مقابل نسب طلاق مرعبة وصلت إلى حالة طلاق كل دقيقتين في مصر، يبقى قرار فتاة جميلة ومرغوبة ومشهورة في البقاء دون زواج لافت بل ومعجز، ما يجعلني أتساءل كيف يتمكن جميلات الوسط الفني من مقاومة الرغبة العارمة بداخلهن في تكوين أسرة وبيت؟ وفي رحلة البحث عن الأسباب اكتشفت سبباً مثيراً للغاية.
جميلات الوسط الفني دون زواج
خمس جميلات في الوسط الفني أعلنّ أن المقاييس والمعايير التي وضعنها لفارس الأحلام لم تجد من يكافئها، وأنهن على استعداد للبقاء دون زواج إلى الأبد ما لم يجدن الزوج المناسب.
وفي الوقت الذي جرب فيه البعض الزواج بالفعل ليضرب عنه لاحقاً كإلهام شاهين مثلاً والتي تعيش دون زواج منذ 24 عاماً، بقيت الفنانات المذكورات أدناه خارج تجربة الزواج بالكامل، يقفن على بابها مع تجارب وشيكة لارتباط عاطفي أو خطوبة تتبدد سريعاً ليزداد من بعدها الحرص ويطول من بعدها البقاء قيد العزوبية. في تطبيق عملي للمثل المصري الأكثر عقلانية "قعدة الخزانة ولا جوازة الندامة".
مي عز الدين تبحث عن توأمها
رغم جمالها الشديد لم تسلم مي عزالدين من "الترك والهجران" مرات عديدة في حياتها، حدث ذلك حين حظيت بعلاقة عاطفية "مؤذية" في بداية حياتها عندما "صحيت من النوم مالقتهوش، اختفى فجأة من حياتي". التجربة التي آلمتها بشدة وربما كان سبباً في حالة الحذر الشديد التي تعاملت بها لاحقاً مع مشاعرها وعاطفتها.
لكن السبب الأقوى برأيي هو انفصال والديها، وبقائها بصحبة والدتها، لترى والدها في العام الواحد ربما مرة واحدة، حتى أنها لم تميز صوته خلال أحد اللقاءات التلفزيونية التي هاتفها خلالها ليشيد بها ويعلن فخره بها، وتقديره لمجهود والدتها في تربيتها، لتنهمر الدموع من عينيها بمجرد معرفتها أن المتصل هو "بابا".
ارتباط وحيد غير ناجح من لاعب الكرة "محمد زيدان"، قبل 12 عاماً، لم تعلن مي عن ارتباطها بعده. الشابة البالغة من العمر 41 عاماً، تؤكد أن بقاءها عازبة أمراً ليس بيدها، ولكنه يتعلق بمواصفات فارس أحلامها المستحيلة، "بدور على شخص يشبهني في كل حاجة، أنا مش عايشة الدور.. أنا بني آدم عادية، بنات كتير عندها نفس المشكلة دي، مش عاوزة ترتبط بسهولة، مش بتحب بسهولة أو العلاقة بتبوظ لما بتحب، أو بيحصل شيء ما، تجرب بالعقل مش قادرة، وبرضو مش قادرة تاخد حد بتحبه".
تخشى مي الفشل بشدة، ربما بعد أن رأت كيف تكون حياة الأمهات الوحيدات في صورة والدتها، هكذا بقيت لسنوات في حالة من الصراع بين القلب والعقل يدعمها عدد غير قليل من التجارب الفاشلة لصديقاتها اللائي فشلت علاقاتهن أيضا سواء في حالتي الاختيار بالقلب أو العقل، بينما تجربة والدتها صوب عينها، انتهى الجميع إلى الانفصال!
