سأحمل روحي على راحتي * * وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق * * وإمّا مماتٌ يغيظ العدا
هذه قصيدة للشاعر الفلسطيني، الشهيد عبد الرحيم محمود، من بلدة عنبتا قضاء مدينة طولكرم، الذي استشهد في معركة الشجرة عام 1948م.
في هذه القصيدة يُخير الشاعر في الدفاع عن وطنه بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يعيش حياة تسر الصديق وإما أن يموت مماتاً يقهر الأعداء.
يفضل الأسرى الموت على حياة مليئة بالذل والتعذيب والحرمان، والمعاملة المشينة التي يتعرضون لها، كالتعذيب والعزل والتفتيش، والضرب، والحرمان من النوم، فقد أصبح الإضراب عن الطعام لدى الأسرى جزءاً ثابتاً من حياتهم، سواء أكانوا رجالاً أو نساء، فالإضراب عن الطعام هو الوسيلة الوحيدة لمقاومة هذه الظروف.
يتمثل الإضراب عن الطعام في الامتناع التام عن تناول الطعام، وتناول الماء والملح فقط، وفي كثير من الأوقات يعلن الأسير إضرابه عن الملح أيضاً، هذا الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى تدهور سريع وخطير على حالته الصحية، وهناك الكثير من الأسرى الذين استشهدوا جراء الإضراب عن الطعام.
ويلجأ الأسرى إلى الإضراب عن الطعام رفضاً للاعتقال الإداري، أي اعتقال دون تهم موجهة ضدهم، ويكون الاعتقال دون محاكمة، ومدته غير محددة، ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي هذه الوسيلة بشكل جارف، حيث إن سلطات الاحتلال اعتقلت آلاف الفلسطينيين على مر السنين ولفترات طويلة.
للإضراب عن الطعام تاريخ طويل في تاريخ العالم أجمع، والكثير من الأسرى يلجأون إلى الإضراب عن الطعام للفت النظر حول معاناتهم، أو لوقف الاعتقال الإداري بحقهم، أو السماح بالزيارات العائلية للأسرى.
في الماضي كان الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال يتم من خلال صورة جماعية، وتخطيط منظم، ومن قبل قيادة الحركة الأسيرة من كافة الفصائل الفلسطينية، وبمجرد إعلان الأسرى إضرابهم عن الطعام كانت تفتح معهم إدارة السجون حواراً؛ لثنيهم عن هذه الخطوة، وكانت هذه الخطوة تحظى باهتمام عالمي ودولي ومحلي وإقليمي، ومع مرور بعض الأيام كانت إدارة السجون تستجيب لهم وتحقق مطالبهم.
نلاحظ اليوم أن أعداد الأسرى الذين يضربون عن الطعام ارتفع بشكل كبير، وبشكل فردي أيضاً، هذا الأمر من شأنه ألا يحظى باهتمام إلا من عائلة الأسير المضرب وأقاربه وحيه الجغرافي، ويمكن أن يصل إلى مؤسسات شؤون الأسرى، فضلاً عن مماطلة الاحتلال في فتح حوار مع الأسير المضرب، من أجل كسر عزيمته وصموده ومحاولة لتراجعه عن هذا الإضراب، بالإضافة إلى خوف الاحتلال من تحقيق الأسير المضرب عن الطعام للإنجازات الهامة والانتصار، الذي قد يدفع غيره من الأسرى إلى الالتحاق به.
نجاح الإضراب عن الطعام يعتمد على ثلاثة عوامل: أهمها قوة إرادة المضرب عن الطعام، والتحركات الشعبية المساندة للأسرى المضربين، والحشد الإعلامي.
على الرغم من انتصار العديد من الأسرى الذين أضربوا عن الطعام وحققوا مطالبهم، فإن انتصارهم غالباً ما كان انتصاراً مؤقتاً، لتعود معاناتهم إلى ما كانت عليه بعد فترة قصيرة من الزمن.
والأسرى المضربون الآن هم: كايد الفسفوس، (مضرب منذ 100 يوم)، مقداد القواسمة (منذ 93 يوماً)، علاء الأعرج (76 يوماً)، هشام أبو هواش (67 يوماً)، شادي أبو عكر (59 يوماً)، عيّاد الهريمي (30 يوماً).
ويبقى السؤال: متى ننصرهم بالنشر عنهم والضغط الإعلامي حتى الحصول على حريتهم؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.