بعد لقاء أردوغان وطحنون بن زايد.. هل ذاب الجليد بين تركيا والإمارات أخيراً؟

عدد القراءات
1,227
عربي بوست
تم النشر: 2021/09/15 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/15 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي أردوغان في لقائه مع طحنون بن زايد

أسالت زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى تركيا ولقاؤه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكثير من الحبر حول ما إذا كانت تلك الزيارة تعني ذوبان الجليد بين البلدين وبداية عهد جديد.

المفاجأة التي كانت أكبر من ذلك الاجتماع هي الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس التركي أردوغان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، 31 أغسطس/آب الماضي.

وبطبيعة الحال، كان لا بد من التساؤل عن أسباب وملابسات التقارب الإماراتي تجاه تركيا الآن، لا سيما أنها تعتبر ضالعة في عيون الكثير من أبناء الشعب التركي، بشكل أو بآخر، في محاولات استهدفت الإطاحة بالرئيس التركي أردوغان، بدءاً من أحداث غازي بارك عام 2013.

ولقد أوضح الرئيس التركي أردوغان في الحقيقة ماهية هذا التطور المفاجئ، خلال لقاء تلفزيوني يوم 18 أغسطس/آب الماضي، بعد ساعات فقط من استقباله طحنون بن زايد؛ حيث قال أردوغان: "مثل هذه التقلبات يمكن أن تحصل وحصلت بين الدول، وهنا أيضاً حدثت بعض المواقف المماثلة. تركيا وفي مقدمتها جهاز استخباراتها قامت خلال الأشهر الماضية بعقد بعض اللقاءات مع إدارة أبوظبي، وتم التوصل خلالها إلى نقاط معينة".

طحنون بن زايد
مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد

التوصل إلى اتفاق

تشير هذه التطورات والتحركات في واقع الأمر إلى أن أنقرة وأبوظبي، على حد سواء، تتحركان وفق إرادة جديدة ترغب بإغلاق الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

لكن السؤال هو: كيف تطورت الأمور لهذا الحد؟ وما الذي جرى خلف الكواليس؟ أو هل توجد أرضية قوية لبناء علاقات متينة بين البلدين بعد حقبة تدهورت فيها العلاقات بشكل غير مسبوق؟
حسب تصوري، فإن المحادثات ستظل مستمرة إلى حين العودة إلى تطبيع كامل في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، ولا شك أن جهاز الاستخبارات التركي إلى جانب السلك الدبلوماسي يواصلان محادثاتهما بشكل مستمر في هذا الإطار.

وفق ما سمعته من بعض الأطراف المعنية، فإن "مناقشات ومحادثات متبادلة بين الطرفين أدت إلى التفاهم حول اتفاقية".

لكن ما هذا الاتفاق؟

حسبما علمته، فإن أنقرة وأبوظبي اتبعتا طريقاً يبدأ بالاتفاق حول القضايا المشتركة غير الشائكة، والابتعاد عن القضايا الكبرى المعقدة، ومن ثم مناقشة كيف يمكن وضع خارطة طريق حول النقاط المشتركة، من أجل العمل على مبدأ أفِد واستفِد. ومن الملاحظ أن هناك إرادة مشتركة عند كلا الطرفين في أن القضايا المعقدة لا ينبغي أن تخلق عقبة أمام فتح صفحة جديدة.

ولذلك نرى أن العلاقات بدأت من الجانب الاقتصادي وما يتعلق به من تجارة واستثمارات، بشكل يعود بالفائدة على الجميع، دون الحاجة للدخول في تعقيدات يصعب الخروج منها.

مساهمة إيجابية في تطبيع العلاقات مع مصر

من المعلوم للمتابع للشأن التركي أن أنقرة تقوم منذ أواخر 2020 بمبادرات سياسية خارجية سلمية نحو الغرب والشرق الأوسط والخليج العربي.

من الممكن أن تساهم هذه المبادرات مع الجهود المبذولة للتغلب على بعض الأزمات التي أصبح من الصعب تحملها، والرغبة في حماية وضمان المكاسب التي تم تحقيقها، لا سيما في ليبيا وقره باغ. إضافة لذلك، من الخطأ أن نعتبر فوز جو بايدن بالرئاسة الأمريكية خلفاً لترامب مستقلاً عن هذه المرحلة والتطورات. وهنا لا نتحدث بالطبع عن تركيا فقط، بل هذا الوضع يشمل العديد من الدول في المنطقة بما فيها الإمارات.

كان من أول القرارات التي اتخذها بايدن، فور توليه منصبه، تعطيل حصول الإمارات على  طائرات إف-35. كما اتخذ أيضاً موقفاً واضحاً إزاء الحرب في اليمن، وقرر وقف مبيعات الأسلحة بشكل مؤقت إلى السعودية.

لا يمكن لأحد أن يزعم أن خطوات بايدن في هذا الإطار لم تؤثر سلباً على إدارة أبوظبي. وربما يكون ذلك هو أحد الأسباب التي دفعت الأخيرة للتعاون مع تركيا بدلاً من الاصطدام معها.

من المتوقع أن يساهم هذا التقارب بين أنقرة وأبوظبي بشكل إيجابي في جهود تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة، والتي بدأت منذ فترة، السبب في ذلك هو أن الإمارات تملك تأثيراً كبيراً على النظام المصري.

قبل أيام عقدت الجولة الثانية من المحادثات بين تركيا ومصر في أنقرة يومي 7 و8 سبتمبر/أيلول الجاري، أليس من اللافت للنظر، من حيث التوقيت على الأقل، أن يأتي هذا الإعلان في توقيت تشهد فيه العلاقات التركية الإماراتية تحسناً؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد آجات
كاتب وصحفي تركي
كاتب وصحفي تركي
تحميل المزيد