رغم أنّ مسلسل "الاختيار" انتهى نظرياً بنهاية شهر رمضان، فإنّ الحديث عنه والجدل بشأنه ما زال حاضراً من جميع الأطراف، سواء بخصوص المعالجة الدرامية لهذا الجزء، أو الخطة المستقبلية لإنتاج مزيد من الاختيارات.
فبينما عدّ السيسي المسلسل عملاً ناجحاً ودقيقاً لم تشبه شائبة، ولا حتى كذبة واحدة، بنص كلامه في صباح عيد الفطر مع أسر ضحايا الأجهزة الأمنية خلال الأعوام الأخيرة، فإنّ الصحافة الأجنبية رأت أنّ العمل كان على العكس من ذلك تماماً، من ناحية الشكل وطريقة تجسيد السيسي التي لا تتلاءم مع هيئته الجسدية الحقيقية، وصولاً لأغراض الدراما والسرد.
في السياق نفسه، فإنه بناء على الرواية الرسمية التي تتحدث عن وقائع حقيقية ونجاح باهر وردة فعل هيستيرية ممن يتناولهم العمل بالنقد، فمن المقرر أيضاً، كما صرح أشرف زكي، نقيب الممثلين، قبل ساعات، أن يكون هناك مزيد من الاختيارات قريباً، على أن تكون أكثر إثارة وتشويقاً، وأكثر إثخاناً لأهل الشر طبعاً.
لذا وبامتداد تلك الأرضية فإننا نحاول هنا أن نسلط الضوء على بعض الحوادث شديدة الأهمية، التي تقاطعت زمنياً مع الحقبة نفسها التي جسّدها "الاختيار"، دون أي إشارة من صناع العمل إلى تلك الحوادث، كما لو أنها لم تقع أصلاً.
والمنهجية التي قام عليها العمل كانت أقرب في الواقع إلى بتر الأحداث من سياقاتها، وإعادة ترتيبها وإخراجها بشكل يخدم ماكينة الدعاية الإعلامية للنظام، لا التوثيق النزيه للأحداث، كما يرد في الرواية الرسمية.
سلامٌ من طرف واحد!
في الـ18 من أغسطس/آب 2011، أي بعد 6 أشهر من الإطاحة بنظام وُصف بأنه كنز استراتيجي لإسرائيل، وخلال وجود حكومة قيل إنها جاءت من ميدان الثورة، ميدان التحرير، وهي حكومة عصام شرف، قام سلاح الجو الإسرائيلي بشن غارة غادرة على وحدة أمن مركزي مصرية على خط التّماس الحدودي، ما أسفر عن مقتل 5 عناصر من الجانب المصري.
في ذلك التوقيت، قيل إنّ القيادة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية، أرادت من هذا الهجوم العنيف أن تختبر مدى التغير الطارئ على مصر الثورة عملياً على مختلف الأصعدة، بمنطق: أبدنا وحدة عسكرية مصرية على الحدود من داخل المجال الجوي المصري، لنر الآن كيف سيتصرف المصريون في هذا المأزق.
على لسان والد الضابط الوحيد الذي قُتل في تلك العملية، حيث كانت الخسائر البشرية من الجانب المصري عبارة عن 4 جنود وضابط واحد، فإن القصف كان شديداً ومقصوداً ومستمراً كما أخبره نجله هاتفياً، وقد حاولت عناصر الشرطة المصرية، في ضوء إمكاناتها المتواضعة أخذاً في الاعتبار حساسية الموقع وترتيبات السلام، أن تتصدى للقصف دون جدوى. قُضي الأمر.
لاحقاً جاء في تحقيق البعثة الدولية، الموجودة في سيناء بموجب اتفاقية السلام والمنوط بها ضمن أولوياتها أن تفحص الخروقات المتبادلة للترتيبات الأمنية، أن الطيران الإسرائيلي قد تذرّع بالاضطرابات الأمنية التي وقعت على الحدود قبل ذلك القصف، وقام باختراق المجال الجوي المصري، وضرب عناصر الأمن من داخله. فضيحة!
