موريس بوكاي.. قصة طبيب فرنسي حلل جثة فرعون فأسلم انبهاراً بالإعجاز العلمي للقرآن!

عدد القراءات
2,973
عربي بوست
تم النشر: 2022/05/24 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/24 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
الطبيب الفرنسي موريس بوكاي

وُلد الطبيب الفرنسي موريس بوكاي ببلدة بون ليفاك "جسر الأسقف"، الواقعة بإقليم النورماندي بفرنسا، في العام 1920.

سجلته عائلته البورجوازية في ثانوية كاثوليكية، على أمل أن يتخصص في الطب لاحقاً، ثم وهو طفل في الخامسة عشرة من عمره، كان يطالع في العام 1935 على شاشات التلفزيون اكتشافاً علمياً جديداً بالعثور على دلائل مادية بجنوب إسبانيا ترجع ظهور الإنسان إلى 15.000 سنة.

لم ينم موريس تلك الليلة؛ بسبب ما ألقاه ذلك الاكتشاف من "شقاق" بين عقله وقلبه، وهو يقارن بين ما كتب في الإنجيل وما نطق به الاكتشاف العلمي الجديد.

موريس بوكاي
موريس بوكاي

في اليوم التالي كان يسأل أستاذه في القسم: "أي الأمرين أصدق؛ الكتاب المقدس الذي بين يدي والذي يرجع الظهور الأول للإنسان إلى 4000 سنة قبل ميلاد المسيح، أم الاكتشاف العلمي المادي الذي يعود بنا إلى 15000 سنة؟". 

لم يتقبل الطفل جواب المعلم وهو يقول له: "إذا تعارض العلم مع الكتاب المقدس، فعلينا أن نصدق الكتاب ونكذب العلم"، لذا فقد صاح موريس مجادلاً:

– مستحيل ألا "يتوافق" الدين مع العلم، إذا لم يحدث ذلك فيعني ذلك أن الدين غير صحيح.

لا أحد توقع أن تلك الحادثة ستجعل من ذلك الطفل المجادل والمتشكك والباحث زعيم "التيار الكونكوردي" التوافقي الذي يطابق العلم بالدين، ضداً عن "التيار الديسكوردي" الذي يفاضل بينهما، وأكثر من ذلك سيهدم جسر الأسقف، ليبني بدله جسراً جديداً سيعبر بالكثيرين في مجتمعات الغرب وغيرها، نحو الإسلام.

في العام 1976 اعتلى ذلك الطفل، وقد صار طبيباً وأستاذاً في الطب عمره 56 سنة، منصة أكاديمية الطب الوطنية الفرنسية ليعلن أمام نخبة من العلماء بحثاً جديداً لم يخطر بباله أنه سيغير مجرى التاريخ الديني.

-إن ما يقدمه القرآن، خلافاً للإنجيل والتوراة، أكثر توافقاً مع العلم الحديث. يستحيل أن يكون ما ورد فيه قد كتبه إنسان "بدوي" يقيم في الصحراء منذ 14 قرناً.

سيعرف العالم أن ذلك الكتاب الموسوم "التوراة والإنجيل والقران والعلم" كان فتحاً غير مسبوق، إذ حقق مبيعات خيالية في الأسواق والمكتبات، فطبع منه 140.000 نسخة في ظرف وجيز، ثم تجاوز الملايين بعد ترجمته إلى سبع عشرة لغة، كما سيذكر أن سليل ابن مدينة جسر الأسقف هو أول من نطق كلمة "القرآن" في أعظم أكاديمية طبية في أوروبا.

ويذكر أيضاً أنه عمل  كطبيب شخصي للملك السعودي فيصل بن عبد العزيز عندما كان في السعودية.

1/ تأثر بالمرضى المسلمين ودرس العربية في الخمسين من عمره

موريس بوكاي
موريس بوكاي

تقول رواية إن اهتمام موريس بالإسلام بدأ عندما كان جالساً ذات مرة بأحد المقاهي الشعبية بالمغرب، فقد راقه المظهر الاجتماعي الأخلاقي، عندما هب مارة وجالسون لجمع فواكه وخضار تطايرت من عربة بائع جائل، لا يعرفه أحد.