جميلة لكنها غير سعيدة، هكذا هي مي لا تشعر بالأمان كممثلة، وظيفة تصفها بـ"الموسمية". ففي لقاء لها داخل مقر إحدى الصحف المصرية تحدثت مي بصراحة شديدة مؤكدة أنه لا يوجد في التمثيل أمر اسمه "أنا عاوزة أركز في شغلي"، لأن العمل يكون لشهور معدودة في العام بينما تبقى الممثلة بقية العام دون عمل، "أنا حابة الارتباط وعاوزة جداً، مفيش بنت سوية مش هتحلم إنها تكون زوجة وأم وعندها بيت، البنت مابتحسش إنها بنت اكتملت وإنسانة ليها كيان غير بالارتباط، مهما نجحت في الشغل ممكن يروح في يوم وليلة".
عقلانية مي تجعلها ترى أنها وإن بقيت على رأس قائمة الأكثر مشاهدة لعدة مواسم فسوف ينتهي ذلك مع الوقت لا محالة، لكنها في الوقت نفسه لا تزال حائرة، ترى أن مشكلتها مشكلة جيل كامل لا يعلم الصواب من الخطأ في العلاقات.
يبدو أن مي تبحث عن إبرة في كوم قش، وفي الوقت الذي استأنف فيه خطيبها السابق محمد زيدان حياته بصحبة زوجته الأولى، ما تزال مي تبحث عن علاقة آمنة هادئة بلا احتمالات للفشل أو الترك، لكن وعلى ما يبدو دون جدوى.
نرمين الفقي.. سيدة الوحدة
"خلّي بالك من نفسك إوعى حد يضحك عليكي".
تلك هي الوصية الأبرز لوالدة الفنانة نرمين الفقي، ربما هي كلمة السر في بقائها دون زواج حتى الآن، الوجه الجميل الذي لا يكف عن استقبال السؤال الشهير "ليه ما تجوزتيش لحد دلوقتي" تجيب في كل مرة بسعة صدر ولطف، لكنها في كل مرة تضيف إلى إجابتها بند جديد، "نفسي أتجوز ونفسي أكون أم، ونفسي في كل حاجة" لكن هذا يبدو بالكامل في كفة بينما سمات فارس أحلامها المستحيلة في كفة أخرى، مواصفات تلخصها بقولها "لازم يكون نفس بيئتي ونفس ثقافتي، وفي تعادل لو جالي ملياردير مش هتجوزه".
عاشت نرمين حالة الترك ذاتها التي عاشتها مي من جانب والدها، بنت وحيدة بصحبة والدتها، لكن الأمور كانت أسوأ ربما، حيث أصيبت والدة نرمين الفقي بعدة أورام بينما كانت ابنتها بعمر الـ16 "أنا حياتي مش سهلة، مش دلوعة، أنا شايلة المسؤولية بالكامل بدري أوي من أول يوم أمي تعبت فيه.. شفتها بتروح منّي"، لهذا لم يعد الزواج لأجل الزواج يهم ربما "ما زلت أتمنى راجل في حياتي يشيل عني كل حاجة لكن مش عاوزة أتجوز لمجرد إنه فيه راجل في البيت".
تأكد لي أن غياب الوالد ربما يكون سبباً رئيسياً في المعايير الصارمة التي وضعتها نرمين، بدا هذا واضحاً حين تحدثت عن كليهما في لقاء سابق لها فلفتت الانتباه إلى دور والدتها في اختيار الأدوار لها، وكيف ظلت تلك السيدة صديقة ومشيرة وراعية لها "كانت أب وأم، الأب فين؟ الله أعلم!" قالتها مع ضحكة ساخرة.
لأجل والدتها اختفت نرمين الفقي لسنوات كي تصاحب والدتها في رحلة علاج كانت فيها وحيدة كلياً داخل وخارج مصر. لتعود إلى المشهد الفني عقب وفاة والدتها ولكن كشخص مختلف "قالوا إني ارتبطت وإني هاجرت، الحكاية إن والدتي طول عمرها بتعاني من أورام حميدة لكن في 2010 جالها سرطان واتغيرت حياتي كلياً لأني بنت وحيدة، كنت أنا اللي شايلة ولا فارق معايا شغل أو مستقبل أو أي حاجة في الدنيا ساعات كنت بموت من التعب والإرهاق، لكن كنت بنام مستريحة إني أديت كل اللي أقدر أعمله ناحية أمي اللي عمرها ما قصرت معايا كانت بتيجي التصوير على طول معايا، كانت بتيجي المدرسة، وأنا صغيرة وتجيبلي الأكل البيتي وزميلاتي يقولوا لي يا بختك.. كانت أب وأم ، لأن والدي مهاجر برة مصر ما جاش غير مرات تتعد على الصوابع".
