من “بيتزا هت” غورباتشوف إلى الهجوم على أوكرانيا.. كيف ردت روسيا على إذلال الغرب لها؟

عدد القراءات
2,533
عربي بوست
تم النشر: 2022/02/24 الساعة 10:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/25 الساعة 07:39 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين/رويترز

كان ظهور رئيس الاتحاد السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف في أحد الإعلانات التجارية لسلسلة مطاعم شركة "بيتزا هت" الأمريكية بمثابة صدمة كبيرة للكثير من الروس، فقد اعتبروه إهانة بالغة لكبريائهم وكرامتهم، إذ كيف يقبل الرئيس السابق لأكبر كيان شيوعي بالظهور في إعلان لشركة أمريكية بما ترمز له من رأسمالية إمبريالية وبما تمثله "البيتزا" من ثقافة استهلاكية تتعارض مع مبادئ الاشتراكية السوفيتية؟!

إعلان غورباتشوف

لم يكن هذا الإعلان مجرد دعاية عادية، بل تعمد صانعوه إيصال رسالة ضمنية مفادها إعلان انتصار الغرب والرأسمالية على الاشتراكية عبر مضمون الإعلان الذي ظهر فيه الرجل العجوز وهو يصطحب حفيده لتناول البيتزا في أحد مطاعم الشركة الأمريكية، العدو السابق ورمز الإمبريالية الغربية بما يمثله من نجاح الغرب في التسلل إلى عقر دار الروس وفرض ثقافته على الجيل الجديد منهم، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991 وفشل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المتسارعة التي طبقها غورباتشوف بعد توليه رئاسة الاتحاد في محاولة يائسة لإنقاذ القوة العظمى في ذلك الوقت من المصير المحتوم، والذي ظهر جليًّا بعد الهزيمة المريرة التي تلقاها السوفييت في أفغانستان.

وعلى عكس ما قد يوحي به الإعلان في ذلك الوقت من رفاهية، كان الشعب الروسي يكافح لتوفير لقمة العيش ويشهد أزمة اقتصادية طاحنة بدأت عقب تفكك الاتحاد السوفيتي مباشرة، حتى اضطر غورباتشوف نفسه إلى الظهور في إعلان الشركة لحاجته إلى المال لتمويل أعمال صندوق غورباتشوف للأعمال الاجتماعية والخيرية.

الآن وبعد مرور أكثر من ربع قرن على هذا الإعلان، باتت روسيا في موقف أكثر قوة، وجاءت الصورة المتداولة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يجلس على طاولة ضخمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة الأخير إلى موسكو للتوسط لنزع فتيل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، بمثابة رسالة قوية من جانب الرئيس الروسي على رفض روسيا لمقترحات الغرب لحل الأزمة ومحاولاته احتواء روسيا والاقتراب من حدودها.

كانت ضخامة الطاولة التي يتجاوز ثمنها 100 ألف يورو انعكاساً لقوة روسيا، بينما ضآلة الرئيس ماكرون تجسيداً لضعف أوروبا.
كما أن حرص الرئيس على التباعد خلال اجتماعه مع ماكرون الذي يمثل الغرب وفرنسا الدولة المهمة في حلف الناتو، في الوقت الذي صافح فيه بوتين رئيس بيلاروسيا بحرارة، ذلك لإيصال رسالة مهمة مفادها رفض روسيا لمحاولات الغرب لفرض شروطه وإملاءاته وأن مقترحات الغرب بعيدة جدًا عن القبول الروسي، على عكس ما يشاع من أن السبب في الجلوس على تلك الطاولة الضخمة هو رفض ماكرون إجراء فحص فيروس كورونا.

الطاولة التي ظهرت في لقاء بوتين وماكرون لفتت أنظار العالم – رويترز

يذكر أن الرئيس الروسي قد دأب على إيصال رسائل ضمنية خلال اجتماعاته مع رؤساء الدول الغربية وزعماء الدول الإقليمية، بأن روسيا باتت في وضع يسمح لها بالدفاع القوي عن حدودها ومصالحها، وأنها في موقف الند للغرب، فقد ظهر قبل ذلك وهو يرمق الرئيس الأمريكي بنظرات حادة وقد قام بسقي القهوة المحمصة لأوباما بعد تغطيتها بحذاء عسكري سوفيتي، كما تعمد في العام 2020 ترك الرئيس التركي أردوغان واقفًا ينتظره على باب مكتبه لمدة تزيد على دقيقتين في قاعة معلق على جدارها لوحة للقائد الروسي الشهير "سوفوروف" الذي خاض حروبًا مريرة ضد العثمانيين في القرن الثامن عشر كانت نتيجتها ضم مزيد من أراضي الدولة العثمانية إلى الإمبراطورية الروسية.

وفي تجسيد آخر للإيمان الروسي بالندية مع الغرب، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صباح اليوم، بدء الهجوم على أوكرانيا بعملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس.

وطلب بوتين، في استعراض للقوة، الجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم على الفور والذهاب إلى ديارهم، وأضاف أن "المواجهة بين روسيا والقوى القومية في أوكرانيا لا مفر منها".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر العربي
كاتب مصري
تحميل المزيد