بعد معاناة مع فوضى الأغراض الزائدة.. هكذا نجحتُ في ترتيب بيتي والتخلص من “الكراكيب” إلى الأبد

عدد القراءات
553
عربي بوست
تم النشر: 2021/12/04 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/04 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش
فوضى الأشياء الزائدة في المنزل، وكيفية ترتيبها أو التخلص منها/ Istock

كان البيت مع وجود ثلاثة أطفال يبدو معظم الوقت كأن قنبلة انفجرت فبعثرت كل الأغراض، لا أستطيع استقبال الضيوف، ولا يكفي مجهودي للترتيب المستمر، كلما انتهيت من الترتيب أبدأ من جديد، عندما قررنا الانتقال من بيت لبيت قررت اتباع نصائح ماوي كوندو في الترتيب والتخلص من الكراكيب.

مارى كوندو هي خبيرة يابانية في الترتيب، وتدير عملاً ناجحاً لمساعدة الزبائن على ترتيب أغراضهم، مؤلفة كتاب سحر الترتيب ولديها سلسلة وثائقية على شبكة نتفليكس.

تقول ماري كوندو إنه لا يمكننا الترتيب مطلقاً إذا لم نتعلم الطريقة، صحيح أن الأساتذة في المدارس يقدمون دروساً في كل شيء، بدءاً من الطبخ، ومروراً بالاعتناء بالحديقة، لكنك لن تجد على الأرجح دروساً لتعلم كيفية الترتيب، فثمة افتراض عام لدى الجميع، وهو أن الترتيب لا يحتاج إلى تعليم، وإنما يتم اكتسابه بصورة طبيعية.

والحقيقة أن مهارات الطهي ووصفاته يتم توريثها، وهي بمثابة تقاليد عائلية من الجدة إلى الأم فالابنة، لكن لم يسمع مطلقاً بتوريث الأسرار العائلية للترتيب، حتى ضمن الأسرة الواحدة.

لماذا نحتفظ بالكراكيب ولا نتخلص منها؟

بدأت بفرز الأشياء أثناء انتقالي من البيت، وجدت قطع ملابس لم أرتدها منذ عشر سنوات، حملتها معي من مصر إلى فرنسا ومن فرنسا إلى ألمانيا، قطع لم تلبس لأني بعدما اشتريتها وجدتها غير مناسبة، وظلت تنتقل معي أملاً في أن تكون مناسبة، ثم أصبحت من الذكريات التي لا أفرط فيها، كتب ومذكرات وقطع أوراق صغيرة وبقايا تغليف هدايا لم أعد أذكر لماذا احتفظت بها.

تقول كوندو إنه بالإضافة إلى القيمة المادية للأشياء، هناك ثلاثة عوامل إضافية تعطي القيمة للأغراض: الوظيفة، والمعلومات، والارتباط العاطفي. وعند إضافة عنصر الندرة تتضاعف أكثر فأكثر الصعوبة في اختيار ما يجب التخلص منه. ونحن كأشخاص نواجه مشكلة في التخلص من الأشياء التي لا يزال بوسعنا استعمالها (القيمة الوظيفية) التي تحتوي على معلومات مفيدة (قيمة معلوماتية)، والتي نملك معها روابط عاطفية، وحين يصعب الحصول على تلك الأشياء مرة أخرى (الندرة) تزدادُ أكثر صعوبةُ رميها.

كراكيب
لماذا لا نتخلى عن الأشياء غير القابلة للاستعمال مجدداً؟/ Istock

اتبعت نصيحة ماري كوندو في البدء بعدم جمع الأشياء التي تثير المشاعر داخلنا، مثل الصور والمذكرات، فهي لا تملك فقط روابط عاطفية، ولكن أيضاً تحمل عنصر الندرة.

لذلك أفضل تسلسل هو: الملابس، وبعدها الكتب، ثم الأوراق والأغراض المتفرقة، وأخيراً الأشياء ذات القيمة العاطفية والذكريات.

لا تدع عائلتك تراك!

الترتيب يولد الكثير من النفايات، وفى هذه المرحلة الكارثة الوحيدة التي يمكن أن تحدث دماراً أكثر من الزلزال هي دخول خبير إعادة التدوير، سيكون هناك دائماً شخص في العائلة يلومك عند محاولتك التخلص من الأغراض غير المستخدمة، سيشعرك كم أنت مبذر وكم أنت شخص لا تعطي قيمة للأشياء، أفضل ما يمكن فعله ألا تجعل هذا الشخص يراك أثناء تخلصك ورميك للنفايات.

