بعد حظر بريطانيا لحركة حماس.. ما الفرق بين المقاومة والإرهاب؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/21 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/21 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية / gettyimages

يعد إعلان وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، الجمعة، أنه سيتم حظر حركة "حماس"، كونها منظمة إرهابية، نتاج غياب العدالة الدولية على مدار العقود الماضية، التي كانت سبباً في حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، بل إن عدالة القضية الفلسطينية ونهج حماس الواضح في مقاومة الاحتلال، هذه المقاومة التي تقرها المواثيق الدولية، التي لم يكن من الممكن أن تخطئها عين، ضاعت وسط ضبابية المعايير المزدوجة وسياسات الكيل بمكيالين، أو حتى بأكثر من مكيال، ما أدى إلى طغيان أصحاب النفوذ الدولي والقوة الغاشمة على أصحاب المبادئ والقيم، وكذلك تحويل الباطل حقاً وإظهار الحق باطلاً!

بسبب المعايير المزدوجة لبريطانيا ومثيلتها في التعامل مع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، يتم اعتبار المقاومة الفلسطينية المشروعة عملاً إرهابياً، بينما ترى في الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني وتخريب مدنه وتجريف أراضيه وسجن أبنائه "دفاعاً مشروعاً عن النفس"، ما شكّل مظلة رسمية للاحتلال الإسرائيلي لمواصلة اعتداءاته على الأبرياء، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة!

بريطانيا جزء من معاناة شعبنا، فمن خلال "وعد بلفور"، الذي منحت بموجبه أرض فلسطين للحركة الصهيونية، لإقامة وطن قومي لهم، فهي تتحمل وزر هذا الوعد المشؤوم، وعليها مسؤولية سياسية وأخلاقية وأدبية، وهي مطالبة بوقف سياسة ازدواجية المعايير والاعتذار عن هذا الوعد وهذه الجريمة بحق شعبنا الفلسطيني، وتقر بكافة الحقوق الفلسطينية في هذه الأرض، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيره.

تحاول دولة العدوان والاحتلال أن تستخدم كافة الوسائل الممكنة لإلصاق تهمة الإرهاب بأعمال المقاومة الوطنية، واستغلال هذا الموقف ضدها أمام المحافل الدولية وأمام الرأي العام، للنَّيْل من حق ومشروعية المقاومة.

فالمقاومة على المستوى العالمي هي طاقة حيوية تتمتع بها جميع الكائنات لتحافظ على حياتها، وتصدّ أية محاولة للنَّيل من سلامتها وأمنها، أما على المستوى الإنساني فهي نشاط استراتيجي تمارسه الدول والمجتمعات والأفراد لمنع حدوث العدوان ابتداءً، أو دفعه إذا حدث، ثم تتبعه حتى يكفّ المعتدي عن عدوانه ويرجع الحق إلى أهله، والمقاومة بهذا المعنى تعني أي نشاط شعبي أو مسلح ضد مستعمريها أو محتلي أراضيها من أجل الحصول على الحق في تقرير المصير.

أما الإرهاب فتعرفه الموسوعة السياسية "استخدام العنف غير القانوني، والتهديد به بأشكاله المختلفة كالاغتيال، والتشويه، والتعذيب، والتخريب، والنسف بغية تحقيق هدف سياسي مثل: إضعاف روح المقاومة والالتزام عند الأفراد، وإضعاف المعنويات عند الهيئات والمؤسسات، أو استخدامه وسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال، وبشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية" .

 وفي القاموس السياسي، نجد أن كلمة الإرهاب تعني "محاولة نشر الذعر والفزع لأغراض سياسية، والإرهاب وسيلة تستخدمها حكومة استبدادية لإرغام الشعب على الخضوع والاستسلام لها" .

والمقاومة الوطنية تتميز عن الأعمال الإرهابية من عدة أوجه وهي:

من حيث المشروعية: تعد المقاومة الشعبية عن طريق حركات التحرير الوطنية المنظمة ضد المحتل أمراً مشروعاً، حسب القوانين والأعراف الدولية، بينما الإرهاب عامة هو عمل غير مشروع، لأن هدفه أيضاً غير مشروع، فهو يُرتكب بدوافع الانتقام والترويع، وبوسائل وحشية، بغض النظر عن النتائج.

من حيث الهدف: تهدف الأعمال الأرهابية دوماً إلى الانتقام والتخريب وترويع الآمنين، وبالتالي فإن الهدف سواء كان مدنياً أو عسكرياً فهو عمل انتقامي وغير مشروع، موجّه لوجهة غير معلومة وغير محددة. أما هدف المقاومة الشعبية أو الكفاح المسلح فهو دوماً الاحتلال وقواته، ذلك المحتل الذي اغتصب الأرض بالقوة، وممارسة هذا الحق مستقرة في المواثيق الدولية، ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة، بالدفاع الشرعي عملاً بالمادة 51 من الميثاق، وحق تقرير المصير عملاً بالمادة 55 منه.

من حيث الغاية والقصد: الغاية من وراء اقتراف العمل الإرهابي هي الانتقام والترهيب، وبث الخوف والرعب في نفوس الآمنين، أما الغاية والقصد من وراء المقاومة المشروعة فهي نيل الحرية والاستقلال، وإزاحة الاحتلال عن الأرض.

من حيث وسائل التنفيذ: وسائل المقاومة المشروعة هي موجهة ضد الأهداف العسكرية، وجيش الاحتلال ومستوطنيه، بينما وسائل الأعمال الإرهابية غالباً ما تكون وسائل مدمرة، تؤدي دوماً إلى إفناء الهدف وتدميره.

ختاماً: الفرق واضح بين مفهومي المقاومة والإرهاب، وما يشهده الواقع الدولي من خلط هو نتاج لغياب مفهوم للإرهاب متفق عليه بين الدول، حيث تلجأ بعض الدول إلى الخلط بين حق تقرير المصير وحق المقاومة المشروعة ضد قوات الاحتلال، وهو ما أضر بحركات الكفاح الوطني، وأدى لاعتبار بعضها منظمات إرهابية، بالإضافة إلي ذلك فإن اتباع الدول الكبرى لسياسات الكيل بمكيالين في تناولها لبعض الصراعات، ووقوفها في جانب طرف دون الآخر، أدى لزيادة الشعور بالظلم، ما دفع نحو المزيد من العنف. 

إن تحرير الوطن والدفاع عن النفس ضد أي عدوان من الاحتلال الإسرائيلي يبقى حقاً منسجماً مع مبدأ حق تقرير المصير.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رامي أبو زبيدة
باحث بالشأن العسكري
رامي أبوزبيدة، حاصل على ماجستير في إدارة الحرب واستراتيجية الأنفاق، كاتب ومحلل عسكري لدى عدد من الصحف والمواقع والقنوات الفضائية العربية والفلسطينية
تحميل المزيد