(لو المخرجين والمنتجين مفكرين إني مت فأنا لسه عايش وعايز أشتغل).. نُسبت هذه التغريدة إلى الممثل أسامة عباس، وقد نفاها، لكنه في التعقيب عليها لم ينف أنه جالس في بيته ينتظر القيام بأي دور يليق بتاريخه، مؤكداً أنه لو قام بتمثيل الأدوار التي تأتي إليه لغضب منه جمهوره الذي يقدره ويحترمه.
يحكي الفنان الراحل نور الشريف أنه رأى الفنان محمود المليجي بعد فيلم "الأرض" الذي أثبت فيه المليجي قدرة فائقة في التمثيل، يمثل مشهداً بملابس داخلية ممزقة فيها إهانة شديدة لممثل بحجم محمود المليجي فسأله معاتباً: كيف رضيت أن تقوم بهذا الدور المهين وأنت الأستاذ الكبير؟
فأجابه المليجي قائلاً: "أنا فكرت يا بني بعد ما قمت بتمثيل فيلم الأرض إن المخرجين والمنتجين سيتهافتون عليّّ ويسألوني عن أي الأدوار أحب أن أمثل، لكن ذلك لم يحدث، فجلست في بيتي أتمنى أي عمل حتى جاءني هذا الدور الذي تعاتبني بسببه!
ومن بعد المليجي، جلست الممثلة العالمية ميريل ستريب -التي رشحت أكثر من 20 مرة لجائزة الأوسكار والتي هي بنظر بعض النقاد أفضل ممثلة في تاريخ السينما- في بيتها واضطرت أن تعمل في التلفزيون بعد إعراض المخرجين والمنتجين السينمائيين عن العمل معها!
حصل ذلك أيضاً مع أفضل الممثلين العالميين بنظري وهو آل باتشينو، كما حصل مع ميل جيبسون وغيرهم الكثير من المخضرمين في التمثيل محلياً وعالمياً، حيث جلسوا في بيوتهم لا يتلفت إليهم أحد من أهل صنعتهم رغم أنهم لم يعلنوا اعتزالهم!
يعتقد المنتجون أن الممثل إذا وصل لدرجة كبيرة من الشهرة فإنه سيصير عبئاً عليه؛ إما لأن المحتوى أقل من إمكانياته، وإما أن الأجر الذي يتصور أن الممثل سيطلبه أعلى من المتاح، أو لسبب آخر، فيعرضون عن المشاهير رغم أنهم في أوج نجاحاتهم.
إذاً المشكلة لا تكمن في المقومات الذاتية للشخص في مسيرته نحو النجاح والتألق، لابد إذاً من تهيئة الظروف والبيئة وصناعة مقومات مساعدة للقدرات الذاتية!
نجح المخرج الشهير جورج لوكاس صانع سلسلتي أفلام "حرب النجوم" و"إنديانا جونز" في العمل وفق تلك المعادلة، يؤمن الرجل بأنه مخرج ذكي موهوب لكن طريق النجاح يلزمه تهيئة البيئة المعينة فأسس لنفسه شركة "لوكاس فيلم" ونأى بنفسه عن فكرة الجلوس في البيت ينتظر اتصالاً من منتج قد لا يأتي كما هو الحال مع مخرجين فاقوه عبقرية.
ولما لاحظ الممثل الشهير توم كروز أن أسهمه في نزول أدرك المعادلة مبكراً، انبرى في عام 1993 لتأسيس شركة "كروز واغنر للإنتاج" وأنتج لنفسه سلسلة أفلام "المهمة المستحيلة" لكي لا يكون مرهوناً بأحد.
ضربت مثالاً بما هو شائع ومعلوم لدى الجميع.. لكن في عموم الحياة تأمل:
لو اعتمد اليهود على الآخرين في بث أفكارهم وتطبيق خططهم وما سعوا لامتلاك الأدوات المعينة على رأسها "الإعلام" ما سمعنا بهم، وما وصلوا إلى هذه القوة التي هم عليها الآن!
ولو مكث اللاعب المصري محمد صلاح في مصر وظل منتظراً من يحنّ عليه بعرض من هنا أو هناك، ولم يسع لشق طريقه بنفسه، ويجد في تهيئة الظروف والبيئة المواتية بنفسه لما رأيناه اليوم في أكبر أندية العالم الرياضية.
ولو مكث ممدوح السبيعي أو "بيج رامي" في مصر لما تحقق له أي إنجازات، لكنه لما وضع نفسه في بيئة محفزة نال لقب مستر أولمبيا العام الماضي.
وكذلك الحال مع الدكتور أحمد زويل -رحمه الله- وغيره من المشاهير في كل العلوم والفنون.
سر من أسرار الحياة الدنيا؛ مهما امتلكت من قدرات ومواهب وإمكانيات، قد لا تصل طالما بقيت معتمداً على الآخرين.. في عالم تحكمه المصالح وجب عليك أن تصنع كروت قوتك بنفسك.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.