قوبل إعلان "مجموعة السبع" الجريء تحديد سقف لسعر النفط الروسي بالتشكيك والسخرية من المعلقين والنقاد الإعلاميين في موسكو.
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان الهدف المركزي للحكومات الغربية هو محاولة الحد من عائدات روسيا من صادراتها من الطاقة. ولم تحقق العقوبات نجاحاً يُذكر في هذا الصدد، وأدت أحجام صادرات النفط التي جاءت أعلى من المتوقع وأسعار الغاز المرتفعة إلى ارتفاع عائدات الطاقة الروسية. ووفقاً لوثيقة وزارة الاقتصاد الروسية التي اطلعت عليها وكالة رويترز، تتوقع موسكو أن يرتفع حجم صادرات الطاقة بنسبة هائلة تبلغ 38% هذا العام.
وهذا هو السبب الرئيسي وراء موافقة دول مجموعة السبع- وهي: كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي- على تحديد حد أقصى لسعر النفط الروسي، بهدف الحد من عائدات الكرملين.
ما هي خطة مجموعة السبع؟
لقد فرضت دول مجموعة السبع بالفعل حظراً على مشترياتها من النفط الروسي، من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأشهر المقبلة بالاتحاد الأوروبي. تستهدف هذه الخطة الخدمات اللوجستية الرئيسية التي تسيطر عليها الدول الأوروبية- مثل الشحن والتأمين- والتي تحتاجها الدول الأخرى لشراء النفط الروسي.
وسيتم تنفيذ خطط الحد الأقصى للنفط في الوقت نفسه الذي يدخل فيه حظر الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. وسيكون هناك سقفان للأسعار، أحدهما للخام والآخر للمنتجات المكررة، وسيتم تطبيق الحد الأقصى للنفط الخام اعتباراً من 5 ديسمبر/كانون الأول مع سريان القرار على المنتجات المكررة اعتباراً من 5 فبراير/شباط 2023.
وتقول "مجموعة السبع" إن الهدف هو منع شركات التأمين وشركات الشحن من نقل النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية المنقولة بحراً ما لم يتم شراؤها عند أو أقل من عتبة سعر غير محددة.
وتسيطر دول مجموعة السبع على نحو 90% من سوق تأمين الشحن العالمي. وتحتاج روسيا إلى كمية هائلة من السفن لتصدير نفطها، وقد تواجه صعوبة في العثور على ناقلات كافية لتلبية احتياجاتها إذا رفضت شركات التأمين الغربية تغطية حمولتها. وتقول "مجموعة السبع" إنها تريد الاتفاق على مستوى سقف السعر في المستقبل القريب من قبل "تحالف عريض من الدول". وقد يعني ذلك مستهلكين كباراً للطاقة ليسوا في مجموعة السبع، مثل الهند والصين، بيد أن تلك البلدان لم تعط بعدُ أي إشارة إلى أنها ستشارك في هذه الخطة.
كيف سيعمل سقف سعر النفط؟
كانت حكومة الولايات المتحدة المحرك الأكبر لهذا المخطط، فبعد التوصل إلى الاتفاق، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين: "من خلال الالتزام بوضع اللمسات الأخيرة وتنفيذ حد أقصى للأسعار، ستقلل مجموعة الدول الصناعية السبع بشكل كبير، المصدر الرئيسي لتمويل روسيا لحربها غير القانونية، مع الحفاظ على الإمدادات لأسواق الطاقة العالمية من خلال الاحتفاظ بتدفق النفط الروسي بأسعار أقل".
وهذا هو الهدف الرئيسي للخطة: الحفاظ على تدفق النفط الروسي ولكن بأسعار مخفضة؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى زيادة تضخم الأسعار. والفكرة هي أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي لم تفرض حظر استيراد النفط الروسي ستظل قادرة على شراء النفط الروسي. ومع ذلك، سيتم منعها من استخدام خدمات التأمين والشحن المختلفة إذا تجاوزت الحد الأقصى للسعر. وتأمل مجموعة السبع أن حقيقة أنه لا يزال بإمكانها شراء النفط ستجعلها أكثر عرضة للمشاركة.
رد الكرملين
وقبل وقت قصير من الإعلان عن اتفاق الحد الأقصى للسعر، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن مثل هذه الخطوة ستكون "قراراً سخيفاً" وستؤدي إلى فوضى في أسواق النفط الدولية.
وتقول روسيا إنها لن تبيع أي نفط للدول المشاركة في خطة سقف النفط. وفي اليوم نفسه الذي تم فيه الاتفاق، أعلنت روسيا أنها قطعت إمدادات الغاز عن أوروبا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" إلى أجل غير مسمى. وألقت باللوم على العقوبات الأوروبية في هذه الخطوة، قائلةً إنها لا تستطيع إجراء صيانة عاجلة.
ما هي مخاطر المخطط؟
هناك احتمال ألا تقوم الدول غير الأعضاء في مجموعة السبع بالتسجيل ببساطة. والمستشار الألماني أولاف شولتز من بين أولئك الذين كانوا متشككين بسبب هذا. قال الشهر الماضي: "لا يمكنك أن تفعل ذلك من جانب واحد ولكن فقط بالتعاون الوثيق مع العديد من الآخرين. وإلا فلن يتحقق شيء".
وتأمل الحكومات الغربية أنه حتى لو لم توقع الدول، فإن مشتري النفط الروسي يتوقعون أسعاراً أقل بسبب المخطط. وقد يؤثر هذا بشكل غير مباشر على قوة الكرملين في الكسب نتيجة لذلك.
ومع ذلك، فإن النفط الروسي بالفعل أرخص بكثير في الوقت الحاضر من العديد من البدائل. هذا هو السبب الرئيسي وراء تحول دول مثل الهند فجأة إلى مشترين كبار للنفط الروسي في عام 2022. ويمكن لهذه البلدان ببساطةٍ أن تختار الاستمرار في شراء النفط الروسي بالكميات نفسها أو بكميات أكبر.
والاحتمال الآخر هو أن روسيا ستصدّر كميات أقل من النفط لمحاولة رفع الأسعار العالمية، بالطريقة نفسها التي فعلت بها مع إمدادات الغاز إلى أوروبا. ومع ذلك، فإن هذا بحد ذاته يحمل مخاطر بالنسبة لموسكو. ويمكن أن يؤدي الانخفاض الكبير في إنتاجها إلى الإضرار بخزاناتها وخفض قدرتها على المدى الطويل.
وربما يكون مجال الاهتمام الرئيسي هو الإنفاذ. مع عدم الكشف عن تفاصيل الخطة بعد، هناك عدم يقين بشأن كيفية قيام مجموعة السبع بالضبط بفرض خطة الحد الأقصى للسعر. وأعربت شركات تأمين الشحن بالفعل عن قلقها من أنها قد تكون مسؤولة عن التحقق من سعر النفط الذي من المقرر أن تحمله. لذا فإن الجدوى النهائية للخطة ستعتمد على التفاصيل الصغيرة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.