إن الكتابة عن حقوق المرأة في الوقت الحاضر كالمشي في حقل مهجور لا تعرف ماذا سيفاجئك بين اللحظة واللحظة، فقد أصبح يُروج للكثير من الأفكار غير المقبولة، ومنها ما تكون طريقة عرضه مثل دس السم في العسل. الكتابة في هذا المجال تحتاج إلى جهد كبير وتركيز؛ لأن الأفكار والخبرات المتدفقة من كل حدب وصوب كإعصار يأتيك جارفاً معه كل ما في طريقه، فعليك الثبات، وللثبات عليك القراءة والاستطلاع، وأحياناً قد تلجأ لقراءة النصوص الشرعية ونصوص قوانين الدستور، وقد تضطر لأخذ استشارة قانونية من محامٍ.
إضافة إلى ذلك عليك الاطلاع على القضية التي تتناولها من وجهة نظر النساء والرجال، والمقارنة بين المجتمع الشرقي والمجتمع الغربي، وبين فئات المجتمع نفسه، ويا حبذا لو كانت هناك نماذج عملية تعرفها عن قرب على أرض الواقع، فمثلاً قضية زواج القاصر، لا تستطيع التعميم على القضية بالمطلق بالفشل، فالشرع والقانون يسمحان به، بالإضافة إلى وجود حالات ناجحة في المجتمع، وقد كتبت عن هذه القضية بإسهاب في مقال سابق.
العنف ضد المرأة، هل تعلم أن هناك نسبة من النساء يتقبلنه ويرضينه، لا بل ويبررن هذا العنف، ولا يشتكين أو يتعاملن معه بسلبية، ويكأنه أمر طبيعي من أحداث الحياة. وقد تصطدم بأن الشرع يبيح ضرب النساء في حالات معينة، وحتى تكتب بفيض عليك الاستعانة بمفتٍ يوضح لك ماهية الضرب وحالاته.
كما أن القانون لا يأخذ جميع حالات العنف التي تتعرض لها المرأة بصرامة، فمثلاً لو أن امرأة لطمها زوجها في منتصف الشارع فلا تستطيع الشكوى؛ لأن هذا الضرب ليس مفضياً لإيذاء جسدي أو إزهاق روح، ولكنه أهان كرامتها وأوجعها، فماذا تستطيع أن تفعل؟ إن من يقرأ يقول إن هذا مستحيل، ولكنه حدث ويحدث.
كنت سأطرح عدة قوانين من الدستور الأردني أتمنى التعديل عليها والنظر فيها، ولكني لا أريد تشتيت القارئ عن فكرة المقال الأساسية، وهي حقوق المرأة، كانت موجودة منذ زمن، واضحة في الشرع وموجودة في الدستور الأردني مع المطالبة بتعديل وتطوير بعض القوانين، ولكن مع ظهور أفكار مستحدثة بعضها يميل للشذوذ عن الطبيعة الفطرية، ووجود نسويات تعرضن لتجارب سيئة، أصبحن يطالبن بحقوقهن دون وعي ولا موازنة بالحاجات الفطرية للمرأة والأسرة، جعلت الكتابة عن قضايا المرأة أمراً شائكاً مجهداً، وأصبحت المرأة البسيطة حائرة بين ما يصح ولا يصح.
مؤخراً أُثيرت قضية حق المرأة في السفر وحدها والمبيت خارج بيتها، وقد تمادت بعض النسويات لتقول حق المرأة في ذلك دون علم أهلها، برأيي فإن ذلك ضرب من الجنوح والشطحات، فحتى الرجل عليه إعلام عائلته بمكان وجوده ومتى سيعود وسبب خروجه؛ لأن هذه الدنيا لا تؤمن عواقبها ولا أحداثها، لا قدر الله لو تعرضت المرأة لحادث ما، فمن أحق الناس بنجدتها والوقوف إلى جانبها؟ بالتأكيد هم أهل بيتها، فالمرأة بطبعها كائن رقيق عاطفي، وهذا لا يعيبها؛ بل يجملها، ولا ينقص شيئاً من كيانها أو كرامتها أمام الرجل، لماذا أصلاً نضع المرأة في مقارنة مع الرجل، فلكل منهما كيان، والأصل هو العدل وأخذ كل حقوقه حسب حاجاته.
على الصعيد الآخر، تظهر نساء داعمات للرجل بشكل متعنت ومندفع، ولا أعرف ما تبرير ذلك، هل الرجال بحاجة للدفاع عن حقوقهم، فهم الكيان الأقوى جسداً وقلباً، كما أن الرجال تنصفهم القوانين، وأظن أن ذلك الدفاع والاصطفاف غير المبرر بجانب الرجل ما هو إلا رغبة في الشهرة، قد أكون مخطئة؛ لكني لم أرَ ولم يمر عليَّ رجل ضحية، وإن كان كذلك فهو بكل أريحية يأخذ حقه ويتجاوز ما مر به.
أخيراً وليس آخراً، فإن قضايا حقوق المرأة تحتاج إلى دراسة جيدة، والتفكر فيها والاستطلاع حتى تتبنى موقفاً معيناً، وعليك بالمرونة، فتتقبل النقد والرفض كما تتقبل القبول.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.