من ابنة وحيدة لامرأة وحيدة صارت نرمين الفقي شخصاً آخر عما كانت عليه، "بعد ما راحت أنا مش نرمين، لغاية دلوقتي تعبانة.. بقعد أكلمها وأعيط، وأصلي وأعيط، ببص للسما وأفتكر وصيتها إني آخد بالي من نفسي من وقتها مش بثق في حد".
منة شلبي.. ذات الموقف الغامض
فتاة بدينة تعيش وحدها بصحبة والدتها، هكذا جاءت نشأة منة شلبي عامرة بالتنمر تارةً من هيئتها وتارة من عمل والدتها، "أي حاجة كويسة في شخصيتي هي السبب فيها هي اللي ربتني". لعل منة شلبي الوحيدة التي لم تأتِ على سيرة والدها بغضب أو لوم، على الرغم من أن كافة صور طفولتها المنشورة تجمعها بوالدتها فقط، كما أن حديثها بالكامل عن أمها الراقصة الشهيرة "زيزي مصطفى"، صورتان اثنتان فقط تجمعان منة بوالدها، الأولى ظهرت مصادفة عام 2015 حيث كان يجري عملية قلب مفتوح وقتها، والثانية في يونيو/حزيران الماضي حين نشرت أخيراً صورة لها بصحبة والدها يقبلها خلالها قائلة: "الباشا نورنا".
الأب رجل الأعمال الذي انفصل عن الأم في وقت مبكر وظل خارج البلاد لفترة طويلة ساهم غيابه في صنع شخصية مختلفة لمنّة التي قاربت على الأربعين دون زوج، لكن يبدو أن الأمر الذي يغضبها حقاً هو السؤال المتكرر، ففي كل حفلة وكل مناسبة يبدأ الحديث عن القسمة والنصيب ما جعلها تعلن استياءها "السؤال ده بتسأله أكتر ما بتسأل أنا كويسة.. مش معاندة ومش واخدة موقف ربنا كاتب لي شغل كويس مش كاتب لي جوازة كويسة، وأكتر جملة مزعجة مش هتلحقي تخلفي.. بحس إني داخلة على سن اليأس".
كزميلاتها تؤكد في كل مناسبة أن عدم الزواج ليس موقفاً أو رفضاً متعمداً وأنها كبقية البنات ترغب في تكوين بيت وأسرة، لكن ما لا تقوله في كل مرة أنها تخشى الأمر كثيراً "أنا بحتاج دعم عاطفي ونفسي، أنا شخصية عاطفية ورومانسية، أتمنى أعجز مع شريك حياة، ده شيء ماليش يد فيه.. في أحلام ممكن السعي لها زي الشغل وأحلام ماينفعش نسعى لها زي الحب".
منة فضالي.. بكاء على الهواء
في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي بدا أن شعور منة فضالي بالوحدة والوحشة قد بلغ مداه، فكتبت عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "اكتشفت إني هفضل وحيدة لحد لما أموت، وعمري ما هيكون في حد في حياتي بيحبني أبداً أو يكون باقي عليّا، الحمد لله على نعمة الرضا".
الفتاة الوحيدة لوالدتها عاشت دون أب، فقط هي ووالدتها التي تعمل كمساعد مخرج، تركها والدها بعمر الشهرين ولم يرها إلا لاحقاً في حفل خطوبتها عقب 23 عاماً.
