في لقاء للإعلامي اللامع سيف زاهر مع الحارس التاريخي لمنتخب مصر عصام الحضري، حاول الإعلامي الضغط على نجم الأهلي السابق من خلال الحديث عن حبه الشديد للمال، وبحثه المتواصل عمن يدفع له أكثر، لذلك ضحى بالتاريخ وترك الأهلي متجهاً لفريق سويسري مغمور، لا نعلم عنه إلا أنه يسمى "سيون" وعملته اليورو.
الحضري كعادته لم يشعر بالحرج أو الضيق، بل أخبر "زاهر" أن الجميع يبحث عن المال، وأن برنامجه أيضاً يبحث عن الإعلانات لذلك يستضيف النجوم، مختتماً حديثه بالقاعدة الخالدة "اللي يصعب عليك يفقرك".
دروس الأمير عبدالفتاح ميكافيلي
من سوء حظ الربيع العربي والشرق الأوسط والأحياء المجاورة، أن عبدالفتاح السيسي في قصر الاتحادية، شعر بالملل، فوجد ضالته في برنامج سيف زاهر، وشاهد تلك الحلقة، وعرف قاعدة الحضري الشهيرة، فأعجب بها كثيراً، واتخذها قاعدة أساسية في حياته العصيبة.
"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، كذلك الطغاة القدامى يشعرون بالمسؤولية تجاه حديثي العهد بالطغيان والاستبداد، وأول هؤلاء المبادرين دائماً لنصرة الاستبداد، يأتي عبدالفتاح السيسي في مركز متقدم لطول فترة حكمه لمصر، فمنذ 2013 حكم من وراء ستار "عدلي منصور"، ثم حكم من وراء حاجز زجاجي ليحكم كما يريد إلى الأبد، وحتى تحترق النجوم وتفنى العوالم.
بعد القرارات المفاجئة التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد شعر السيسي بواجبه تجاه الزميل الجديد، فجلس بعد انتهاء ساعات عمله الثمانية يفكر فيما يمكن أن يقدمه لتجربة الانقلاب الوليدة في تونس، ولزميله الجديد في عالم الانقلابات. جلس في هدوء، ممسكاً قلمه الذهبي في يده اليمنى، وباليسرى يتشبث بكتاب "الأمير" الذي يرسم فيه "نيكولو مكيافيلي" خطة كاملة للطغاة المبتدئين، من أجل الوصول لأفضل درجات السيطرة والنفوذ والاستبداد. وأمامه على الطاولة كتاب الداهية روبرت غرين، "48 قانوناً للسلطة".
من السيسي إلى قيس سعيد.. "اللي يصعب عليك يفقرك"
الأخ الحبيب والصديق الجديد قيس سعيد
تحية طيبة وبعد:
بالأصالة عن نفسي وعن نادي الطغاة العرب، أرحب بانضمامك لنا في مفاجأة سعيدة، خاصة للأصدقاء في السعودية والإمارات.
أخي الطاغية المتدرب قيس، أول ما أوصيك به ألا تحارب الجميع دفعة واحدة، يقول دعاة التنمية البشرية إنك لا تستطيع أن تأكل فيلاً إلا في حالة تقطيعه لقطع صغيرة يسهل عليك التهامها، وتعرف أيضاً أنه "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" فاجعل التيارات والأحزاب السياسية كلاً منها وحيداً في جانب، ثم قرّب منها إليك الأقل خطورة واحداً تلو الآخر، حتى تلتهم الفيل كاملاً. وتذكر قول المؤسس الكبير ميكافيلي "حين تريد أن تضرب شخصاً اضربة الضربة التي لا تسمح له أن يعود وينتقم".
وتعلم تلك القاعدة من "روبرت غرين" في كتابه "48 قانوناً للسلطة"، حين يقول "لا تترك لأعدائك أي خيارات لتفعل بها ما تشاء، ولن تستطيع تحمل تكاليف التوقف في نصف الطريق، وإن لم تترك لهم خيارات لن يكون أمامهم إلا الاستجابة لأوامرك، فالمفاوضات ثعبان ماكر يلتهم انتصارك، فلا تترك لأعدائك ما يفاوضون عليه، أبقِهم دون أمل أو فرص للمناورة، وعليهم أن يعلموا أنهم هُزموا".
عدوك الأول الآن هو حركة النهضة، والتيار الإسلامي، لا تجمع عليك عدوين، واكتفِ بهما الآن، وقرّب مَن سواهما، وانظر لتجربتي في حكم مصر وتعلم "متتكسفش مني إحنا خوات"، فبداية أعلنت عن البحث عن مصلحة الوطن والمواطنين، وأن هذه حركة تصحيح من أجل مصر لا من أجل مكاسب شخصية، وأنا أحييك لأنك فعلت هذا أيضاً.
في مرحلة متقدمة تستطيع أن تضيف مع النهضة والتيار الإسلامي أنصار الثورة والحرية والديمقراطية، وذلك الكلام الغريب، ولكن بعد الانتهاء من الأعداء الكبار، فلو نظرت إلى بيان إعلان خارطة الطريق في الثالث من يوليو (تموز) عام 2013، ستجد بجانبي محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق، والذي يقضي الباقي من عمره فيما يشبه المنفى خارج مصر. كما سترى الأمين العام لحزب "النور" السلفي جلال مرة، وهو وحزبه يتجرعان "المر" منذ سنوات، بعد انتهاء مهمتهما على خير. وغيرهم خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة، لو بحثت عنهم ستجدهم في غرف مغلقة أيضاً، ولكنها لا تُفتح كثيراً، وربما لا تُفتح أبداً، في العقرب وليمان طرة والوادي الجديد.
صديقي، إن حدّثوك عن الحرية والديمقراطية حدِّثهم أنت عن الإرهاب المحتمل والمخاطر والمؤامرات التي تُحاك من كل سكان الكوكب تجاه أخت أم الدنيا تونس، فالجميع يعلم أن تونس مستهدفة من الغرب والشرق، تعلم بالتأكيد أن هذا غير صحيح، ولكن من يهتم بالصح والخطأ، الجميع يهتم ويستمع لمن يحمل السلاح، "أيوة بالظبط زيي كده".
عليك أن تقرب الجيش، وأن تجعلهم مثل الهواء الذي يختلط بكل شيء، اصنع منهم خط دفاعك الأول، وامنحهم كل الصلاحيات، واجعل مفاصل الدولة بين أيديهم، فهم رجالك وعدتك وعتادك، في وجه من يهتفون للحرية والعدالة، فكلما أصبح الجيش قوياً وراءك صارت فرصك في النجاح والاستمرار في الحكم والسلطة أكبر فترة ممكنة حتى يأذن الله.
النصيحة الأهم التي أُسديها لك: "عليك ببناء سجون جديدة وكبيرة في كل أنحاء تونس الخضراء، لا تستغرب وتسأل، ماذا نفعل بها في دولة مثل تونس، وفي أجواء شبه مستقرة، حتى بعد إعلاني السيطرة على كل السلطات، أقول لك يا صديقي "احترم الإجرام اللي أنا فيه"، واسمع كلامي ونفذه كما هو، عشان تقدر تكمل معانا، وأحب أضيف لمعلوماتك أنني في خلال في 8 سنين فقط أمرت ببناء 43 سجناً لتضاف للسجون الموجودة بالفعل، وأُبشرك أن جميعها الآن ممتلئة وربنا يزيد ويبارك.
وتذكّر دائماً: لا يهم أن تكون تونس سعيدة، المهم أن يكون قيس "سَعيد"
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.