السبب الرئيسي لاهتمام نادي ساوثهامبتون الحالي بلاعبي مانشستر سيتي، تحديداً لاعبي الأكاديمية، هو استقدام ساوثهامبتون لجو شيلدز، مسؤول التعاقدات ومدير المواهب سابقاً في أكاديمية مانشستر سيتي، ليشغل منصب رئيس الكشافة وقسم التعاقدات بفريق ساوثهامبتون الأول.
شيلدز الذي عمل مع مانشستر سيتي لمدة 9 سنوات، وذلك بعد أن رصدته إدارة بطل إنجلترا وأُعجبت بعمله مع فولهام وكريستال بالاس، كان سبب مباشر بانضمام عدة مواهب بارزة الآن إلى أكاديمية مانشستر سيتي -لعل الاسم الأشهر هو جادون سانشو- الذي لمع نجمه مع بروسيا دورتموند قبل انتقاله إلى الغريم مانشستر يونايتد.
إدارة أرسنال في عام 2019 كانت مهتمة بالاستفادة من خبرات جو، لكن رفضت إدارة مانشستر سيتي التخلي عنه وقتها.
إدارة تشيلسي الجديدة حاولت استهدافه، قبل نجاح ساوثهامبتون بالظفر بخدماته، حيث يسعى النادي الذي يقوده رالف هازنهوتيل أن يبني مشروع قائم على أسماء شابة، يُمكن الاعتماد عليها ومنحها دقائق لعب أو الاستثمار بها.
يأتي هذا التعيين بعد افتتاح نادي ساوثهامبتون مختبر تعليمي في شهر مارس/آذار الماضي، في محاولة لتطوير المواهب الصغيرة والأفكار التدريبية بالاعتماد على النهج البيئي! وأيضاً بعد أن تم الكشف من فترة قصيرة عن تعاون جرى بين أكاديمية ساوثهامبتون وفلويد وودرو، جندي سابق في قوات الخدمات الخاصة البريطانية للعمل على تطوير شخصية لاعبي الأكاديمية.
تعتبر إدارة ساوثهامبتون أن الظفر بخدمات جو هو واحدة من أفضل صفقات النادي في هذا العهد وصفقة المستقبل التي تُعتبر حجر الأساس للمشروع القادم، وذلك لخبراته الهائلة وتحليلاته وقراءته الفريدة لتوقع مسار تطوّر اللاعبين، خصوصاً الشباب منهم.
مختبر تعليمي لكرة القدم
العلم أخذ كرة القدم إلى مستوى آخر. إلى مكان أبعد بكثير مما نتخيّله الآن أو ما كنا نتخيّله يوماً.
نادي ساوثهامبتون قرر إطلاق مشروع فريد من نوعه وللمرة الأولى في كرة القدم، وهو افتتاح مختبر تعليمي، بالتعاون مع بعض قادة الفكر والمؤسسات الأكاديمية والجامعات، في محاولة لتطوير مواهب كرة القدم والأفكار التدريبية.
هي شراكة بحثية رائدة بين النادي وشبكة من المؤسسات الأكاديمية والجامعات مثل ليدز بيكيت وجلوستر وبورنموث، حيث يهدف هذا المختبر لمحاولة لفهم كيفية تعلم البشر واكتسابهم واستخدامهم لمهارات جديدة بشكل أوسع.
بقيادة مالكولم فريم، رئيس قسم علم النفس في نادي ساوثهامبتون، وأندرو دي ويلسون من جامعة ليدز بيكيت، سيجمع المختبر مزيج فريد لم يسبق له مثيل في عالم كرة القدم، حيث يجمع بين: التكنولوجيا المتطورة والبحوث المعاصرة.
المختبر ليس مجرد غرفة في ملعب التدريب – بل هو مركز التدريب.
في البداية سيكون موطناً لثلاث دراسات دكتوراه:
– استخدام الواقع الافتراضي في التدريب الرياضي (بقيادة جون كونولي من جامعة ليدز بيكيت ونادي ساوثامبتون).
– المناهج البيئية للتدريب (بقيادة جيمس جرانت من جامعة جلوستر).
– نماذج علم النفس في نادي ساوثهامبتون (بقيادة ستيف روليز من جامعة بورنموث).
صحيح أن اللاعب هو المستفيد الأكبر من هذا المشروع، لكن نادي ساوثهامبتون يبحث عن طرقه الخاصة للوصول إلى القمة؛ طرق مختلفة وأبعد بكثير عن كونها طرق تقليدية.