يعلم من يتابع الترتيبات الأمنية على الحدود بين البلدان التي تكون علاقاتها متوترة لأي سبب، ومعظم الدول المتجاورة علاقاتها ليست على ما يرام، أن مثل تلك الحوادث واردة دائماً، بغض النظر عن كونها مقصودة أم لا، ولكن المهم في كل الأحوال، كيف يخرج كلُّ طرف من تلك المواقف رمزياً وشعبيّاً وأمنياً وسياسياً. إلى أي مدى سيقوم باستغلال الموقف لتحقيق المكاسب لوطنه؟
الغريب في ذلك الوقت أنّ الجيش المصري، المعني الأول سياسياً حينها بإدارة البلاد، والمعني دستورياً وعرفياً بحماية الحدود المصرية، والذي قام تاريخياً بإبرام معاهدة السلام مع الجانب الإسرائيلي 1979، والذي يتولى إدارة العلاقات الدبلوماسية معه عوضاً عن الخارجية، الغريب أنه لم يصدر منه أي رد فعل جادّ أو شكلي، تجاه الجانب الإسرائيلي، كما لو كان جثة هامدة.
قد يقول قائل إنّ الأوضاع المضطربة في البلاد سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، في ذلك الوقت، قد أسهمت في أن يخرج رد فعل الجيش المصري باهتاً على تلك الهيئة. معذورون بسبب كثرة الملفات وحساسية التوقيت واضطراب الأمور، وفي هذا بعض الوجاهة.
ولكنّ الواقع أن الجيش في نفس ذلك التوقيت كان قد شرع بالفعل، بشكل طبيعي وروتينيٍّ، في ممارسة العنف ضد المنتمين إلى الثورة، وتطويع الأذرع الإعلامية، قبل أن تنمو وتتطور لاحقاً في صورتها الحالية، لحشد المجتمع خلف مقولات ضرورة أن يحتفظ الجيش بالحكم، وعدم صلاحية أي كيانات غيره من القوى المحافظة أو الليبرالية للحكم والإدارة.
في مقابل هذا الهوان، فقد جاء الردُّ مُدويّاً من الشارع المصري، من الثورة نفسها لا من الجيش، إذ حاصر المتظاهرون بعد حوالي 20 يوماً من تلك الواقعة الأليمة السفارة الإسرائيلية، وأنزلوا العلم الأزرق من أعلى المبنى، ورفعوا العلم المصري مكانه، واقتحموا عدداً من الشقق التابعة للسفارة، وألقوا بوثائق السفارة من الشرفات، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من الفتك بالحُراس الستة الأساسيين لمقر السفارة.
بالتأكيد ليس من المطلوب في أسوأ الظروف حتى أن تكون السفارات، لأسباب كثيرة أخلاقية ودبلوماسية هدفاً انتقاميّاً، ولكنّ غياب الرد الرسمي، لاسيما من الجيش، في ظل مناخ ثوري في الأساس، وأمام مقتل عدد من "الجنود الغلابة" الذين لا حول لهم ولا قوة بفعل الترتيبات التي تجعل من الشريط الحدودي "منطقة عازلة" تقريباً، أسباب تساعد في تفهم الأمر.
في الوقت نفسه، فإنّ ما عزّز السردية القائلة إنه كان هناك تساهل في أكثر التحليلات إفراطاً في حسن النية، من الجانب الإسرائيلي حينها، حيال الدماء المصرية، ما ذكره أعضاء في الكنيست مثل شاؤول موفاز، بأنّ هناك ترفعاً من الإسرائيليين عن تقديم اعتذار، حتى للجانب المصري، ما قد يؤدي إلى توتر الأوضاع، وهو ما حدث بالفعل.
خلال تلك المظاهرة التي ستظل محفورة في الوجدان الشعبي لثورة يناير/كانون الثاني 2011، تحت عنوان: "حينما ارتعدت فرائص الإسرائيليين خوفاً من الشارع المصري"، قتلت قوات الأمن المركزي الموجودة في محيط السفارة ما لا يقل عن 3 من الشباب المعترضين أصلاً على قتل إخوتهم في سيناء، وجرحت ما لا يقل عن ألف آخرين.
