العلاقات السودانية – الإثيوبية تدخل مرحلة جديدة بعد لقاء زعيمَي البلدين على هامش "منتدى تانا" الذي احتضنته مدينة بحر دار الإثيوبية قبل أيام وبمشاركة عدة رؤساء ومنظمات إفريقية، وعلى الرغم من الملفات الإفريقية الكثيرة التي تم طرحها في المنتدى فإن الصور التي جمعت آبي أحمد بالبرهان طغت على الواجهة في ظل وضع حدودي متأزم بين الجارتين.
وتعتبر الحدود الإثيوبية – السودانية من إقليم أمهرة الإثيوبي وصولاً لولاية القضارف السودانية عاصمة لتوتر عصف بالعلاقات بين البلدين مؤخراً ومثل حاجزاً منيعاً أمام تطوير العلاقات، فما قصة تلك الحدود؟
ويعد إقليم أمهرة أحد أبرز الأقاليم في النزاع الإثيوبي – السوداني وأكثرها شهرة خلال الفترة الأخيرة، نظراً للكثافة السكانية بداخله؛ حيث يقطنه قرابة 40 مليون نسمة، وهو إقليم مستقل بموجب المادة 39 من الدستور الإثيوبي التي منحت تلك الأقاليم الإثيوبية حق الاستقلال الذاتي، وتطغى على الإقليم الصراعات الداخلية حيث تطالب الأقاليم الإثيوبية المستقلة بأراضيها التاريخية التي يهيمن ويسيطر عليها "نظام أمهرة" ومن أشهر تلك الأقاليم:
"إقليم أوروميا" أحد أكبر الأقاليم الإثيوبية، وأكثرها تعداداً سكانياً، وتقطنه القومية الأكبر في إثيوبيا "شعب الأرومو" الذي يمثل قرابة الأربعين في المئة من تعداد سكان إثيوبيا، ويوفر الإقليم نسبة 80% من موارد الدولة الإثيوبية، ثم تأتي منطقة "الفشقة الصغرى الحدودية" المتنازع عليها بين الخرطوم وأديس أبابا ومناطق أخرى شاسعة مثل: جنوب "معبر "القلابات" و"باسندة" وهما منطقتان حدوديتان سودانيتان.
ويمكن القول في الوقت الراهن إن منطقة الفشقة الحدودية تعد الخيار الاستراتيجي الأنسب لنظام إقليم أمهرة.
كما تعتبر أزمة "الفشقة الحدودية " الوجه الآخر لأزمات داخلية إثيوبية بين إقليم أمهرة وبقية الأقاليم الإثيوبية الأخرى التي قادت الصراع ضد مركزية الدولة، وأطاحت بحكم الائتلاف الذي أقامه قادة إقليم التقراي، وتعد تلك الأقاليم الإثيوبية تاريخياً هي من تتحكم في تغيير نظام الحكم في أديس أبابا .
ويمكننا القول أيضاً إن أي قرار يتعلق بـ"منطقة الفشقة" هو قرار نظام أمهرة وليس نظام آبي أحمد، فعلى أرض الميدان يقود كل من "نظام أمهرة" وحليفها الإريتري الحرب ضد مسلحي إقليم التقراي في ما يمكن أن نطلق عليه مسمى "الصراع العرقي للهيمنة على إثيوبيا".
وإلى جانب أزمات إقليم أمهرة ومناطقه الحدودية المتنازع عليها، برزت اتهامات إثيوبية للسودان بدعم قوات دفاع إقليم التقراي بالإمدادات والتسليح والتدريب داخل معسكرات سودانية لشن هجمات على الجيش الإثيوبي.
أزمات حدودية مع السودان ونزاعات داخلية إثيوبية، وترقب لتداعيات نتائج "منتدى تانا" جاءت أيضاً في ظل ما يعرف بـ"أزمة سد النهضة" التي لم يتم فيها التوصل لاتفاق نهائي بين الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا.
فلا بدَّ من التوصل لاتفاقية نهائية في هذا الملف الذي يمثل هو الآخر عقبة في طريق عودة العلاقات إلى مجراها الطبيعي بين السودان وإثيوبيا.
ويمكننا القول أخيراً إنه لم يحدث أي اختراق في ملف النزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان خلال "منتدى تانا"، واختتمت القمة بدعوة للحوار لحلحلة الخلافات بين الجارتين.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.