واقع جديد.. وبيئة مختلفة، تلك هي الحقيقة التي نقبلها بعد قضاء فترة مهمة من حياتنا في التكوين والتحصيل داخل أسوار الجامعة، والتي لا ننكر أبداً قيمة دورها في تكوين شخصية المرء لكي يكون أكثر وعياً وتبصراً في عمله وتواصله مع محيطه الاجتماعي، وهي نتيجة مشرفة تعكس بجلاء جودة العنصر البشري الذي يعد امتداداً لأفكار وتصورات المجتمع العلمي، الذي يحتل مكانة رفيعة لدى المجتمعات الإنسانية المتقدمة.
بيد أن تجربة حياة ما بعد التخرج في مضمونها لا تشبه النمط السابق، فهي تضعك في حالة اختبار مع نفسك، في تقرير مصيرك وتحديد نمط شخصيتك، حيث ستصارع عالماً كبيراً يعج بالأفكار المتناقضة التي لا تنتهي، وستصادف أشخاصاً يمثلون مستويات متفاوتة في الرؤية وطريقة التفكير.
ووسط هذه التحديات برمتها تصنع نفسك وتقرر أسلوب حياتك الذي تؤمن به في أفكارك الذاتية، إذ ليس من الأهمية بمكان خلال هذه المرحلة الحساسة الارتباط بالصحبة والتجارب والمواقف التي لا تقدم أي قيمة مضافة بالنسبة إليك، لما لذلك من دور مباشر في الوقوع في الانهزامية والتفكير غير المنتج.
في المقابل، فإن اهتمامك إزاء ما يلج إلى عقلك من أفكار بطريقة واعية وناقدة سيحقق بلا شك الكثير من النتائج الإيجابية، التي تخوّل لك التكيف مع تقلبات الواقع وتجنبك الوقوع في مشكلة التفكير السلبي، من خلال اتباع مجموعة من العادات التي أنصح بالعمل بها خلال هذه المرحلة المؤقتة.
الانفتاح على التعلم الذاتي
ستمكنك وسيلة التعلم بشكل ذاتي من أن تحصن نفسك ضد مد التفاهة والرداءة التي تحيط بنا من كل جهة في عالمنا المعاصر، من خلال الحصول على المعرفة الواسعة التي تتيحها العديد من المصادر، كالقراءة ومتابعة المحتوى الهادف والاهتمام بتعلم لغة جديدة أو الدخول في دورة أو مساق دراسي، كل هذه الأشياء ستخلف أثراً عميقاً في تحسن شخصيتك، وستعطيك شعوراً بالانتشاء حين تتمكن من إتمامها بنجاح.
في كتابه الأب الغني والأب الفقير يقول روبرت تي كيوساكي، إن الناس يشكلون حياتهم من خلال أفكارهم، وهو الشيء الذي اعتمد عليه كمعيار حين ميز بين الأب الغني عن الأب الفقير، فهذا الأخير كان يصفه بكونه فقيراً ليس بسبب قدر المال الذي كان يجنيه، بل كان ذلك بسبب محدودية أفكاره وثقافته التي أثرت على سلوكياته في التعامل مع المال.
الحذر من مواقع التواصل الاجتماعي
إن طريقة التعامل هذه ستمكنك من أن تكون أكثر وعياً وتوازناً مع نفسك، توجد الكثير من الأمور التي لا ينبغي تصديقها على منصات هذه المواقع، فهنالك قاعدة مهمة من المستخدمين الذين يعبرون عن أفكارهم وأنفسهم بالطريقة التي يشاؤون. إن الوعي بهذه المسألة أمر مهم للغاية، فبفضلها ستحافظ على سلامة واستقرار مشاعرك، وستتحرر من قيود الحياة الافتراضية التي تجعل المرء يجهل بقيمة وجوده الإنساني وبعوالم حياته المحيطة به.
حافظ على لياقة جسمك
تجعلنا ظروف الحياة المعاصرة العيش وفق أسلوب يساعد على الوقوع في قبضة الخمول والكسل والعجز، فبواسطة التقدم البشري أصبحت المسافات قريبة ومختصرة في الوصول إلى احتياجاتنا ورغباتنا بكل سهولة وسرعة، وهو الشيء الذي ينعكس بصورة سلبية على مستوى نشاطنا الحركي، ما يؤدي وبدرجة كبيرة نحو الوقوع في نمط حياة غير صحي، فكما هو متفق عليه فالقيام بالمجهود الرياضي يعد مفيداً للجسم والعقل، إذ يعتبر وسيلة مهمة للتخلص من ضغوطات الحياة اليومية، باعتباره يقلل من منسوب هرمون الكورتيزول المسؤول عن مشاعر التوتر والقلق، ويحسن من قدرة العقل على الإنتاج والتفكير الجيد.
البحث عن تجربة عملية
سيمكنك العملُ من الخروج من منطقة الراحة، وسيوفر لك مدخولاً لتلبية احتياجاتك، وسيعطيك نظرة عن قرب حول واقع الممارسة العملية في الميدان الذي ستشتغل فيه، وعن طريقة الصراع الإنساني من أجل كسب لقمة العيش، كما سيرفع من درجة تواصلك مع الآخرين، وسيتيح لك الفرصة للتعرف على أشخاص جدد، وهو ما سيزيد من مستوى نضجك وتميزك في مركزك المهني مستقبلاً.
راقب مسار عاداتك
يبدو هذا الإجراء بسيطاً في ظاهره، لكنه في واقع الأمر مفيد في عمقه، خصوصاً من الناحية المرتبطة بالوصول إلى الملاحظة ومحاولة تشخيص معدل الإنتاجية الشخصية، من خلال مراقبة علاقتك اليومية بوقتك، وتدوين وحصر كل المشتتات في يومية خاصة، فمن شأن هذه العملية أن تساعدك في إصلاح العيوب بوضع حلول مناسبة، وتجنبك من الرجوع إلى نقطة اللاعودة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.