ما يجب فعله حين تعجز عن رمى شيء ما

المعيار الذي اعتمدته كوندو للاحتفاظ بالأشياء هو قدرة تلك الأشياء على بعث مشاعر الفرح فينا، وحيث إن الحكم البشرى ينقسم إلى نوعين كبيرين: الحدسي والعقلاني، ففيما يتعلق بانتقاء ما يجب رميه يكون حكمنا العقلاني سبب المشكلة.

فرغم أن هذا الشيء لا يجذبنا فإن عقلنا يعمد إلى تقديم كل أنواع الحجج لعدم رميه: "ربما أحتاج إليه لاحقاً أو لقد كان باهظ الثمن"، لاحظت أناً أيضاً ذلك عندما قررت التخلص من بعض الكتب المدرسية لأولادي حين كانوا صغاراً، رغم أني أعرف أن تلك الكتب لم تستخدم منذ خمس سنوات، وأنها بالفرنسية وهم يدرسون بالألمانية، إلا أني أعترف أنني لم أستطع التخلص منها في ذلك الوقت.

تنصح كوندو عملاءها حين يشعرون بالعجز عن التخلص من الأشياء أن يفكروا ملياً في سبب امتلاكهم ذلك الغرض، متى حصلوا عليه؟ وما معناه بالنسبة لهم وقتها؟ ثم يعيدون تقييم الدور الذي يؤديه في حياتهم. فالأشياء التي نحتفظ بها دون داعٍ إما لأننا عندما اشتريناها شعرنا بالفرح أو لأننا أدركنا لاحقاً أنها كانت لا تناسبنا، وتعلمنا منها أن ذلك النمط من الأشياء غير ملائم لشخصيتنا.

الترتيب حسب الفئة وليس حسب المكان

تنصح ماري كوندو عملاءها بأن يقوموا بترتيب الأغراض حسب الفئة (الملابس- الكتب- الأوراق)، وذلك لتفادي مشكلة أننا نقوم بتخزين الغرض نفسه مرات عدة في أماكن مختلفة، لكن عندما نقوم بفرز نفس الفئة مع بعضها ندرك كمية الأشياء المكررة وغير المستعملة ونستطيع التخلص منها.

طبقت تلك النصيحة بينما كنت أنتقل من منزل لآخر، قمت بفرز الأشياء حسب الفئة، ذهلت من كمية الأشياء غير المستخدمة منذ سنوات، حتى إنني كنت نسيت وجودها، عينات مستحضرات التجميل، والملابس، والكتب، والألعاب.

أدركت أني عندما كنت أرتب الأغراض حسب الموقع (أغراض غرفة المعيشة، أغراض غرف النوم، إلخ) لم أكن أرتب، وإنما كنت فقط أخزنها بعيداً عن عيني، هذا إلى جانب الأغراض المكررة الموزعة بين الغرف. أدركت أن وضع الأشياء بعيداً يولد شعوراً بأنه قد تم التخلص من الفوضى، ولكن عندما تمتلئ الأدراج ووحدات التخزين تعود الفوضى مجدداً.

عندما اتبعت تلك الطريقة أثناء النقل تخلصت من عشرات الأكياس الممتلئة بأشياء لم يكن هناك داعٍ للاحتفاظ بها.

كيف ننظم الأوراق المزعجة؟

الأوراق ربما هي من أكثر الأشياء إزعاجاً لي في المنزل، وذلك لأن ترتيبها يتطلب ليس فقط وقتاً وجهداً، ولكن أيضاً تركيزاً شديداً، كانت لديّ غرفة مليئة بأكياس أوراق انتقلت بها عبر ثلاث دول، بدأت في ترتيبها منذ أشهر، لا أزعم أني انتهيت منها لكني قطعت شوطاً كبيراً في ترتيبها حين أدركت كيف أرتبها.

ترتيب الأوراق والكتب والمجلات القديمة/ Istock

تقسم ماوي كوندو في كتابها سحر الترتيب الأوراقَ إلى:

أوراق الدراسة والمؤتمرات: إذا لم تستفد من مؤتمر أو حلقة دراسية فلا تحتفظ بأوراقها لأنك لن تعود إليها أبداً، ولن تقرأها لاحقاً كما تزعم منذ سنوات، إذا لم تعلق المعلومات المهمة أثناء الدرس أو المؤتمر بذهنك في الغالب لن تتعلم شيئاً كبيراً من الأوراق الصغيرة التي توزع أثناءها، فقم بالتخلص من تلك الأوراق.

