للشمال السوري عرفت العديد من العراقيل، ولم تصل المساعدات إلى المناطق المتضررة غير الخاضعة لنظام الأسد إلا بعد 72 ساعة من وقوع الزلزال الكارثي، عبر معبر باب الهوى مع الحدود التركية، هذه المدة الطويلة التي يتضاءل فيها الأمل في استخراج أحياء من تحت الركام، فكلما تأخرت المساعدات قلت فرص النجاة، فما السبب وراء هذه العراقيل؟
تسييس عملية وصول المساعدات للشمال السوري
هناك العديد من المعابر والمطارات في سوريا استقبلت المساعدات الدولية، حتى وإن كان معبر باب الهوى مع الحدود التركية هو الأقرب للمناطق المتضررة، وهو المعبر الذي دخلت منه المساعدات إلى شمالي سوريا بالفعل، بما أنه الأقرب فيعتبر ضمن المناطق المشتركة التي وقع فيها الزلزال، وبالنظر لإعلان تركيا حالة الطوارئ درجة رابعة، لا يمكن أن يُنتظر منها المساعدة فوراً، فهي الأخرى تشهد دماراً كاملاً في عشر محافظات، جراء الزلزال، والذي راح ضحيته إلى الآن أكثر من 15 ألف قتيل، أما بالنسبة لمعبر باب السلامة، في ريف حلب، فحتى إذا لم يكن مغلقاً فهو الآخر مع الحدود التركية، أي أن المساعدات يجب أن تمر بمناطق تحت سيطرة نظام الأسد لتصل للشمال المتضرر، وهنا تكمن بداية العراقيل، التي تحول دون وصول المساعدات للشمال السوري، فقد استغل نظام الأسد المأساة لفرض رفع العقوبات عنه، مدعيا أنها السبب وراء عدم وصول المساعدات الدولية للمناطق المتضررة، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية فيصل المقداد بقوله إن "العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية فاقمت المأساة والكارثة"، في حين أن قانون قيصر يستثني حالات المساعدات الإنسانية من العقوبات المفروضة على نظام الأسد، وهو ما تم توضيحه من قِبل الخارجية الأمريكية.
كما يسعى أيضاً نظام الأسد إلى تولي توزيع المساعدات بنفسه على كل المناطق، بما في ذلك التي لا تخضع لسيطرته، وهذا مستحيل التحقق لسببين، السبب الأول هو عدم اعتراف عدد من الدول بشرعيته، أي أن التعامل معه يجعلها تعترف به وتعطيه شرعية، والسبب الثاني هو عدم التأكد من حقيقة إيصاله المساعدات للمناطق المتضررة كلها بدون استثناء، علماً أنه قام بقصف مدينة مارعة شمالي حلب بعد تعرضها للزلزال، فهل يمكن أن يؤتمن هذا النظام على إيصال المساعدات!
بصيص أمل من العدم
رغم انعدام أبسط أدوات الإنقاذ والحَفْر والإسعاف، وغيرها من الخدمات التي تعتبر ضرورية لاستيعاب حجم الضرر الذي لحق بالمنطقة، فإن سكان المنطقة وقوات الدفاع السوري، الملقبة أيضاً بالخوذ البيضاء، يعملون بدون كلل لإنقاذ أكبر عدد ممكن بمعدات بسيطة جداً.
أما بالنسبة لجمع التبرعات، فقد بادرت العديد من المنظمات والجمعيات الموثوقة بجمع تبرعات من كل أنحاء العالم، حيث عمل فريق ملهم التطوعي على إنشاء نقطة طبية في مدينة جندريس، وتوزيع الأدوية على مختلف مستشفيات المحافظات المتضررة، وتوزيع مواد للتدفئة ومواد غذائية.
إن شمال غربي سوريا يعاني كثيراً، حتى قبل وقوع الزلزال، هو بحاجة لمساعدات، حيث يعيش النازحون في المخيمات معاناة إنسانية صعبة، بسبب البرد الشديد والثلوج، وعجزهم عن تأمين وسائل التدفئة، إضافة إلى غياب البنى التحتية ومقومات الحياة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.