منذ أكثر من 23 عاماً بث التليفزيون المصري مسلسلاً درامياً ظاهره الكوميديا وباطنه قراءة الواقع لاستشراف المستقبل حمل اسم "يا رجال العالم اتحدوا"، ولكن الرجال لم ينتبهوا ولم يتحدوا رغم 30 حلقة أبدعت الكاتبة سلوى الرافعي خلالها في الطرق على خطورة تبادل الأدوار بين الرجل والمرأة في حراسة الأسرة ورعايتها والتدبير لها والعبور بها في خضم المشكلات المجتمعية التي تواجه أفرادها.
لا شك أن الذين يرتضون الظلم مختلو الإدراك فاقدو الشعور ليسوا من بني البشر، فللمرأة حقوق اعترفت بها الدول في دساتيرها والمنظمات العالمية في ديباجاتها ومبادراتها والكيانات والأفراد على المستويات الشعبوية والنخبوية من مختلف الشرائح المجتمعية.
فحق المرأة في التعليم والمعتقد والحرية الشخصية والتملك والتصرف في الأموال والحقوق المدنية السياسية والاجتماعية وكذلك الاقتصادية وغيرها.. كل هذه حقوق أصيلة لا يستطيع أكثر البشر تطرفاً أن ينكرها.
إن التعسف في استخدام الحقوق مهدد وجود لمنظومة التشريع ومن ثم منظومة القضاء والعدالة، الأمر الذي ينسحب على المجتمع ككل فترى آثاره في وجوه الرجال وطنطنات النساء وعذابات الأطفال.
لذا حرص فقهاء القانون على تأطير هذا التعسف وتحجيمه قدر الإمكان الذي سمحت به البيئات الحاضنة المحيطة، إلا أن المنظمات النسوية والائتلافات والروابط غالت على مدى عقود في رفع شعارات المظلومية والمطالبة بالحقوق النسوية حتى صار التعسف مقنناً والمظلومية سوطاً مسلطاً على رقاب الرجال، فانقلبت الأدوار تماماً، كما في العمل الفني سابق الذكر؛ ليصبح الرجل هو الطرف الأضعف في هذه الرابطة المقدسة.
في 16 من يونيو/حزيران عام 2022م قام عدد من الرجال المصريين بتأسيس أول جمعية للدفاع عن حقوق الرجل في مصر، خاصة فيما يتعلق بالقوانين، فقد جرى العمل أن المطلقة في القانون المصري لها حضانة الأولاد دون البلوغ فضلاً عن ملكيتها لشقة الزوجية مع قائمة بالمنقولات مشتملة على الأجهزة الكهربائية والأثاث وذهب الشبكة فضلاً عن التعنت في رؤية الأب لأبنائه من بعضهن طيلة فترة الحضانة، وما يصاحبها من تربية سلبية تغرس كراهية الأبناء للآباء.
ليست مصر وحدها.. في المغرب تنشط جمعية معنية بالمدافعة عن حقوق الرجال ضد العنف النسوي، والتي تستقبل 150 حالة من الرجال المغلوبين على قهرهم تأسست الجمعية في 2017م ويترأسها فؤاد الهمزي الذي صرح بأن الرجال أصبحوا لا يجدون حرجاً في الحديث والشكوى من العنف النسوي؛ نظراً لازدياد الظاهرة واطرادها.
تونس بدأت مبكراً حيث أُسست الجمعية التونسية للحفاظ على الرجل والأسرة والمجتمع في يونيو/حزيران 2012م وهدفها مساندة الرجل، لا سيما إذا تعلق الأمر بحالات الطلاق وتوابعه من الحضانة والنزاعات المالية المترتبة على حالات الطلاق.
في الجزائر عام 2015م تقدم عدد من المواطنين بطلب توثيق جمعية رجالية تحت اسم "جمعية الدفاع عن حقوق الرجل في الجزائر وثوابت الأسرة الجزائرية"، إلا أن وزارة الداخلية لم تمنحها ترخيصاً بمزاولة نشاطاتها، طالبت هذه الجمعية بإعادة النظر والدراسة في قانون الأسرة وإعادة صياغته وفق الشريعة الإسلامية، وإلغاء الصندوق الخاص بالمطلقات الحاضنات واستبداله بصندوق يسمى صندوق الأسرة الحميمية، أي الأسرة المتماسكة، وفق ما جاء على لسان يحيى موسى الناطق الرسمي باسمها.
التدافع بين الرجل والمرأة يكون إيجابياً إذا كانت الأهداف واضحة في الحفاظ على الأسرة وتقصّي مصالح الأطفال والتخارج المشرف بإحسان في حالات الطلاق، وتكوين مجتمع صحي صالح لإنتاج أجيال سوية قادرة على البناء والعطاء.
ويبدو أن الخطر يكمن في تحول الأمر إلى صراع بين الذكر والأنثى، يعود فيه الطرفان آلاف الأعوام إلى الوراء؛ حيث يسخر كل طرف مواهبه في النيل من الآخر، بل يتعدى الأمر إلى تشويه القيم وابتذال الثوابت وتعرية الأخلاق للانتصار في معركة وهمية يصارع فيها الجميع طواحين الإثنية الجندرية المتراكمة؛ إثر تجارب شخصية فردية استثنائية تصنع مشهداً مفارقاً لما عليه الحقيقة، أو ما استقر في العقل الجمعي للأغلبية من الناس. –
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.