"أنا هنا من أجل الانتقام" هكذا راهن صلاح بشكل مباشر على مباراة النهائي وأشعل حرب تصريحات ما قبل المباراة رامياً بعيداً كل الدبلوماسيات وبروتوكولات مواجهة "بعبع" دوري الأبطال ريال مدريد. بتصريحاته أعلن عن ضربة بداية مبكرة لمباراة اعتاد عليها الجميع؛ لأنها الأكثر تكرراً عبر التاريخ في الدور النهائي لدوري أبطال أوروبا.
ريال مدريد من جانبه سيدخل النهائي الثامن له بالنظام الجديد حيث حقق الفوز في كل النهائيات السبع السابقة منذ تغيير نظام البطولة في عام 1992، ولكن ما يجب ذكره أيضاً أن آخر نهائي خسره الميرينغي عام 1981، وليس هذا فحسب؛ بل أمام ليفربول وكذلك كان النهائي مقاماً في فرنسا التي ستستضيف نهائي هذا العام في ملعب استاد دو فرانس بالعاصمة باريس، والتي استضافت نهائي 1981 في ملعب حديقة الأمراء.
هل تكتمل بطولة مدريد التاريخية بالرابعة عشرة؟ أم ينهي ليفربول بقيادة محمد صلاح الموسم ببطولة تكرم ما قدموه من موسم أكثر من جيد؟
شخصية البطل أم حظ مدريد؟
"الحظ دائماً يقف بجوار مدريد" هكذا يؤمن كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد قبل المباريات الهامة والبعض أيضاً يعتقد بالسحر الأبيض الذي يسمونه باسمه السحري، "شخصية البطل".
ذلك السلاح الذي يعيدك من الطائرة العائدة لمدريد بعد حسم الخروج في مباراتين بحجم باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي إلى استاد "دو فرانس" في النهائي السابع عشر.
تلك شخصية البطل التي عرفها دوري الأبطال جيداً عندما فاز مدريد في 13 نهائياً من أصل 16 بنسبة نجاح قاربت الـ80%.
ولكن ربما ما يختلف في نسخة ريال مدريد هذا العام عن نسخ الأعوام الماضية هو أنه وعلى رغم من الفوز وإقصاء منافسين أقوياء فإنه لا يمكننا أن نعتمد على الجانب الفني عندما نتحدث عن أسباب الفوز. الأداء الذي يقدمه ريال مدريد قبل الانفجار الذي تكرر خلال الدور نصف نهائي وربع النهائي وثمن النهائي كان دائماً ما يكون غير مريحٍ لمشجعي مدريد، ولكنهم كانو ينتظرون دائماً الحل في حلول فردية تقدم من لاعبيه يتبعها الضغط الجماهيري والحماس، وبالتأكيد قبل كل ذلك قميص ريال مدريد الذي لو كان يلعب وحده لاستطاع تحقيق ذلك، خصوصاً أمام فرق تفتقد مثل تلك الشخصية والهوية كباريس سان جيرمان ومانشستر سيتي.
بالتأكيد ما يقدمه أنشيلوتي حتى الآن في دوري الأبطال لا يستحق عليه تحقيق اللقب، وتخصيصنا لأنشيلوتي بعيداً عن ريال مدريد هو أنه في لاعبي ريال مدريد من قدم أداءً بالطبع يستحق عليه البطولة مثل بنزيمة الذي أصبح هداف البطولة الحالية، ومودريتش ولمساته التي كانت مؤثرة بشكل مرعب في العديد من المباريات الصعبة.
والجميع ينسى السلاح السري والصفقة الأقوى التي عادت بعدما تواجدت في فترة زيدان الذهبية وهو أنطونيو بينتوس، مدرب أحمال ريال مدريد، والذي يجب أن يتم تسليط الضوء على هذا العبقري، ففي شهر يناير/كانون الثاني في بداية العام خرجت بعض الأخبار تتحدث عن وضع خطط بدنية صعبة وشاقة؛ ليتم تجهيز اللاعبين بدنياً لآخر ثلاثة أشهر في الموسم ليكون اللاعبون في أفضل حالاتهم بدنياً.
وبمجرد قراءتك لذلك ستتذكر بالطبع التوقيتات التي عاد فيها مدريد في مبارياته الأخيرة كانت دائماً في النهاية، ذلك الوقت التي تقدم الفرق أسوأ أداء لها؛ نظراً للإرهاق البدني، وبالنظر لانعدام ثقافة تدوير اللاعبين لدى كارلو أنشيلوتي الذي يعتمد على ثلاثي خط وسط يشارك بنسبة مهولة وبشكل أساسي في كل مباريات الفريق، سواء في الدوري أو الكأس أو حتى مع أولاده في المنزل، إلا أن الثلاثي ما زال متمسكاً ومحافظاً على أدائه.
وبالطبع السلاح السري الذي ظهر للعلن هو كريم بنزيمة الذي نال الحظ في وضع صورته على الصفحات الأولى كمنقذ مدريد ورقم 1 في الفريق لأول مرة بعدما حسمت أهدافه أغلب ما مضى من مباريات، وهذا ما سيجعله يحارب على البطولة القادمة؛ ليتذكر الجميع في المستقبل ما قدمه من أداء سيكتب في التاريخ وتعنون البطولة باسم بنزيمة؛ بل وتحسم له لقب الكرة الذهبية.