ماذا يعني "النهج البيئي"؟
إن فهم ما سيفعله المختبر يتطلب فهماً للنهج البيئي للتعلم واكتساب المهارات، وكيفية تأثير الظروف المحيطة بالقرارات التي يقوم بها اللاعب. قد يبدو هذا أحياناً مبدأ نظري بعيداً عن الممارسات، بالنسبة للشخص العادي على الأقل.
قام روب جراي، الأستاذ المساعد في هندسة الأنظمة البشرية بجامعة ولاية أريزونا، بعمل جيد في شرح واستكشاف النهج البيئي، من خلال برنامجه Perception & Action Podcast، وكتاباته ومقاطع الفيديو الخاصة به على اليوتيوب.
يتحدث روب عن لعبة الكريكيت، لكن المبادئ تنطبق على الرياضات الأخرى، بما في ذلك كرة القدم.
إن النهج التقليدي لاكتساب المهارات هو أن هناك أسلوباً مثالياً واحداً، وطريقة واحدة مثالية للركض أو ضرب الكرة التي سنعلمك إياها من خلال التكرار.
يقول جراي: "البديل هو أنه لا توجد دائماً طريقة واحدة مثالية ويحتاج الجميع إلى العثور على الطريقة التي تناسبهم. إنك تكرر النتيجة، لكن ليس بتكرار نفس الحركة أو الخطوات. الفكرة هي أننا ما زلنا نريد نفس النتيجة -أداء ثابت- لكننا نحقق ذلك ليس من خلال تقلّب واحد فقط قابل للتكرار ولكن من خلال تقلبات متعددة قابلة للتكرار".
يُكمل جراي: "لقد حصلنا على ذلك من خلال إضافة المزيد من التباين أثناء الممارسة العملية. الغرض هو القدرة على التكيف، لتعلم كيفية حل مشاكل الحركة المختلفة، لتعلم كيفية التحرك والتصرف وفقاً للظروف المحيطة المختلفة".
كتب ويلسون أيضاً على نطاق واسع حول النهج البيئي في مدونته الخاصة. في بعض النواحي، هناك أوجه تشابه مع مباريات الشوارع، والتي تحدث وكتب عنها مدرب الرجبي الإنجليزي السابق بريان أشتون.
يقول أشتون: "نهج مباريات الشارع، أعني به إعطاء اللاعبين إحساساً بالمشاركة في صنع القرار والتخطيط والكثير من الارتجال. هذا يعني دمج اللاعبين بشكل كامل بتلك الأحداث".
تحدث بول ماكجينيس، رئيس تطوير اللاعبين في ليستر سيتي والمدرب السابق لفريق تحت 18 عاماً في مانشستر يونايتد كثيراً عن هذه المواضيع أيضاً.
يقول بول: "إن لاعبي كرة القدم خبراء في حساب الوقت والمساحة والسرعة والدوران في المواقف التي يتعرضون فيها للضغط".
كما أطلقت ألمانيا مؤخراً لوائح جديدة غيرت طرق تدريب كرة القدم ولعبها من قبل فريق تحت 11 سنة، فيها الكثير من المتعة والتعلّم.
أوضح الاتحاد الألماني: "تهدف الأشكال الجديدة من أساليب اللعب تلك إلى توفير فرص أفضل للأطفال للعب كرة القدم بطرق تجعلهم يُشاركون باللعب أكثر ويلمسون الكرة بشكل مستمر".
سيلعب نادي ساوثهامبتون دوراً مركزياً في المختبر التعليمي، حيث يعمل النادي على إنشاء مساحة تجتمع فيها الأبحاث والممارسات. فالنادي يُريد تعزيز فكرة الثقافة البحثية والأساليب المتطورة للتعلّم وحل المشكلات. فالتعلّم هو مفتاح تطوير اللاعبين.
في فبراير الماضي، أطلق نادي ساوثهامبتون قسماً جديداً للتطوير التقني برئاسة إيان برونشويلر، الذي سيُشارك أيضاً بشكل كبير في المختبر التعليمي. ستكون أكاديمية النادي جزءاً من ذلك المشروع.
هذا المشروع، هو أمر غير مستغرب أبداً من نادٍ مثل ساوثهامبتون، الذي تميز في السنوات الماضية بتقديم أفضل المواهب واللاعبين في إنجلترا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.