أنشئت دولة الاحتلال الصهيوني في 15 مايو/أيار عام 1948؛ على 78% من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27.009 كيلومتر مربع، بدعم غربي أوروبي، وبريطاني خصوصاً.
ويمكن الجزم بأن المأساة الإنسانية، التي حلت بالشعب الفلسطيني، عام 1948، كانت نكبة شعب بكل معنى الكلمة؛ فقد طرد ونزح من الأراضي التي سيطرت عليها دولة الاحتلال حوالي 850 ألف عربي فلسطيني، أي ما نسبته 61% من إجمالي عدد الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عشية النكبة الكبرى، والذي قدر بـ1.4 مليون عربي فلسطيني.
وكان من أهم تداعيات احتلال القسم الأكبر من الوطن الفلسطيني وطرد غالبية شعبه بقوة المجازر؛ بروز قضية اللاجئين، التي تعتبر، إضافة إلى قضية القدس، من أهم القضايا الجوهرية في إطار القضية الفلسطينية.
وأصدرت هيئة الأمم المتحدة أكثر من 50 قراراً يقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الطرد القسري وتدمير ديارهم. ولقد رفضت إسرائيل على الدوام تنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه لم يجبر المجتمع الدولي إسرائيل على تنفيذ تلك القرارات الدولية بشأن فلسطين.
ومن أهم تلك القرارات ذات الصلة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، القرار "194"، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 ديسمبر/كانون أول عام 1948، وكذلك القرار 302 الصادر في 8 ديسمبر/كانون الأول عام 1950، والقرار 512 الصادر في 26 يناير/كانون الثاني عام 1952، إضافة إلى قرارات أخرى قريبة في بنودها لجهة تحقيق فرصة لعودة اللاجئين إلى ديارهم بأقرب وقت ممكن، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الطرد القسري والاقتلاع من أرضهم.
وفي عام 1948 تشكلت هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وتولت أعمال الإغاثة لوكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات غير الحكومية، بعد إمعان المنظمات الصهيونية في قتل وتهجير اللاجئين الفلسطينيين، تدخل المجتمع الدولي بزعامة الأمم المتحدة، وبدلاً من وضع حد للإرهاب الإسرائيلي، مع تزايد أعداد اللاجئين، وتمركز معظمهم على حدود فلسطين "دول الطوق العربية"، ومنع السلطات الإسرائيلية بحزم عودتهم؛ قامت الأمم المتحدة بإدخال تطوير على تلك اللجنة وتوسيع مهامها، حين تبين أن قضية اللاجئين لن تحل سريعاً، لتصبح أطول قضية لجوء في التاريخ المعاصر، والمسؤول عن استمرارها دولة الاحتلال وصانعوها الغربيون.
وتعتبر "وكالة الأونروا" الشاهد الدولي الوحيد على نكبة الشعب الفلسطيني، ومسؤولية دولة الاحتلال والغرب عن بروزها، ولهذا ثمة محاولات إسرائيلية – وأمريكية غربية لتصفيتها، وتالياً تغييب قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وقد أنشئت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى عام 1949، وباشرت عملياتها في مايو/أيار 1950، ومع أنها اعتبرت وكالة مؤقتة فقد جُددت ولايتها بانتظام كل 3 سنوات، وتُعد تعبيراً عن مسؤولية المجتمع الدولي عن إيجاد حل لقضية اللاجئين وفقاً للقرار "194" الذي جرى تأكيده 137 مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ صدوره.
واعتمدت "الأونروا" في عملها بين اللاجئين الفلسطينيين على أرضية تعريف صاغته للاجئ الفلسطيني، أي على تعريف إجرائي وليس سياسياً، يهدف إلى توفير معيار ومقياس لتقديم مساعدات الوكالة على النحو التالي: اللاجئ الفلسطيني هو كل شخص كان مسكنه العادي في فلسطين لعامين سبقا نزاع 1948، والذي كان من نتائجه أن خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي تقدم الأونروا فيها خدماتها، وينسحب هذا التعريف على أولاده وأحفاده وذرياتهم، وأن يكون مسجلاً في مناطق عملياتها، وهي 5 مناطق: الضفة الغربية، قطاع غزة، سوريا، لبنان، الأردن.
وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو 6 ملايين ونصف المليون لاجئ فلسطيني مسجلين في سجلات الأونروا خلال العام الحالي 2022؛ 41% منهم يتركزون في الأردن؛ و22% في قطاع غزة الذي يضم 8 مخيمات؛ في حين تستحوذ الضفة الغربية على 16% من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأونروا؛ في مقابل ذلك يحوز لبنان ما بين 5 إلى 10%، والنسبة ذاتها لسوريا.
لكن نسبة اللاجئين أخذت بالتراجع في سورياً نظراً لفرار أكثر من 150 ألف لاجئ فلسطيني إلى دول الجوار الجغرافي وأوروبا عبر رحلات موت؛ بسبب المجازر التي ارتكبت بحق المخيمات هناك.
الفصل العنصري الإسرائيلي
وعلى الرغم من مرور 74 عاماً على إنشاء دولة الاحتلال ونكبة الفلسطينيين الكبرى، لم يتخذ مجلس الأمن الدولي الإجراءات اللازمة لعودة اللاجئين، واللافت أن اللاجئين ما زالوا ينتظرون في مخيماتهم تنفيذ تلك القرارات ليعودوا إلى وطنهم الذي طردوا منه.
واستناداً إلى تقارير مبعوث مجلس الأمن الدولي خلال الفترة (1948-1949) رالف بانش، وتقارير تحقيقات مندوبي هيئة الأمم المتحدة للفترة الممتدة بين (1948-1950)، وتقارير الصليب الأحمر الدولي للأعوام (1948-1950)، وتقرير الأونروا خلال الفترة (1950-1958)؛ فإن الأشخاص والأملاك المشمولة في فقرة التعويضات التي استكملت في عام 1949، هم ممن ينتمون إلى المناطق التي احتلتها العصابات الصهيونية خارج قرار التقسيم، الذي يعطي لليهود وللدولة الصهيونية 54 %من مساحة فلسطين التاريخية، بينما استولت دولة الاحتلال إضافة إلى ذلك على 22% من الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية.
ورغم الدعم الغربي لدولة الاحتلال لاستمرارها باعتبارها نظام أبارتهايد، فصل عنصري، لكن الثابت أن استمرار وحدة الشعب الفلسطيني وكفاحه بصور وطرق نضالية عديدة في كافة أماكن وجوده، في الداخل الفلسطيني، والضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، والمهاجر القريبة والبعيدة؛ جدير في الانتصار ودحر المشروع الصهيوني في نهاية المطاف، كما كان الحال في جنوب إفريقيا التي استطاع شعبها الأصلي بالصبر والكفاح والمثابرة هدم نظام الفصل العنصري واسترداد بلاده.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.