صلاح.. ستسير لوحدك هذه المرة
وإذا حضر بنزيمة حضر في الذكر صلاح، الذي صدر نفسه في كل وسائل الإعلام كمنافس مباشر لريال مدريد؛ ليستعيد الأضواء من ماني الذي كان بدأ في سرقة الضوء منه بعد انتصاراته المتعددة، فصلاح الآن خاطر بكل شيء أمام نادٍ يخاف الجميع من تحديه، فبعد تصريحاته بأنه يتمنى مدريد في النهائي عاد، وأكد على ذلك بعد تأهل الريال ليقول إنها مباراة انتقام بالنسبة له، وبعد ذلك في المؤتمر الصحفي زاد تأكيداً على ذلك بقوله إن كريم بنزيمة لو تعرض لما تعرضت له من إصابة في النهائي أمام مدريد كان سيفهم ما أقصد، مضيفاً أنها كانت أسوأ لحظة في مسيرته.
المفاجئ أن جميع مَن في ليفربول تخلوا عن صلاح في تلك المعركة، ساديو ماني خاف من الدخول في تلك المعركة، وقال ساخراً في تصريحات لسكاي سبورت إنها معركة صلاح وحده، كذلك كلوب أكد أنه ضد فكرة الانتقام في كرة القدم، وأنها لا تجلب لك البطولات. كذلك أليسون وهندرسون كانوا ضد تصريحات صلاح مع تبريرات بأنه لا يقصدها بالمعنى الحرفي.
صلاح الذي أكد أن الأمر بالنسبة له مسألة شخصية، وأن هناك حساباً يجب تصفيته استقبل تصريحات بقبول التحدي أيضاً من عدة لاعبين في ريال مدريد؛ لتشتعل القمة قبل بدايتها ولنتنبأ بقمة ستحمل عداوة كروية وحماسة وشراسة في اللعب.
ولكن هل ما قاله صلاح هو ثقة زائدة عن الحد في لاعبي الفريق؟ أم أن بعد عودة ليفربول للمنافسة على الدوري من بعيد والذهاب للجولة الأخيرة قبل حسم السيتي اللقب هي بمثابة خيبة أمل للاعبين يريد صلاح أن يجدد فيهم الأمل والحماسة والطموح قبل مباراة لا يريد خسارتها مجدداً أمام نفس الفريق.
ليفربول أيضاً أصبحت لديه بعض الأسلحة الجديدة مثل دياز، الذي بدأ في الدخول في الملعب والفريق والمباريات، بل وبدأ في التأثير في نتائج المباريات مثله مثل رودريغو في مدريد، إلا أن دياز قد يكون لاعباً أخطر في تحركاته اللاتينية بالكرة من رودريغو.
ولكن يظل ليفربول يحمل علامات استفهام كبيرة جداً على الأداء الدفاعي الذي أصبح يستقبل العديد من الأهداف بسهولة في الفترة الماضية، وأيضاً شراسة الهجوم التي بدأت تقل تدريجياً في الآونة الأخيرة وضياع الفرص أمام المرمى، والتي رأينا أن حسابها غالٍ جداً أمام مدريد، خصوصاً بعد فرص مانشستر سيتي في نصف النهائي.
فمن يحسم ذات الأذنين؟
ربما نتحدث عن شخصية مدريد وأسلحة ليفربول، ولكن تظل المباراة التي نتوقع أنها ستكون حذرة، ولكن بروح الحماسة والهجوم والفرص، أرى فيها أنه لو ظل أنشيلوتي يعتمد على نفس الأسلوب الذي اعتمده فيما مضى دون التفكير في أساليب جديدة أو تغييرات جديدة في افتراضات وتوقعات ما يمكن حدوثه في المباراة، فإنه سيكون تسليماً علنياً للكأس للألماني كلوب الذي لابدَّ أنه يعرف كما يعرف الجميع تغيير كامافينغا ورودريغو المعتاد.
وأيضاً لو لم يستطِع كلوب السيطرة على لاعبيه بشكل نفسي وإعدادهم نفسياً بشكل جيد، فإنه من السهل على لاعبيه خسارة المباراة نفسياً قبل نهايتها؛ نظراً لضعف ثقتهم في أنفسهم في الآونة الأخيرة.
وما أعتقده في الأقرب للحدوث هو بطولة جديدة لمحمد صلاح وليفربول يكتب بها تاريخاً جديداً وانتقاماً يتذكره الجميع في كرة القدم، ولكن تظل شخصية مدريد في النهائيات سلاحاً لا يستهان به ولا يمكن لأحدٍ أن يحسم توقعاً ضد ريال مدريد قبل المباراة أو حتى لو كانت النتيجة بفارق عشرة أهداف فمع ريال مدريد لا ينهي المباراة إلا صفارة الحكم.
ولكن يظل دعم العرب والمصريين لمحمد صلاح ولرؤيته يحقق البطولة التي تقربه بشكل كبير من تحقيق الفوز بالكرة الذهبية كأول لاعب عربي في التاريخ.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.