في مناسبتين مختلفتين، إحداهما في 2016 والأخرى في مارس/آذار 2021، قال نتنياهو متبجّحاً إنه هدد الجانب المصري بإرسال مروحيتيْن عسكريتين، دون تحديد مكان هبوطهما، لإنقاذ الوضع، ففهم الجيش حينها، وفقاً لنتنياهو، أنه يلوح بإنزال مظليٍّ خاص فوق السفارة، بينما كان يقصد هو أن تذهب المروحيّتان إلى مطار القاهرة، ولكن هذا اللبس دفع قادة الجيش في مصر إلى التدخل سريعاً قبل أن تتفاقم الأمور وتزداد سوءاً.
بغض النظر عن صدق نتنياهو إزاء تلك الواقعة من عدمه، ولكن أيّاً من قادة الجيش المصري، أو متحدثيه، لم يردوا على تلك الرواية المهينة، لا وقتها ولا في وقت لاحق، والتي عضدها السفير الإسرائيلي في القاهرة حينها إسحاق ليڤانون في حوار آخر، قائلاً إن الجيش المصري نظر في البداية إلى تلك الأحداث على أنها فرصة لتشويه الثورة، وفرض مزيد من القيود على البلاد، ثم أرسل لاحقاً عناصر القوات الخاصة، بطواقم ملابس مصرية شعبية وشيفرة عبرية للتواصل مع العاملين، كي تقوم بإجلاء الطاقم المحتجز في السفارة.
اللافت هنا أيضاً أن اللواء إسماعيل عتمان، مدير الشؤون المعنوية خلال تلك الواقعة، قد صرح في تأبينه للمشير طنطاوي، سبتمبر/ أيلول الماضي، متفاخراً بالعملية، قائلا إن الراحل أعطى تعليماته لسرية الصاعقة المكلفة بإجلاء الإسرائيليين بأن تكون العملية نظيفة، دون إراقة دماء من الجانب المصري! إراقة دماء دفاعاً عن الإسرائيليين بعد قتلهم 5 مصريين على الحدود. ما هذه الشهامة؟!
في النهاية، وصلت طائرة عسكرية إسرائيلية إلى مطار القاهرة بالفعل، وقامت بإجلاء عناصر السفارة، الذين وصلوا إلى القدس بسلام فجر اليوم التالي، بعدما أنقذتهم القوات الخاصة المصرية، وشكرهم نتنياهو، ورفضت قتل المزيد من المصريين، وهو ما يدفعنا للسؤال عن سبب تجاهل توثيق تلك الملحمة البطولية في الاختيار؟ أليست بطولية ومن سجلات شرف الجيش خلال المرحلة الانتقالية التي يوثقها العمل بكل أمانة كما يؤكد السيسي؟ أم أن العمل يقوم على "فلترة" ما يتم تقديمه حذفاً وإضافة؟
من القاهرة إلى قبرص
بعد 6 أشهر على تحرير الصاعقة المصرية فريق السفارة الإسرائيلية، المحتجز شعبياً في مصر احتجاجاً على قتل عناصر الأمن المصري دون اعتذار إسرائيلي، وقع حادث أصعب وأكثر إهانة للوجدان المصري، عبر المؤسسة العسكرية أيضاً.
أوعزت القيادة العسكرية في مصر حينئذ إلى جهات التحقيق من خلال وزارة العدل، أن تفتح تحقيقاً موسعاً في ملف طالما أرّق الجيش وحكام البلاد في الأعوام الأخيرة، وهو ملف جمعيات المجتمع المدني التي ترتبط بعلاقات سياسية وثقافية مع الولايات المتحدة وأوروبا، بهدف نشر الديمقراطية والثقافة السياسية الغربية في مصر.
