تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي للداعية فضاءً متعدد الغايات؛ فهي وسيلة تواصلية شخصية، وقناة للفتوى والاستشارات الخاصة، ومنبر لطرح الأفكار ونشر الكلمة الطيبة، كما أنها وسيلة لرسم الصورة الذهنية عن الداعية وشخصيته وتسويق ذاته؛ إلا أن ضعف إدارة الوجود بالنسبة للشخصيات الاعتبارية والمجتمعية على هذه الشبكات يعتبر سوء إدارة للسمعة، وقد يعطي آثاراً عكسية سلبية على مستوى الخطاب الدعوي الإلكتروني.
ومن أجل وجود هادف وممنهج للداعية على شبكات التواصل الاجتماعي أقدِّم هذه التوجيهات العشرين للمشايخ والأئمة والمربين والمربيات والقدوات المجتمعية؛ من أجل استعمال سليم وظهور صحيح ومخاطبة جيدة للجمهور الإلكتروني.
- أنت شخصية عامة لا تحمل صفة القداسة ولا العصمة؛ ومن تصدر للشأن العام وجب عليه تقبل نقد ورأي الآخرين؛ أبقِ صدرك واسعاً.
- حسابك أداة من أدوات الرباط الإلكتروني، ومنبر لنشر الكلمة الطيبة، وينتظرك الناس لإبداء رأيك لما يلتمسونه فيك من خير؛ فلا تغادر ثغرك.
- تجنب الانفعال في المنشورات والتعليقات، ولا تجعل السوشيال الميديا وسيلة لتفريغ الشحنات النفسية، اجعل حساباتك هادئةً ناضجة.
- لا ترد على كل تعليق ولو كان مسيئاً، فالكثير من التعليقات سيتم تداولها مقتطعة عن سياقها الذي جاءت فيه وعن منشورها الأصلي.
- لا تدخل في الثنائية والشخصنة بالمنشورات والتعليقات، ركز مع عالم الأفكار.
- عند الإساءات يمكن حذف التعليق أو الحجب، وإياك أن تتحول للخاص والجدال الشخصي فيه، تأكد أنك تعطي للآخر مقلاعاً كي يرجمك؛ ثم ينشر الحوار الخاص كأنه مظلوم.
- لا تخُض في كل قضية، فليس كل ما يعرف يقال، ولا تكن في كل واد من الهائمين.
- رحماء بينهم؛ منهج قرآني حياتي، ترفق في نقدك لإخوانك الدعاة والعاملين في أخطائهم واجتهاداتهم، لا تكن معول هدم لقلاعنا القليلة ولو لم تعجبك أو تخالفك فيما يسع فيه الخلاف.
- الميديا ساوت بين الناس، عليك تقبل هذا، أنت لست هنا شيخاً كما في مسجدك، أنت على حساب من حسابات التواصل الاجتماعي فقط، وهنا يتساوى الجميع ويحق للكل الحديث.
- كن حذراً في التواصل على الخاص حالة الاستفتاء والاستشارات من الجنس الآخر؛ فاحذر من لين الكلام أو الخضوع بالقول، واجعل للأوقات حرمة ولحسابك هيبة؛ فلا تطرقه امرأة في وقت متأخر؛ وللميديا آداب وذوقيات.
- أنت لا تفقه بكل شيء، والناس تتابعك فيما تفقهه؛ فلا تدلُ بدلوك في كل موضوع، فتساهم في تشويش العقول، والكثير لا يستطيع تجريد صفتك وعلمك عن منشورك ورأيك خارج التخصص، فأنت في قضايا السياسية ويوميات الناس تختلف عن قضايا تخصصك؛ أنت عامي في القضايا العامة البعيدة عن مجالك؛ ولا تتوقع أن يحمل الناس فكرتك بتقبل بالغ.
- حياتك الخاصة ليست للنشر، اجعل لنفسك خصوصية، ولا تعرض عائلتك وبرامجك الأسرية للتقييم المجتمعي.
- تجنب نشر كل ما يصلك من أخبار فلست وكالة أنباء؛ وتنبه لما لا يصح فأنت مُصَدق لدى الناس؛ وكفى بالمرئ إثماً أن يُحَدِّث بكل ما سمع.
- تجنب تجريح الهيئات وغيبة الأشخاص والانخراط في الحملات ضد جهات محددة؛ ودع عنك الجدال فإن المِرَاء لا يأتي بخير.
- جميل أن يراك الناس في الحملات التوعوية ومبادرات النصرة؛ فلا تترك "هاشتاجاً" لحملة عادلة أو طاهرة وإلا كنت سباقاً بالتغريد والنشر.
- انقطاع نشرك وتحولك لمتابع صامت يُحَجِّم تأثير منشوراتك ويجعل قدرة وصول منشوراتك ضعيفة؛ هكذا حَكَمَت خوارزمية التواصل الاجتماعي؛ فكن حاضراً فاعلاً دون غياب، ولا تكثر النشر فيظن الناس أنك فارغٌ عاطل.
- اقرأ ما كتبته قبل نشره، وتأكد من الأخطاء اللغوية، وتجنب الإطالة وحِدَّة المصطلحات؛ وتخفف من الفكاهة المُذهِبَة للهيبة؛ ولا تتردد في التراجع عن منشور راجعك فيه إخوانك.
- لا تجعل غايتك جمع اللايكات ولو عبر النشر العبثي، بل لتكن غايتك الحقيقة والكلمة الصادقة، وقضايا تعدد الزوجات قضية خلافية في مذاهب وأذواق وأقوال الناس ليوم القيامة؛ فلن تحسمها بمنشورك.
- لا تجعل كل ميدانك الدعوي في الشاشات الإلكترونية، ينتظرك عمل كبير في الخارج، وتوجد ساحات متعددة تنتظر جهدك، والميدان الحقيقي هو المحك.
- احتسب ما تنشره، وخير الناس من يخالط الناس -ولو إلكترونياً- ويصبر على أذاهم.
ختاماً..
تأكد أن كلمتك مؤثرة وحروفك مسؤولية، وأن البعض يرقبها، وأن منشوراتك قد تغير قناعاتٍ وتخترق عقولاً وتنير الدرب للكثيرين، فنحتاج لوجود قوي ورشيد وقول حكيم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.