أما هو فيكشف في محاضراته وتسجيلاته المصورة، خاصة تسجيل شيكاغو الشهير للعام 1987، أن احتكاكه بالمرضى من الجاليات المسلمة كان البداية لكل شيء تقريباً، ربما أعجبه الاطمئنان والثقة القدرية التي تجعل تقبل فكرة الموت فطرة حياتية، وهو يفصح عن أن نقاشاته العديدة والمتواصلة على مدار أعوام لفتت نظره إلى أنهم يتحدثون عن القرآن،  وينهشون عقله الجاهز للشك بأفكار تناقض ما لقنته له المدارس، التي تعتبر القرآن نصاً كتبه النبي محمد، من وحي الأساطير والخرافات المتسربة من ثقافات وديانات سابقة، ولكي يتبع نبراس الحقيقة وقد بلغ مكانة مرموقة في الطب وعلم الوظائف الفسيولوجية إلى جانب دراساته في علوم التشريح الموميائي والمصريات "ايجبتولوجي"، فقد قرر أن يطلع بنفسه على القرآن، وتخيل أن موريس سيعود إلى جامعة السوربون باريس ليجلس في مقاعد القسم ليتعلم اللغة العربية، وهو في الخمسين لينفق من عمره سنوات اطلع فيها على القرآن وكتاب الأيام لطه حسين، وسريعاً ما أدرك كما قال: "إن أسلوب القرآن أرقى تعبيراً من لغة الكتّاب".

ويذكر أيضاً أنه عمل  كطبيب شخصي للملك السعودي فيصل بن عبد العزيز عندما كان في السعودية.

2/ أول من نطق كلمة "قرآن" في الأكاديمية الطبية الوطنية بباريس

موريس بوكاي
موريس بوكاي

يجب أن نعرف أن موريس لم يكن يفعل ذلك من أجل فكرة عقائدية أو دينية، بل من أجل ما اعتقد منذ الصغر من نظرة توافقية بين النص الديني والعلم المادي، ودونما ازدراء للكتب المقدسة التي ظل يحترمها.

وحتماً أصيب بالذهول مما اكتشف في القرآن من إشارات علمية عدة، فالآيات التي تتحدث عن الكون والكواكب وأصل الحياة والخلق والأجنة والفلك كثيرة العدد ودقيقة التعبير، لدرجة أنه جمعها وبوبها حسب التخصص، ثم راح يطابق بين معانيها الدقيقة بما كسبه من تعلم للعربية أو باستشارة الضالعين فيها من العرب أو من صديقه المستشرق جاك بيرك.

ولسوف يصاب الرجل المجتهد بالذهول خاصة في الآيات التي تتناول نشأة الأجنة والتكاثر، ففي سورة العلق آية تقول "خلق الإنسان من علق"، أي من شيء يعلق، ثم قرأ آيات أخرى تشرح كيفية تشكل الجنين في الرحم، منها آية سورة المؤمنون "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً"، ثم آية سورة الحج "خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ"، ثم آية في سورة السجدة "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ"، ولسوف ينتهي بالقول بأن ما قرأه من آيات في القرآن تتطابق بشبه كامل مع مسلمات العلم الحديث، حول طريقة التكاثر وتشكل الأجنة في الأرحام.

ثم عندما راح يتجول في آيات الفلك السابح والجبال الأوتاد، والقمر النور والشمس السراج والدخان "الغاز"، ختم بالقول: "لم أعثر في القرآن على شيء يناقض العلم".

حصد كتابه ومؤلفات أخرى ذلك عدة جوائز أكاديمية وطبية في فرنسا وأمريكا، بيد أنه لم ينجُ من حرب شنت ضده، تسفيهاً لأقواله واعتبار أن المدرسة "البوكابية" انتقاص من تعاليم المسيحية وإطراء للإسلام، فتعرض لحملات شرسة من الكنيسة وعدة دوائر علمية وأدبية، واجهها بصبر رغم الألم الكبير الذي سببته تلك الهجومات، قائلاً: "وظيفتي أن أقول ما أراه حقيقة".

