“الفن أصلاً حرام وفلوسنا كمان حرام”.. كيف كشف طلاق ياسمين رئيس عن أزمة نفسية عميقة داخل الوسط الفني؟

عدد القراءات
18,306
عربي بوست
تم النشر: 2022/02/23 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/24 الساعة 09:40 بتوقيت غرينتش
الفنانة المصرية ياسمين رئيس وطليقها هادي الباجوري / الشبكات الاجتماعية

نار خلف الرماد، تبدو خامدة لكنها في الواقع مستعرة، قناعة في الأعماق، وواقع مخالف لها، هكذا تبدأ القصص في كل مرة، كان آخرها تلك التي انتهت بطلاق كل من المخرج هادي الباجوري، وزوجته الفنانة ياسمين رئيس، بدأ كل شيء حين لامس الواقع القناعات، فعبر الرجل عن قناعته بأنه لا مانع لديه في أن يتم تقبيل زوجته، وأن ذلك هو الفن، لكن قناعات الأول لامست قناعات الفنان أحمد فلوكس، الذي لم يتحرج من فتح النار على زميله في عالم الفن لينتقده قائلاً: "ناس مين اللي بتسيب بناتها وزوجاتها تلبس مايوه عريان مش فاهم.. اتكلم عن نفسك يا ريس وعن نوعك"، لتبدأ سلسلة التداعيات، حيث ظهرت من بعدها ياسمين رئيس وحدها في الحرم، نشرتها لتدعو الله "يا رب" قبل أن تعلن طلاقها مستعينة بآية قرآنية.

فلوكس الذي نالت تصريحاته إعجاب المتابعين، أعرب عن أمنيته أن يصبح إمام مسجد في أحد الأيام، تعارض القناعات، هو السبب ذاته الذي دفع الفنان مصطفى درويش للانسحاب من فيلم "الملحد" من تأليف الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، وذلك على خلفية تصريحات الأخير بشأن الإسراء والمعراج، حيث أكد درويش: "تصريح المعراج ده يقلقني إني أشتغل في فيلم اللي كاتبه بيشكك في ديني".

المسألة ليست جديدة، والقناعات وإن طال اختفاؤها تظهر فجأة، في أوقات بعينها، لتقلب الموازين وتتسبب في تغييرات جوهرية في حياة الفنانين بين اعتزال وطلاق وحالة من عدم الارتياح بشأن المال المكتسب من المهنة.

قلق من قلب النوم

ياسمين رئيس
ليلى مراد

في الليل يبدأ كل شيء، حين تنطفئ الأنوار، تبدأ رحلة تقريع الذات، البعض يستيقظ في وسط الليل ليصلي، والبعض الآخر تطارده الأحلام والرؤي، والجميع يتمنى "توبة"، وتغييراً حاسماً في مجرى حياته يقربه من الجانب الديني- الذي يبدو ضمنياً- أنه يتعارض مع الجانب العملي.

صراع نفسي وحيرة متواصلة، تقود البعض لإعلان الاعتزال فجأة دون مقدمات، البعض يتراجع عن قراره والبعض الآخر يظل ثابتاً على موقفه بينما يشترك الجميع في تلك الحالة التي يعبر عنها كل منهم على طريقته الخاصة.

"أنور أنور.. قوم اصحى، صوت المؤذن النهاردة جميل، أحلى من أي يوم، أنا عايزة أشهر إسلامي" هكذا استيقظت الفنانة ليلى مراد، فجر أحد الأيام، لتتخذ قراراً حاسماً بشأن إشهار إسلامها، من نوم عميق، إلى استيقاظ وشهادتين وركعتين لله أتبعتهما بصلاة الفجر، لتشهر إسلامها في المسجد الأزهر على يد الشيخ محمود أبو العيون، الذي طلبت منه أن يعلمها أصول دينها الجديد.

"أنا بنام زي القتيلة، لكن في يوم وأنا عمري 50 سنة، قمت من النوم كابس عليا الصلاة.. أقول الفاتحة وأمسك ركبي، معرفش بعد كده بيقولوا إيه، كنت عمري ما صليت، روحت متصلة بشادية بعتتلي كتاب المسلم الصغير، وبعدها لاقيت الشيخ العشراوي بيكلمني، قالي عاوزة تصلي دلوقتي؟ قلت له مش أحسن من مفيش خالص!" الشعور ذاته طارد الفنانة مريم فخر الدين، في إحدى الليالي، بالرغم من محاولات والدتها لتغيير ديانتها، إلا أنها صارت لاحقاً لا دينية، قبل أن تلتزم كلياً بالصلاة من الفجر إلى العشاء "حياتي بقت مرتبطة بالصلاة". 