بحلول ديسمبر/كانون الأول 2011، كانت جهات التحقيق قد قررت مبدئياً أن تحيل أكثر من 40 شخصاً، من المصريين والأجانب، إلى القضاء الجنائي، بتهم تتعلق بالحصول على تمويلات مالية غير مشروعة من الخارج، بغرض تنفيذ أجندة دافعي تلك الأموال، وعلى رأسهم الحكومة الأمريكية، بشكل يتعارض مع القوانين المصرية.
في ذلك التوقيت باتت لدينا قضية جنائية من الناحية القضائية، سياسية على أرض الواقع، ذات حساسية دولية نظراً لموضوعها الخاص بالجمعيات غير الحكومية، وتوقيتها، في ظل وجود سلطة عسكرية غير منتخبة، وملابساتها الممثلة في اعتقال عدد من الأجانب، معظمهم من الولايات المتحدة، وكان نجل وزير النقل الأمريكي في حكومة أوباما على رأسهم.
بالرغم من إدراك معظم الأطراف الطابع السياسي لتلك القضية، أي أنها ليست قضية تقنية قانونية بحتة، وبالرغم من الآثار السلبية لفتح ذلك الملف على باقي القوى الثورية التي يمكن إدراجها من خلال هذا المنظور في وقت لاحق تحت لائحة "تلقي التمويلات الأجنبية" بشكل أو بآخر، فإنه كان هناك ترحيب من الشارع تجاه تلك القضية، على أساس سرديات فرض السيادة الوطنية على البلاد، وترقُّبٌ إيجابي من قوى ثورية أخرى لنتائج تلك المعركة التي قرر الجيش طواعية خوضها، حتى لو تضررت منها تلك الفصائل والقوى، من زاوية أن المعركة تدور بين الوطني والأجنبي.
بشكل علني، قالت الأطراف الأخرى، من الولايات المتحدة وأوروبا، إنها ستمارس ضغوطها على المجلس العسكري المصري للعدول عن هذا المسار المعادي للديمقراطية، والذي يستعمل القانون أداةً في معركة سياسية بغرض إقصاء خصومه، وتوالت الزيارات والتصريحات الداعية إلى الإفراج عن الأجانب والكف عن تلك الحملة، وهكذا إلى أن وقعت المفاجأة.
خلال سريان القضية واحتجاز عدد من المصريين على ذمتها في السجون، وفرض حظر السفر على الأجانب، وبحلول الساعات الأخيرة من شهر فبراير/شباط 2012 بدأت الأحداث تتوالى، إذ أعلنت الهيئة القضائية التي تباشر النظر في الملف التنحي عن مهمتها، بسبب ما سمّته حينها تدخلاً من جهات سيادية في أعمال المحكمة لأخذ القضية في اتجاه معين.
وفي غضون ساعات، بعد هذا القرار من هيئة المحكمة وتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حينها، أن هذا الملف جرت تسويته مع السلطات في مصر، صدر أمرٌ من "النيابة العامة" برفع حظر السفر عن الأجانب، وعددهم 17 شخصاً، في قضية التمويل الأجنبي، ومن ثم خروجهم من البلاد على متن طائرة عسكرية أمريكية من مطار القاهرة إلى مطار لارنكا في قبرص.
مثلت تلك الواقعة المهينة فصلاً مخزياً في التاريخ السياسي والقانوني الحديث لمصر، ولمقولات السيادة الوطنية، والفصل بين السلطات، خاصة بالنظر إلى أنّ القضية قد استمرت أعواماً تالية نظرياً على الورق، دون حضور الأجانب، مع استمرار حبس المتهمين المصريين احتياطياً على ذمة القضية. خرج الأجانب، بطائرة عسكرية، ضربت عرض الحائط بكل الثوابت الوطنية، وظل المصريون محبوسين، وقد أصدرت المحاكم المصرية بعدها أحكاماً مختلفة بين الجنايات والنقض على المتهمين، تتراوح بين السجن عاماً واحداً مع إيقاف التنفيذ، والسجن مع الشغل 5 سنوات.