الأم التي ضحت وعاشت حياة غير مستقرة بصحبة صغيرتها منة جعلت خطوة الزواج على أهميتها مستحيلة، ترغب بها الفنانة الشابة وتخشاها في الوقت ذاته، صار عالمها بالكامل هو أمها، لذا ما إن مرضت وخضعت لعملية جراحية خرجت منة عن حذرها فكتبت بصدق شديد عبر حسابها الشخصي بموقع إنستغرام "أنا طول عمري مفيش حد وقف جنبي ولا استحملني ولا شالني في أزماتي ولا حبني غير أمي، كلهم وقت مؤقت وبس وحفضل أقول كده لحد ما أموت.. معنديش أغلى منها في الدنيا، ربنا يشفيكي ويخف من عليكي ويطولي بعمرك أنا من غيرك ولا حاجة ويجعل يومي قبل يومك".
لا تخفي منة رغبتها العارمة في أن تحمل لقب متزوجة وأن يصير لها أطفال، لا تتحرج من إبداء ندمها على عدم زواجها حتى الآن "الشغل بياخد الوقت، كان عندي وقت إني أنا أتجوز وقلت عاوزة أكمل في الشغل.. أنا غلطت، الأسرة والبيت أهه من أي حاجة في الدنيا، لما تخلفي عندك 23 سنة غير الخلفة في التلاتين الوقت بيكون ضيق، صحيح مربية كلاب، بس الكلاب عمرها ما بتعوض عن الأطفال والمشاعر معاهم" في الواقع لم تتزوج منة ليس لأنها تعمل كثيراً ولا أنها أخطأت، تكشف السبب الحقيقي لاحقاً وبسرعة، هي تخشى الفشل وتعلم جيداً ما تؤول إليه الأحوال في الغالب: "الجواز دلوقتي ما بيكملش، نسبة الطلاق عالية جداً، محدش عاوز يعمل بيت وأسرة دلوقتي عاوزين يتجوزوا شهرين ويتطلقوا!" لهذا لم تعد حتى تملك مواصفات بشأن فارس أحلامها، ترى الشابة أن فرصها في الزواج تكاد تنعدم وتفكيرها في الأمر انخفض بنسبة قدرتها بـ 60%.
حورية فرغلي.. امرأة اعتادت التَّرْك
ما تزال حورية فرغلي وحيدة، توفِّي خطيب لها قبل الزواج تارةً، وتركها آخر تارة أخرى، في كل مرة ينتهي كل شيء قبل الزواج، لتبقى من بعد المرة الأخيرة وحيدة تماماً، وحدة تجلت خلال رحلة مرضها الأخيرة، حيث بدا كل شيء واضحاً بطريقة مرعبة. على عكس كل من مي والمنَّتين ونرمين تتمتع حورية بشقيق يكبرها من والدتها، تذكر أنه الوحيد ووالدتها اللذين يوليانها الاهتمام والسؤال.
علاقة سيئة للغاية جمعت حورية بوالدها، لكن الأمور وصلت للذروة في رحلة مرضها "يا بابي انت وحشتني وأنا عارفة إنك كنت بتقول إن العملية هتفشل ومش هتنجح وترجع، نجحت ومفشلتش أنا فخورة بيك جداً، انت من أحسن دكاترة العالم، في حاجات في الماضي أنا مش عارفاها، مامي بتصعب عليا معرفش همّا شافوا إيه مع بعض، همّا الاتنين مش قايلين لينا لكن ككبار حاسين إن الجواز كان صعب ليهم هما الاتنين".
لم يصحبها الطبيب الشهير في رحلة علاجها، بحسب تصريح لها، ولم يهاتفها حتى، بل إنه جزم بصعوبة العملية واستحالتها وأنها ستعود كما ذهبت، ما وضعها في حالة نفسية سيئة، فسرت لي لاحقاً لماذا تبقى حورية دون زواج، تقول، علاقة متوترة لم يقتصر إيذاؤها على بقائها طوال الوقت دون أب "عمري ما شفت أبويا وأمي مع بعض، عايش بقاله 50 سنة في الكويت"، لكنها تفسر الأمر بالكامل على طريقتها: "الحب والاهتمام محدش بيشتريهم".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.