القناعة بأن الفن حرام!

ثمة سؤال متكرر عبر مواقع الفتوى الرسمية وهي الرسمية "هل الفن حرام؟"، في كل مرة لعل هذا ما دفع الفنان يوسف شعبان للشعور بالاضطراب حين لمح الشيخ الشعراوي بين حضور مسرحيته "دماء على ستار الكعبة" بالمسرح القومي، يقول: "ذهبت مع أبطال العمل وسألته هل يعتبر الفن حلالاً أم حراماً!" وقتها أجابه الشعراوي باستفاضة لكن بقي تخوف يوسف شعبان قاسماً مشتركاً بينه وبين فناني جيله والأجيال اللاحقة.

في الليل أيضاً كانت الفنانة شادية تعيش حالة خاصة عقب انتهاء عملها في مسرحية ريا وسكينة، قصة تحكيها قائلة: "كنت بصلي الفجر لأول مرة ومن هنا بدأ مشوار إن شغلي مش هايديني وقت أصلي وأقرأ قرآن، كنت أقرأ قرآن وأعيط.. عياط عياط عاوزة أحج، خلصت المسرحية سافرت عملت عملية في أمريكا، ورجعت عملت عمرة، ورجعت مصر عملت أغنية خد بإيدي.. عمري ما حسيت بسعادة وأمان زي ما غنيت في الحفلة دي".

غناء بلا موسيقى  

في أغسطس/آب من العام 2008 قاد الفنان السعودي محمد عبده حملة للغناء الملتزم بلا موسيقى، وأعلن عن عزمه التوجه نحو الغناء الإنشادي الخالي من المحاذير ضمن مشروع ينوي تنفيذه لمواجهة ما سماه "مطربات العري"، لكن المشروع الذي أعلن عنه عبر قناة اقرأ الفضائية لم يكتمل، وواصل الفنان تقديم أعماله مع الموسيقى وصولاً إلى الألبوم الأخير "سنجلات".

"فلوسنا حرام!" 

"طول عمري مش مقتنع إن دي فلوس حلال.. إيه يعني بحفظ كلمتين وأروح أقولهم قدام الكاميرا! بيتهيأ لي دي فلوس حرام لما أشوف نفسي باخد كام واللي حواليا تعبانين إزاي وبياخدوا كام" هكذا فكر عمر الشريف في الأمر دون الرجوع إلى شيوخ "عشان كده بحب أصرف الفلوس على الناس اللي حواليا معتبر ده رزقهم من خلالي".

"أبقى إنسانة غبية لو قلت فلوس الفن مش حرام" بهذه الكلمات حسمت الراقصة المصرية فيفي عبده أمرها، وعبرت بصدق عن قناعتها الحقيقية، مشيرة إلى رغبتها في التوبة التي لا تعلم موعدها: "خلاص كبرت بيها وبقيت فيفي عبده، مش هقدر أقول حرام وأتوب وما أتوبش، أنا بتعب في شغلي جداً، وربنا هو اللي عالم هتوب إمتى".

كل شيء حرام

حالة التناقض لدى البعض تمتد لأبسط الأمور، حتى يصير عالم المرء بالكامل، في نظره، حراماً، كما هو الحال مع الفنانة المغربية جليلة، والتي ظهرت على شاشة التلفزيون في ديسمبر/كانون الأول من العام 2018 لتؤكد أن حياتها بالكامل حرام في حرام "ملابسي وعدم ارتدائي الحجاب حرام، استخدامي لمواقع التواصل الاجتماعي حرام، ورموشي الصناعية وأظافري الصناعية حرام، أقوم بالكثير من الأمور المحرمة وأتمنى الهداية من الله!". 

ماتمناش أموت وأنا مطرب

"بصراحة ماتمناش أموت وأنا مطرب.. بتمنى إني أغني شوية كده وخلاص، مش آخر الأحلام إني أبقى بغني، عاوز أعمل حاجات أحسن من كده" هكذا كانت إجابة الفنان تامر حسني حين سألته المذيعة إنجي علي حول الامر الذي يؤرقه ليلاً ونهاراً".

