خضعت العقيدة القتالية الإسرائيلية، في غضون عقدين إلى عدة مراجعات متتالية، عبرت عنها خطط كيلع وتيفين وعوز وجدعون وتنوفا.
حصلت المراجعة الأولى عقب حرب الخليج الأولى والثانية في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق العام 2003، والمراجعة الثالثة أتت بعد حرب صيف، أما الرابعة فأحدثها "الربيع العربي" لا سيما تداعيات انفجار الوضع في سوريا، والخامسة فكانت نتاج حرب غزة 2014، إلى أن وصلنا لخطة الزخم "تنوفا" التي يكثر عنها الحديث بين الفينة والأخرى، ومن خلال دراسة لمجمل الخطط الأركانية الإسرائيلية خلال الفترة (2003 – 2021) نوضح أهم خلاصاتها ونتائجها:
خطة "كيلع" (2003-2006) رئيس الأركان موشيه يعلون
خلاصات الخطة:
1ـ قائمة على فكرة "الحرب عن بعد".
2ـ خفض حجم القوات البرية العاملة بنسبة ١٠ ٪.
3ـ إعادة تأهيل القوات وتدريبها، لاستيعاب البرامج والأسلحة الحديثة.
نتائج الخطة: في أعقاب فشل إسرائيل في "حرب لبنان الثانية" 2006 صب أغلب الجنرالات جام غضبهم على خطة كيلع، منتقدين أسلوب إدارة الحرب، والاعتماد على سلاح الجو، وإهمال دور الجهد البري .
خطة "تيفين" (2008-2012) رئيس الأركان جابي أشكنازي
خلاصات الخطة :
1ـ تعزيز كفاءة القوات البرية، كماً ونوعاً.
2ـ تقوية الذراع الطويلة للقوات الجوية وأنظمة الإنذار والتجسس الفضائي.
3ـ الوصول إلى "جيش متعدد الأهداف".
نتائج الخطة: ألغت عملياً خطة كيلع، ونظرية "الحرب عن بعد" وفكرة الجيش الصغير والذكي، وأرجعته إلى استراتيجية الحرب الخاطفة السريعة، وعمادها تقوية القوات البرية إلى جانب سلاح الجو، في هذه الخطة غابت التسوية بين "الضرورات والمخاطر"، وتبين أن الموارد اللوجستية مصابة بنواقص كثيرة في عناصر مختلفة مثل: التصدي للصواريخ قصيرة المدى، والإخفاقات في بناء القوة
خطة "عوز" (2011-2014) رئيس الأركان بيني غانتس
خلاصات الخطة :
1ـ تقليص فرق سلاح البر.
2ـ زيادة الإنفاق على المشروعات المتعلقة بأجهزة الاستخبارات، وبالقدرات القتالية المتطورة لدى أسلحة الجو والبر والبحر، وعلى المشروعات المتعلقة بالحرب السيبرانية.
نتائج الخطة: خطة عوز أطاحت بخطة تيفين ورؤى أشكنازي، حول بعث الروح في جيش الشعب، ومعها كل الجهد المبذول، خلال السنوات الماضية، من تدريبات ومناورات واستحداث وحدات برية جديدة. وتوضح فشل الخطة خلال حرب غزة 2014.
"خطة جدعون" (2015- 2019) رئيس الأركان جادي آيزنكوت
خلاصات الخطة:
1ـ توحيد ذراع العمليات البرية وذراع السايبر واللوجستيك.
2ـ تشكيل مركز تنسيق بين مختلف أذرع الجيش والأجهزة السرية.
3ـ تعزيز قدرة الجيش الإسرائيلي على الردع والنشاط التشغيلي في إطار (المعركة بين الحروب).
نتائج الخطة: الخطة لم تحمل أي جديد، باستثناء التعديلات التي طالبت بها لجنتا مريدور عام (1986) وعام (2006) التي كان من أهمها ضم مصطلح الدفاع إلى جانب مصطلحات الردع والإنذار المبكر وحسم المعركة إلى الاستراتيجية الجديدة. وأضيفت ساحتا حرب جديدتان هما (التجسس والقرصنة الإلكترونية والصراع من أجل اكتساب الرأي العام الدولي).
خطة "تنوفا" (2020-2025) رئيس الأركان أفيف كوخافي
خلاصات الخطة:
1ـ جعل الجيش أكثر تكنولوجيةً وأشد فتكاً.
2ـ الحفاظ على نوعية القوى البشرية بجيش الاحتلال.
3ـ رفع مستوى الدافعية للخدمة بالجيش.
4ـ ملاءمة ذراع البر وفقاً للمتغيرات المختلفة.
5ـ مضاعفة القدرات الدفاعية بمجال السايبر، والربط بين الأذرع المختلفة.
نتائج الخطة: جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية والسياسية وجهت ضربة قوية لخطة "تنوفا"، وتسببت في تأخير العديد من البنود المتعلقة بالمنظومات الدفاعية والهجومية الواجب الحصول عليها، حاول "الجيش" الإسرائيليّ العمل على استبدال مفهوم الحسم العسكريّ، ليحل محله مفهوم النّصر، وهو المصطلح الجديد الذي أدخله غادي إيزنكوت، رئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي الأسبق، إلى وثيقة "الجيش" الإسرائيلي في العام 2015.
لقد أثبتت معركة "سيف القدس" أنَّ "الجيش" الإسرائيلي لم يستطِع تحقيق النصر المأمول في خطّة "تنوفا"، بل على العكس، انهزم بشكل واضح على مستوى الخطة العسكرية أمام المقاومة الفلسطينية.
الخلاصة النهائية:
يتبين من خلال استعراض الخطط القتالية الإسرائيلية، أنها في غضون عقدين خضعت تقريباً إلى خمس مراجعات متتالية، كان واضحاً فيها التركيز على التفوق الجوي، وانعكس ذلك تدريجياً على إهمال نسبي للقوات البرية؛ إذ سادت قناعة لدى القيادات العسكرية بأن المناورة والمعركة البرية تنتمي لحروب الماضي، ولهذا كان اهتمامهم الأكبر بتحديث وتقوية القوات الجوية، لتصبح أساس ومحور التحديث الفعلي في الجيش الإسرائيلي.
الخطط الإسرائيلية المتواصلة تؤكد ما تشكله المقاومة من حالة استنزاف للمقدرات الصهيونية على الصعيد البشري والمادي، وقد أثبتت المواجهة المباشرة قدرة المقاتلين المقاومين على مواجهة جيش العدو، على الرغم من العمل الدؤوب على استخلاص العبر.
إن أبرز ما في الرؤية الاستخباراتية الإسرائيلية الراهنة هو عدم قدرة الاستخبارات العسكرية على ادعاء الوضوح في استشراف مجريات الأمور، والسبب في ذلك التغييرات المتسارعة في خريطة التهديدات في المنطقة التي من شأنها أن تؤدي إلى أخطاء في التقديرات الاستخباراتية، فلا رؤية بعيدة المدى والحسابات رهن التطورات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.