بيانات الدفع من البنك: ترى كوندو أنه يمكن التخلص منها بعد معرفة محتواها، لكني رتبتها حسب تاريخها الزمني في ملفات شفافة، ووضعت فاصلاً بين كل عام وآخر. وطلبت من البنك أن يجعلها إلكترونية لتجنب تكدس الأوراق بلا داع.

دليل استخدام الأجهزة الكهربائية وشهادات التأمين عليها: توضع في ملفات شفافة ولا ينبغي خلط شهادات التأمين مع أدلة الاستخدام.

ترتيب الأغراض المتفرقة

(كل ما هو ليس ضمن فئة الملابس والكتب والأوراق)

علب الهواتف الجوالة: ببساطة ارمِها، لن تحتاج إليها مجدداً بعدما قررت إبقاء هاتفك الجديد معك، احتفظ بشهادة التأمين وتخلص من الباقي.

وصلات كهربية غير محددة الوظيفة: إذا رأيت سلكاً وتساءلت عن طبيعته، فمن المحتمل أنك لن تستعمله مجدداً، السلوك الغامضة تبقى غامضة، احتفظ فقط بالأسلاك التي تستطيع تحديد مهامها بوضوح، وتخلص من الباقي.

الأزرار الاحتياطية: المعاطف والسترات، قم بتثبيت الأزرار الاحتياطية في البطانة الداخلية لها فور شرائها، وتخلص من عشرات الأزرار الاحتياطية التي تحتفظ بها منذ سنوات فلن تستخدمها أبداً.

كراتين الأدوات الكهربائية: لن تحتاجها أبداً، إذا لم يكن لديك مكان للتخزين فأنصحك برميها، وإذا قررت الانتقال من منزل لآخر يمكنك شراء علب ملائمة.

أجهزة التلفزيون والراديو المكسورة: تخلص منها فإنك لن تصلحها أبداً.

عينات مستحضرات التجميل المحتفظ بها للرحلات: صلاحية تلك المواد لا تتجاوز في معظمها بضعة أسابيع، فتخلص منها.

الهدايا المجانية: ارمها بعيداً من دون الإحساس بوخز الضمير.

تخزين الأغراض لحياة ممتعة

تنتج الفوضى عن سببين محتملين: الحاجة إلى الكثير من الجهد لترتيب الأشياء، أو عدم معرفة المكان الذي تنتمي إليه الأشياء بوضوح.

بالنسبة للأشخاص الكسالى مثلي تنصح كوندو بالتخزين في مساحة واحدة في المنزل.

  • احتفظ بالأشياء المتشابهة في المكان نفسه، أو في أماكن قريبة من بعضها.
  • خذ محتويات أي دُرج، ضع الأشياء التي تستعملها أكثر في الجهة الأمامية للدرج، والأشياء التي تستعملها أقل في الجهة الخلفية.
  • خزّن الأشياء بشكل أفقي جانب بعضها وليس على شكل كومات فوق بعضها.
  • لا داعي لشراء لوازم للتخزين من فواصل وعلب، علب الأحذية تكفي أستخدمها منذ سنوات ووجدتها تطابق المعايير الخمسة التي حددتها كوندو لاختيار علب التخزين: الحجم، المتانة، سهولة الاستعمال، والجاذبية. استخدم الأغطية الخاصة بتلك العلب لوضعها تحت زيوت الطهو والتوابل، لإبقاء أرضية خزانة المطبخ نظيفة، ووجدت كوندو أيضاً تنصح بذلك، يمكن القول إن أي وعاء أو صندوق مربع بالحجم الصحيح سيكون مفيداً للترتيب.
  • حقائب السفر: استخدمها لتخزين الملابس والأغراض الصغيرة التي لا تناسب الموسم.

يمتلئ كتاب سحر الترتيب بالتفاصيل الخاصة بالتخزين والتخلص من الأغراض غير المستخدمة والتي تسبب ازدحاماً في البيت وصعوبة الوصول للأغراض التي تجعلنا حقاً سعداء وتمنحنا الشعور بالراحة.

قبل قراءتي لهذا الكتاب ومحاولة اتباع النصائح بما يناسب بيتي وشخصيتي كنت أكره الترتيب، وخصوصاً الترتيب اليومي، ولكن شيئاً فشيئاً أصبح الترتيب اليومي روتيناً محدداً بأهداف أعرفها قبل البدء فيه، فتخففت من الضغط النفسي وصارت الأمور أيسر. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أسماء بركات
طبيبة أسنان مقيمة في ألمانيا
أسماء بركات، أم لثلاثة أطفال، طبيبة أسنان، مدونة ومهتمة بحالة حقوق الإنسان والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم، مقيمة في ألمانيا.
تحميل المزيد