بالطريقة ذاتها يتعامل المغني الشعبي سعد الصغير مع ما يقدمه، حيث لا يجد غضاضة من التأكيد: "شغلانتي كلها حرام في حرام"، وأنه يتمنى لو يناديه الله، بل يذهب الأمر لأبعد من ذلك حيث يؤكد: "أنا منافق لأني رجعت للشغلانة بعد ما مرضت ووعدت ربنا إني مش هارجع للشغلانة بس مجرد ما خفيت ولاقيت مش معايا فلوس كفاية رجعت.. بصراحة أنا ضحكت على ربنا" المطرب الذي أسس مسجداً تقرباً من الله، لم يجد اسماً أفضل له من "التوبة" ذلك الأمر الذي يتمناه بشدة، متخذاً من الفنان حمادة هلال مثلاً أعلى:"نفسي أبقى زيه، ما بيغنيش غير أفراح بس، مفيش أي مكان بيروحه فيه خمرا ولو لاقاها بيسيبها ويمشي وده بيبقى شرطه".

لا يعطي عمر كمال لوالدته المنتقبة أموالاً بشكل مباشر، حتى  لا تحدثه بشأن مدى كونها حلالاً أو حراماً، الفنان الشاب الذي تطارده الاتهامات طوال الوقت بشأن ماله الذي يصفه بعض متابعيه بـ "الحرام" ، وأن ما يفعله بعيد عن الله، لذا حرص على أداء مناسك العمرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث نشر صورة له من داخل الحرم المكي، مع تعليق يقول "من ترك بينه وبين الله باباً.. دخل منه يوماً ما".

الشعور بالذنب من فعل الغناء متأصل في عائلة عمر، "لا أحب سماع غنائه"، تتحدث والدته بصراحة وتتساءل: "هل يتمنى إنسان أن يموت وهو يغني؟ أنا مابسمعش أغاني من السبعينات، حوالي 30 سنة بلا أغان، كنت أتمنى أن يشتهر في أمر جيد كالهندسة أو غيرها، لكنه اختار طريقه، أتمنى لو يختار طريقاً يرضي الله". 

حتى منتجو الفن يشعرون بالذنب، محسن جابر، صاحب شركة عالم الفن والذي اعتزل قبل سنوات، قال في حوار سابق له: "محتمل يكون فيه شيء حرام ولكن أقول الله هو الغفور الرحيم، لأن الغناء ليس الكلمات التي يقولها المطرب فقط ولكن هناك ممارسات داخل الفن بها الكثير من الحرام، فعندما تدخل الفنانة كما اعتادت وتأخذني بالبوس والأحضان بهذا حرام وعندما تناديني يا حبيبي فهذا حرام".

ربما تلك هي القناعة ذاتها التي دفعت الفنان الأردني أدهم نابلسي، إلى إعلان "توبته" والتي أحدثت ضجة كبرى، ليحظى مقطع الفيديو الخاص بإعلانه الاعتزال بأكثر من 5 ملايين مشاهدة. 

التبرؤ إلى الله من الأعمال 

منتصف العام 2021 كانت حلا شيحة بطلة حالة عنيفة من الجدل، بدأت بمنشور عبر حسابها في مواقع التواصل إنستغرام كتبت فيه: "أنا اتفاجئت جداً بنزول كليب يجمع مشاهد متفرقة من الفيلم في أيام ذي الحجة المباركة، وخصوصاً بعد آخر بوست نزلته وضحت فيه أنا إيه، واتفاجئت أكثر خصوصاً بعد وعد تامر حسني ليا وتأكيده إنه هيحترم رغبتي وبعض الطلبات اللي طلبتها منه بكل احترام، ورد الصيف اللي فات، وأكد لي إنه هيحترم رغبتي، أنا عارفة ومتأكدة أن زملائي جواهم خير بس للأسف فتنة الشهرة والنجاح مش بتخلينا نشوف، بتكلم من قلبي الكليب ده ميرضيش ربنا.. وأنا عيطت لأني شفت نفسي في المشاهد دي، دي كانت زلة نتيجة ظروف مريت بيها وكلنا بنغلط، أنا مش هاتكسف أنا تبت من المشاهد دي وهي لا تصح وأنا غلطت وبصلح، والفن اللي بيخلينا نبعد عن منهج ربنا ومنبقاش قدوة لولادنا يبقى باطل وميبقاش فن، الفيلم عمل إيرادات ونجح بمقاييس الدنيا، بس لم ينجح بمقاييس الآخرة، استغفر ربنا يا تامر وتوب عن اللي إنت فيه، وافتكر لما قلت أنا عايز أموت وأنا مش مطرب"، لاقت  حلا وقتها هجوماً حاداَ كان شعاره "باب التوبة ليس موجوداً على الإنستغرام". 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد