رغم تأهل ليفربول إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بسهولة نسبياً على حساب بنفيكا البرتغالي، فإن لاعباً من قطب البرتغال الأحمر خطف أضواء وأنظار محبي كرة القدم حول العالم بأدائه الرائع و"ستايله" الجذاب.. أتكلم عن الأوروغوياني داروين نونيز.
مَن هو داروين نونيز؟
هو شاب من الأوروغواي، وكعادة أغلب لاعبي أمريكا الجنوبية نشأ في أسرة تعيش تحت خط الفقر، وضع أسرته ووضعه المادي كان صعباً بشكل لا يوصف. يحكي داروين نونيز أنه كان ينام جائعاً هو وأخوه جونيور بسبب ضيق الحال. كان والده عاملاً بسيطاً لا يجد ما يسد به جوع أولاده بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، بينما كانت والدته تعمل ليل نهار من أجل أولادها وكانت هي عمود المنزل الذي لولاه لانهار السقف فوق رؤوس الجميع. أم داروين نونيز كانت تقدم المال والطعام لزوجها وأولادها على حد سواء، ولولاها ما حققوا أي شيء على الإطلاق.
منذ صغره وداروين نونيز مولع بلعب كرة القدم، حاول مراراً وتكراراً اللعب بشكل احترافي. فلعب لعدة أندية محلية في مدينته حتى وقع تحت أنظار مسؤولي نادي "بينارول"، أحد أشهر الأندية في مجال تطوير اللاعبين وتنمية المواهب الصغيرة، وعلى الفور ضموه لفرق الناشئين الخاصة بالنادي.
منذ دقائقه الأولى رفقة "بينارول" كان واضحاً أن داروين نونيز مختلف عن أقرانه وأن لديه لمسته الإبداعية الخاصة، وأن له مستقبلاً باهراً في الملاعب. لكنه سيصاب بالرباط الصليبي في سن ١٦ سنة وسيغيب لسنة ونصف عن الملاعب.
لكن بمثابرة وصبر سيعود للملاعب، لكنه سيصاب مرة أخرى، وسيجري جراحة في الركبة.
في ذلك التوقيت، كان أخوه الأصغر يلعب كرة القدم هو الآخر، لكنه تخلى عن حلمه واعتزل كرة القدم، وراح يعمل ليوفر المال اللازم لعلاج أخيه وكي يساعد أمه ولو قليلاً.
تعافى داروين نونيز من الإصابة، وعاد للتدريبات بقوة وبنى كتلة عضلية ترحمه وتقيه من شر الإصابات وتم تصعيده للفريق الأول لنادي بينارول ثم انضم لمنتخب شباب الأوروغواي بعد تألقه.
بعدها وقعت أعين مسؤولي نادي ألميريا عليه وأعجبوا به جداً وقرروا شراءه، كان التفاوض مع بينارول صعباً، حتى إن نادي ألميريا اضطر لدفع ٥ ملايين يورو وهو مبلغ قياسي لمراهق في عمر الـ19 فقط!
أول عقد في تاريخه وأول أموال امتلكها من كرة القدم اشترى بها في الأوروغواي لأهله وأراح والدته وأخاه من الأعمال الشاقة.
داروين نونيز وهو يلعب في دوري الدرجة الثانية في إسبانيا كان شديد التركيز والتفاني، لدرجة أنه تعاقد مع مدرب لياقة وتغذية خاص واتبع برنامج غذائي وبدني خاص به بعيداً عن الفريق. واشتغل بطريقة احترافية وتعاقد مع شركة لتحليل أدائه في المباريات حتى يطور من نفسه ويصلح من عيوبه بشكل مستمر.
وهو ما تحقق فعلاً وقدر رغم اختلاف الطقس وظروف الحياة بين إسبانيا والأوروغواي أن يلفت الأنظار مع ألميريا وأن ينضم للمنتخب الأول ويسجل ١٦ هدفاً في الدوري وهدف مع المنتخب. وهنا بدأ يتفاوض معه بنفيكا، صياد المواهب الكبير في أوروبا، ويوافق تركي آل الشيخ مالك ألميريا على عرض بنفيكا لشراء داروين نونيز بـ24 مليون يورو كأكبر صفقة في تاريخ الدوري البرتغالي المعروف عنه البيع وليس الشراء.
احترافية داروين
مع بنفيكا، في الموسم الأول، لم يقدم أفضل أداء ممكن وأحرز 14 هدفاً في كل المسابقات. لكن في الموسم الحالي وبرغم عدم الثبات الفني وتغيير المدرب باستمرار في النادي البرتغالي، استطاع أن يتصدر سجل هدافي الدوري البرتغالي برصيد 24 هدفاً في 20 مباراة فقط لحد الآن، بفارق ٨ عن أقرب ملاحقيه. وأحرز داروين نونيز 6 أهداف في دوري أبطال أوروبا في مرمى بايرن ميونيخ وبرشلونة وليفربول وأياكس وكلهم من وضعيات مختلفة بالرأس والقدمين وضربات جزاء وحتى ضربات حرة.
تألق داروين نونيز كان دافعاً لكل أندية أوروبا للتفاوض معه، ولأنه يتطور على يد مدربيه ويطوّر من نفسه احترافياً بشكل كبير، تمتع بالعقلية الاحترافية التي جعلته يؤجل كل المفاوضات حالياً لنهاية الموسم وجعلته يرفض العروض التي قدمت له في الميركاتو الشتوي، وذلك لعدة أسباب منها أن عقده مع وكيله الحالي ينتهي بنهاية شهر يونيو/حزيران، وهو بصدد التوقيع مع أشهر وكيل لاعبين في العالم خورخي مينديز ويريد أن يختار أفضل نادي يناسبه ويبرز فيه قدراته، وبالتأكيد أفضل مرتب ممكن.
يقال إن هناك اهتماماً من نادي آرسنال بالتوقيع معه، لكن مواطنه لويس سواريز تحدث مع مسؤولي برشلونة وقال لهم إن الفريق محتاج بشدة للاعب من طراز داروين نونيز، وبما أن صفقة هالاند في طريقها للفشل بسبب مغالاة اللاعب ووكلائه، فالبديل الأنسب ربما يكون داروين نونيز خصوصاً أن عمره ٢٢ سنة فقط ويتطور كل سنة عن سابقتها بشكل مذهل، ما يعني أنه قادر على الانفجار في برشلونة.
من أكبر مميزات داروين تحركاته وتحكمه الممتاز ومرونته التكتيكية لدرجة أن مدربيه في بنفيكا هذا العام غيروا تموقعه في الملعب من مهاجم كلاسيكي لجناح أيسر وأيمن، ويؤدي أدواره الدفاعية بكفاءة معقولة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.