بكل طوائفه السياسية، يمين ويسار ووسط، قانونياً وشعبيّاً وإعلاميّاً، ثار الرأي العام في مصر على هذا الإجراء، حتى إنّ مصطفى بكري نفسه، الرجل شديد الولاء للمجلس العسكري والمشير طنطاوي، قال إن الحادث انتهاك للسيادة الوطنية وقدّم طلب إحاطة في مجلس النواب، الذي كان يرأسه سعد الكتاتني، لاستدعاء رئيس الحكومة كمال الجنزوري حينها، اعتراضاً على تلك الإهانة، دون أي نتائج حقيقية، فقد خرج المتهمون بكفالة وغادروا الأراضي المصرية إلا شخصاً واحداً أراد طوعاً أن يبقى في مصر، ولم يكلف الجيش خاطره على الأقل بشرح أو تبرير ما حدث، ويبدو أن تلك الواقعة أُدرجت لاحقاً في تفاهمات الخروج الآمن، أي أنّ هذا الملف لم يُفتح ضمن أعمال تقصّي الحقائق من زاوية محاسبة المشرفين على تلك الجريمة.
الخلاصة.. الاختيار كان إجباريّاً
لم يتطرق الاختيار في نسخته الأخيرة من قريب أو من بعيد إلى هاتين الحادثتين، إذ يصعب إعادة تقديمهما إلى الرأي العام في مصر، لاسيما الذي عاصر تلك الوقائع، من منظور وطني دعائي للجيش والمؤسسة الرسمية الحاكمة، بل ربما يود القائمون على الحكم حالياً لو كان بإمكانهم حذف هذه الوقائع المخزية من الذاكرة الشعبية للمصريين.
لا يتطرق الإعلام المصريُّ الرسمي عادةً إلى مثل هذه الوقائع، الفاقعة في خزيها وسوئها نظراً لصعوبة تبريرها، إذ كيف سيمكن تقديم عمل إنقاذ الفريق الأمني للسفارة الإسرائيلية في القاهرة من موت محقق عشية تورط حكومة بلادهم، دون اعتذار، في مقتل عدد من رجال الأمن المصريين في سيناء، أو تبرير تسفير أجانب مطلوبين للقضاء فجأة بطائرة عسكرية أجنبية ليلاً من مطار القاهرة؟
يؤشر تجاهل هاتين الواقعتين تحديداً إلى إحدى تقنيات إنتاج الاختيار وما شابهه من الأعمال السياسية ذات الصبغة الوطنية درامياً، وهي تقنية "الحذف"، فما يعرض من وقائع في تلك الأعمال هو فقط ما يمكن إعادة تأويله للمتلقي شديد التأييد للسلطة، الذي يكون على أتم الاستعداد لابتلاع أي مادة بها الحد الأدنى من التماسك المتعسف.
تكشف أيضاً هاتان الواقعتان، وبالأخص واقعة تهريب الأجانب المطلوبين على ذمة قضية التمويل الأجنبي، عن حجم الجرائم والتلاعبات التي مارسها حكام البلاد العسكريون حينها، والتي تستوجب، في أقل تقدير، تقديمهم للمحاكمة لبحث ملابسات تلك الحوادث، ومن بين هؤلاء القادة طبعاً مدير المخابرات الحربية، الذي صار وزيراً للدفاع لاحقاً، عبد الفتاح السيسي.
يتفنن العسكريُّون في تبرئة ساحتهم من تلك الوقائع، إما بإسقاطها عمداً من الذاكرة الوطنية، أو نفيها تماماً ونسبتها لخصومهم كما يفعل السيسي منذ سنوات خطابياً وقانونياً في قضايا وأحداث العنف التالية لثورة يناير، وهو ما يبرز أهمية الصراع على حماية ذاكرة الثورة، إذ يعدُّ هذا الملف من الملفات القليلة التي يمكن للمعارضة في الخارج أن تبلي فيها حسناً، دون الحاجة إلى المواجهة المباشرة مع النظام العسكري في الداخل، وذلك عبر أدوات الكتابة والفن والرد على استراتيجيّات النظام الدعائية أولاً بأول.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.