يُعتبر عام 2022 الأكثر دموية وعنفاً في فلسطين، حيث شهد هذا العام انتهاكات كثيرة لحقوق الشعب الفلسطيني، ومنها حقوق الطفل باستشهاد عدد كبير من الأطفال مثل (جميل نجم، 4 أعوام، وآلاء عبد الله قدوم، 5 سنوات من غزة، وريان ياسر سلمان، 7 سنوات، ومحمود سمودي، 12 عاماً من الضفة)، كما تعرضت المرأة إلى انتهاكات عديدة كان أبرزها استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة.
وارتفع عدد الشهداء والمصابين والمعتقلين في فلسطين خلال عام 2022 ارتفاعاً كبيراً لم تشهده فلسطين منذ عام 2005، حيث وصل عدد الشهداء إلى 230 شهيداً، بينهم 171 في الضفة الغربية، و53 من غزة، و6 من فلسطينيي 48، و9335 إصابة و6500 حالة اعتقال، و833 مبنى فلسطينياً هدمها الاحتلال في الضفة الغربية، بما فيها مناطق شرقي القدس.
و793 هجوماً للمستوطنين، و13130 شجرة زيتون تم إتلافها أو اقتطاعها.
وقامت إسرائيل بالتصديق على 116 مخططاً استيطانياً، تستهدف 9700 دونم من الأراضي الفلسطينية بأكثر من 13 ألف وحدة استيطانية، منذ بداية 2022 حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
سلطت عملية اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة وإصابة زميلها علي سمودي، خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين الضوء على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين الذين يسقطون يومياً وهم يتحدون الاحتلال ويواجهون إجرامه، وحولته إلى حالة نضالية فلسطينية كبيرة في ذاتها حظيت باهتمام المجتمع الدولي كله، كما بينت هذه العملية الانتهاكات التي يتعرض الصحفيون إلى ما يزيد على 160 انتهاكاً، منها 60 إصابة على يد جنود الاحتلال.
لم يقم الاحتلال بأي تحقيق جنائي في مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة وإصابة زميلها علي سمودي في جنين، في 11 مايو/أيار 2022، رغم أن مفوضيّة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قد رصدت ما حدث، وأكدت على أن الرصاصات التي استشهدت بها شيرين أبو عاقلة وأصابت زميلها علي سمودي أطلقتها قوات الأمن الإسرائيلية، ليس مسلحين فلسطينيين يطلقون النار عشوائياً، بحسب ما ادعت السلطات الإسرائيلية في البداية.
وخلال عام 2022، استشهد عدد كبير من الأسرى بعد خروجهم من الأسر نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضوا له أثناء فترة الاعتقال، لتفاقم الأمراض التي أصابتهم أثناء الاعتقال، وعدم تلقيهم العلاج اللازم في حينها، ومن الأسرى المرضى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال الأسير ناصر أبو حميد، حيث استُشهد بعد معاناة مع مرض السرطان، وبسبب إهمال سلطات السجون، ويعتبر الأسير أبو حميد واحداً من 24 أسيراً، يعانون من مرض السرطان والأورام بدرجات متفاوتة، وهي من أصعب الحالات المحتجزة في سجون الاحتلال.
أتوقع أن تستمر انتهاكات الاحتلال خلال عام 2023، بل ستكون أكثر عنفاً من قبلها، وذلك بسبب صعود اليمين المتطرف في إسرائيل، والتأثير السلبي لحكومة نتنياهو على فلسطين، حيث تعكس صعود خطاب الفصل العنصري في النظام السياسي الإسرائيلي التشدد ضد الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقه.
وحقق اتفاق نتنياهو بن غفير كل ما يسعى إليه، سوف يعمل على تغيير الوقائع في الضفة الغربية، مثل الترخيص لبناء مستوطنات جديدة ومنح الترخيص للمستوطنات القائمة، وترحيل جزء من الفلسطينيين، وتطبيق عقوبة الإعدام، ومنح صلاحيات واسعة للأجهزة الأمنية، وسوف يواجه الفلسطينيون تحديات كبيرة، حيث أكد بن غفير خلال حملته الانتخابية أنه سيصر على إلغاء اتفاقية أوسلو، وحل السلطة الوطنية الفلسطينية.
ومن المتوقع أيضاً أن تستمر جرائم الاحتلال في المسجد الأقصى، حيث تهدد أحزاب إسرائيلية متطرفة فازت في آخر انتخابات برلمانية، وستصبح جزءاً من الائتلاف الحكومي القادم برئاسة بنيامين نتنياهو، بمزيد من الاقتحامات للأقصى.
وأن تستمر عمليات الاستيطان، لأنها تعتبر من أهم بنود التوافقات بين الائتلاف المشكل للحكومة اليمينية في إسرائيل، برئاسة بنيامين نتنياهو، والإقدام على عمليات تهجير وترحيل للفلسطينيين، وإبعادهم بالقوة عن أماكن سكناهم، وتؤثر هذه الانتهاكات بشكل سلبي على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وممارسة سيادته على أرضه.
بالرغم من كل هذه الانتهاكات فإنها لم تُقابل بغير الإدانة الدولية، ولم يتخذ المجتمع الدولي خطوة مهمة لوقف هذه الجرائم.
وأمام كل ما يجري لا بد أن للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان أن تتحرك لاتخاد قرار للحد من انتهاكات الاحتلال في فلسطين، حيث كفلت المواثيق الدولية حقوق المرأة والطفل في وقت السلم والنزاعات المسلحة، ومخالفة هذه القوانين يعاقب عليها القانون الدولي.
نحن أمام ضرورة فتح تحقيق جنائي سريع ونزيه، في مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وفي جميع عمليات القتل والإصابات والاعتقالات الأخرى التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ومعاقبته على الجرائم التي مارسها ضد الشعب الفلسطيني، لأن الإفلات من العقاب يؤدي إلى استمرار الجرائم ومزيد من العنف.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.