موريس بوكاي

3/ علاجه لشقيق أنور السادات فتح له الطريق إلى فرعون موسى 

موريس بوكاي

كان موريس يتردد على مصر، للاطلاع على علم المصريات الذي أولع به، إذ كثيراً ما كان يجوب المقابر الفرعونية والمتاحف. وتشاء الصدف أن يصاب عصمت شقيق الرئيس الراحل أنور السادات بمرض تطلب جراحة، فطلب منه أن يجري له عملية جراحية، فكان ذلك ووفق أيما توفيق، فشكره الرئيس على إنقاذ شقيقه، مقرراً مكافأته بأية خدمة يريدها، فأجاب "الاطلاع على المومياوات المحفوظة"، وكان له ذلك بأمر استثنائي سينتهي باكتشافات مذهلة تعزز ما كان توصل إليه في أن القرآن نص خارج تأليف البشر.

كان بوكاي يعرف بحكم النصوص التوراتية، أن قصة فرعون وموسى أكثر القصص شيوعاً، كما جرد فيها ملاحظات تاريخية تؤكد الخلل والتناقض، أو عدم الدقة، لقد لاحظ مثلاً أن القرآن يتحدث عن ملك في عصر يوسف، ويستعمل لفظة الفرعون في قصة موسى، وكان ذاك شديد الدقة لما علم أنه في عصر يوسف كان الحاكمون لمصر هم الغزاة الهكسوس القادمين من العراق، لذلك لم يكونوا فراعنة ولا المصريون عدوهم كذلك؛ لأنهم أغراب عن أرض النيل، أما في عهد موسى فقد استرد المصريون سلطانهم الوطني بطرد الغزاة بعد أربع مئة عام فعادت لفظة الفراعنة.

تمكن موريس الذي كان ذا مكانة لدى الرئيسين فراسوا ميتران وأنور السادات العام 1988 من تحقيق نصر علمي كبير، عندما أجرى سلسلة بحوث حول مومياوات مخبأة في غرف حفظ بعيداً عن المتاحف حماية لها من التهالك، ومن بين تلك المومياوات لفتت نظره مومياء عجيبة، هي تلك التي نقلت في موكب عظيم لفرنسا، لقد عاينها وصورها على أنها المرشحة لتكون فرعون موسى، ذلك أنها كانت عليها آثار ملح البحر، وصدرها سليم عدا كسور داخلية في القفص الصدري نتيجة علوق الجثة بين صخور، في تطابق مع حديث نبوي كان قرأه، كما أن يديه ظلتا معقوفتين حال تحريرها من القماطات، ما يعني أنه كان يحمل سيفاً أو صولجاناً بيد ودرعاً بأخرى، وقد انتهى ذاهلاً بأن كافة النصوص التوراتية أشارت إلى هلاك الفرعون هلاكاً أبدياً، فيما كان القرآن النص الوحيد الذي تحدث عن مصير الفرعون بعد الغرق من خلال الآية القرآنية الواردة في سورة يونس النبي الناجي من الغرق في بطن حوت: "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً".

4/ بوكاي يحل لغز هامان: مدير المحاجر الفرعونية

أكثر من ذلك كان موريس يثبت أمراً آخر أجمعت جميع النصوص الدينية السابقة على نكرانه؛ حيث شن مستشرقون هجوماً حاداً على الرواية القرآنية التي ذكر فيها اسم الوزير هامان فرعون ست مرات، وإنها حقاً لقصة مذهلة يرويها الطبيب بوكاي بنفسه، كيف أنه ذهب لعالم فرنسي ضليع في الهيروغليفية، يسمى دين العارف أيضاً للغة العربية، ليقول له إنه وجد اسم هامان وارداً في نص عربي يعود للقرن السادس ميلادية، فأجابه الرجل: "هذا مستحيل لأن الهيروغليفية ظلت مجهولة ما بين القرن الثالث الميلادي حتى القرن التاسع عشر لما تمكن الباحث شامبليون من فك شفرتها عبر قراءة حجر رشيد". 

