في كل مرة أشاهد فيها نسخة من نسخ بطولات كأس العالم إلا وتمنيت فيها أن يكون هناك منتخب عربي موجود في النهائيات. وكم من مرة تمنيت للمنتخبات العربية الصعود إلى دور التالي لدور المجموعات.
الأمنية الأولى تحققت، فقد أتيحت لمنتخبات عربية المشاركة في كأس العالم، لكن الأمنية الثانية ما زالت قيد التمني، لو يستطيع أحد المنتخبات تكملة المشوار والصعود للأدوار التالية.
لأول مرة في هذا المونديال ينتابني شعور غريب وعجيب.. إحساس خفي بأننا نحن العرب نستطيع أن نحقق الأمنية أخيراً.
تعاطفت مع منتخب قطر كثيراً، ورغم علمي بإمكانياته القوية ومتابعتي لاستعداداته ومشاركاته في البطولات وتمنياتنا له بالتوفيق، فإنه كان دون المستوى في المباراة الافتتاحية. فقد رأيت الخوف والقلق على وجود اللاعبين والارتباك الظاهر عليهم في الدقائق الأولى للمباراة.
بالرغم من ذلك، ورغم خسارته في المباراة، فإنني لم أفقد الأمل. أعلم أن هذا الفريق يستطيع أن يفوز ويعود في المبارتين القادمتين.
هذا الأمل يزداد عندي، بأنه في استطاعة العرب أن يكونوا نداً للغرب وللدول المتقدمة رياضياً. أمل لا يزال يعيش داخلي ويراودني بصفة دائمة. لمَ لا، فما الذي ينقص العرب عن الغرب؟!
لعل اللاعب المصري محمد صلاح استطاع قبل ذلك أن يجيب عن هذا السؤال. استطاع بلياقته وفنه وأخلاقه أن يكون فخر العرب وملكاً بين أبرز الفرق الأوروبية.
جلست أمام التلفاز في مباراة السعودية ضد الأرجنتين وأنا أملك إحساساً غريباً بأننا سنفوز. نعم إحساس بأن السعودية ستفوز رغم تشاؤم الكثيرين الذي اعتقدوا أن الأرجنتين سوف تلقن السعودية درساً، وسوف تفوز بعدد كبير من الأهداف.. يكفي وجود ميسي ودي ماريا ومارتينيز.
شعوري مختلف.. عشت مع بداية المباراة بعض القلق؛ لكن، حتى عندما سجل ميسي هدفاً مبكراً من ضربة جزاء لم يتملكني اليأس. من أين جاءت كل هذه الثقة التي بداخلي؟ لا أعرف.
دارت رحى المباراة بين شد وجذب، وكانت أسعد اللحظات عندما تعادل المنتخب السعودي، لكن كانت الفرحة أكبر عندما شاهدت الجماهير العربية كلها سعيدة.. كلها تهتف لمنتخب السعودية.
وجاء الهدف الثاني، وكانت فرحة لم يصدقها أحد.. رأيت زوجتي وأنا معها نقول بلا مقدمات: "الله أكبر". هنا تأكدت من صدق إحساسي الذي لم يصدقه أحد قبل المباراة.
منتخب السعودية بذل الجهد، ولم يستهينوا بخصمهم، كما لم يتملكهم اليأس. لم تكن أفكار لاعبي منتخب السعودية منصبة على مجاراة لاعبي الأرجنتين، والخروج من المباراة بأقل خسارة ممكنة. بل لعبوا على مفاتيح لعب الأرجنتين واستطاعوا أن يسجلوا هدفين في منتخب له تاريخ ويملك إمكانيات جعلته مرشحاً أول للبطولة.
هذه هي ثقافة الفوز.. إنني أستطيع أن أفوز وأن أحقق الانتصار.
العرب لا تنقصهم الإمكانيات، فلديهم الملاعب والتجهيزات. لديهم المال الذي يستطيعون به شراء أفضل المدربين في العالم. ولديهم اللاعبون المحترفون في دوريات العالم الكبرى في إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا.
ماذا ينقصهم إذاً؟ تنقصهم ثقافة الفوز وإرادة والتحدي. يستطيعون أن يكونوا نداً لكبرى المنتخبات الرياضية إذا كان لديهم الإصرار والعزيمة التي تمكنهم من بذل الجهد وتحقيق النصر.
عدت مرة أخرى للجلوس أمام التلفاز بنفس الثقة وبنفس المشاعر، وأنا أحمل كل الأمل في منتخب تونس. أشعر أن منتخب تونس استمد قوته من فوز السعودية التي صنعت نصراً تاريخياً.
لعبت تونس مباراة جميلة أمام الدنمارك، واستطاعت التعادل.. كانت قلوبنا وقلوب العرب جميعاً تقفز مع كل فرصة ضائعة للتوانسة، وتنتفض مع كل هجوم على مرمى تونس.
تمنيت للمغرب نفس الشيء، وطلبت من الله أن يوفقه وأنا أحمل ذات الشعور بالأمل الذي لم يسبق وتملكني بهذا الشكل من قبل. المغرب لن يهزم من كرواتيا وصيف بطل العالم في المونديال السابق.
وحدث ما تمنيته من الله، وتعادل المغرب مع كرواتيا في مباراة صعبة. لكن أسود الأطلس لم يخيبوا الأمل ولعبوا بإصرار وعزم.. وثقة، حتى تم لهم ولنا ما أردنا من توفيق ونجاح.
من ثقافة النصر تستطيع قطر أن تحقق فوزاً غالياً كلنا نتمناه وننتظره بفارغ الصبر، الفوز على السنغال ليعود الأمل بإمكانية الوصول للدور التالي.
إذا تعلمنا ثقافة الفوز، فإننا سننتصر، وتكون لنا الغلبة بإذن الله.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.