سأله موريس عن معنى "هامان" بالهيروغليفية، فأكد له أنه من العوائل الفرعونية الحديثة، محيلاَ إياه على مكتبة الكوليج دو فرونس للاطلاع على اسمه ووظيفته الموثقة في القاموس الشهير للألماني رنكي، والمفاجأة التي عاد بها الطبيب كانت صادمة عندما عاد إلى صديقه دن ليؤكد له أن معجم الأسماء الهيروغليفية يقول: 

"هامان هو رئيس العمال في المحاجر الفرعونية"، أما النص العربي للقرن السادس ميلادية فهو القرآن الذي ترد فيه آية: "وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ".

كان التطابق بين علم الهيروغليفيا والنص العربي كاملاً، ما دفع بدين إلى أن يضع يده على خده ذاهلاً من الحقيقة الصاعقة، التي أكدت له حقيقة تاريخية مجهولة، لكنها مثبتة تدويناً وبشكل حاسم لا يقبل النقض، حتى إنه اقترح على موريس التشارك في تأليف كتاب حول هامان غير أن الوفاة عاجلته بعد ستة أشهر.

5/ هل اعتنق موريس الإسلام في السر وكتمه؟

على مدار حياة زاخرة بالبحث والتأليف، نشر موريس مؤلفات مرجعية قيمة مثل "من أين جاء الإنسان" و"أصل الكون"، ومؤلفات دقيقة مثل "مومياوات مصر فحوص طبية معاصرة"، الذي نال به ثلاث جوائز علمية وطبية بفرنسا وأمريكا، ومؤلف كـ"موسى وفرعون عبرانيو مصر.. ما مدى التطابقات بين الكتب المقدسة والتاريخ؟". 

يوعز كثير من المتابعين لحركة النشر أن كتب موريس بوكاي التي انتصرت بشكل علمي أكاديمي للإسلام والقرآن كانت سبباً مباشراً في تحول كثير من الأوروبيين والغربيين للإسلام، أما هو فلم يثبت أبداً أنه أعلن إسلامه أمام الملأ، بل كان من الذين يكتمون إيمانهم، حسب شهادات موثقة.

إذ يقول المخرج الفرنسي سيرج بار الذي تحول إلى  الإسلام مغيراً اسمه إلى الشيخ سراج الدين بار في وثائقي شهير أعده الدكتور الفاروق عبد العزيز: "أؤكد لك أنه أسلم لكنه لم يظهر ذلك لكونه من عائلة بورجوازية"، فيما أشار الدكتور والمفكر المغربي أبو زيد الإدريسي في حوار أجراه مع الدكتور محمد العوضي في قناة الرأي بث شهر ديسمبر/كانون الأول 2013، أنه كان رجلاً مسلماً حسبما كشفه في جلسات مغلقة جرت في المغرب مع أصدقاء له، لا بل إنه صلى ركعتين قبل إجرائه العملية الجراحية لشقيق السادات، بيد أنه كتم إيمانه حتى لا تغلق عليه الدوائر الرسمية واللوبيات الضاغطة الطريق أو تقهره كما قهرت المفكر روجيه غارودي.

***

توفي بوكاي في شهر فبراير/شباط 1998، وبعد ثلاثة أشهر من رحيله كان كتابه الأول "التوراة والإنجيل والقرآن والعلم" الذي زلزل بها الأوساط العلمية قبل اثنين وعشرين عاماً يفوز بجائزة شهر مايو/أيار لأكثر الكتب مبيعاً في فرنسا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net



مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

طاهر حليسي
كاتب صحفي جزائري
طاهر حليسي، كاتب صحفي، يعمل حالياً مديراً لمكتب "الشروق" الجزائرية في مدينة باتنة،التحق بالصحيفة عام 2000، بعد تجربة إعلامية كمحرر مزدوج اللغة (عربي فرنسي) بجريدة الجمهور الأوراسي، ثم صحفي كاتب مقالات رأي وتحاليل ومترجم بأسبوعية "الأطلس". عمل رئيس تحرير بعدة صحف أسبوعية منها "الراية" و"الوئام".
تحميل المزيد