يُحيي الفلسطينيون، في 25 يوليو/تموز من كل عام، يوم "الزي الفلسطيني"، بهدف الحفاظ على تاريخ الأجداد وحمايته من السرقة والتهويد الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي، وحفظ الزي الشعبي الفلسطيني والتأكيد على هويته، خصوصاً بعد محاولات الاحتلال السطو على هذا التراث.
وعلى مر العصور نرى أن الأزياء الشعبية من أهم الوسائل التي تعبر عن تراث الشعوب ومراحله التاريخية التي مرت بها الأمة، فنجد الكثير من الشعوب تسجل عاداتها وتقاليدها وأساليب حياتها على القماش، وهذا ما يجعل منها هوية تاريخية وثقافية واجتماعية ترصد ارتباط الإنسان بأرضه.
ونستطيع التعرف على هوية الشعب من خلال هذه الأزياء، ولكل شعب زيه الخاص الذي يميزه عن غيره من الشعوب.
والزّي الفلسطيني هو حامل للهوية الثقافية الفلسطينية، وشاهد على التاريخ الفلسطيني، وقد أصبحت الكوفية البيضاء المقلمة بالأسود رمزاً وطنياً يرمز لنضال الشعب الفلسطيني، وأصبح لهذا الزي دور كبير في التعبير عن موقف مرتديه، وكان الشهيد ياسر عرفات يرتديها في كل الأوقات، وأصبحت صورته بالكوفية رمزاً يعرفه كل العالم، وارتبطت به كارتباط القضية الفلسطينية باسم الشهيد الراحل. وعلى مر الزمان ظل الفلسطينيون محافظين على هويتهم التراثية والوطنية من السرقة والاندثار، في كل بلدة ومدينة.
ويعد الزي الشعبي الفلسطيني جزءاً من الزي الشعبي لمناطق بلاد الشام، ويتشابه في ألوانه وأشكاله، ويختلف من منطقة إلى أخرى بطريقة التطريز.
وُجدت بعض من الصور والرسومات التي بيّنت ملابس ملكات الكنعانيين، التي كانت على نفس أشكال التطريز الموجودة في وقتنا المعاصر، بما فيها الاستخدام المشترك للحرير، ويعتقد المؤرخون أن الثوب الفلسطيني يعود للعهد الكنعاني، أي قبل 3000 عام.
اعتادت النساء الفلسطينيات في الماضي خياطة ثيابهن بأنفسهن، وتميزت الأثواب عند نساء المدن وسط فلسطين، وعند البدو في جنوبها بكثافة التطريز، وتحتفي أحياناً بأثواب النساء بالمناطق الزراعية شمال البلاد بسبب انشغالهن بالزراعة، وتميزت النساء بتعليق النقود المعدنية الذهبية والفضية على طاقياتهن المطرزة، ("الشطوة" أو "المطرزة") فهي دليل تسلُّم المرأة لمهرها في ليلة زواجها.
وهناك ما يسمى بالزخارف المتنوعة، التي تحمل رموزاً أسطورية تعود للحضارة الكنعانية التي توارثها الشعب الفلسطيني كجزء من تاريخه، وتكون على شكل نباتات أو زهور.
"ويمكن ملاحظة تأثير الحضارة الكنعانية على الزي الفلسطيني من خلال رسومات الثعابين والشجر التي كانت جزءاً منها، كما غلب على الثوب اللون الأحمر، فكنعان يعني أرجوان، وتختلف درجاته من مكان لآخر، فثوب غزة يميل إلى البنفسجي، وبيت لحم ورام الله ويافا يميل إلى اللون الأحمر القاني أو الخمري، وبئر السبع الأحمر المائل إلى البرتقالي، أما الخليل فإلى البني، ومع دخول الحضارة الإسلامية أُضيف البرقع (غطاء الوجه) وغطاء الرأس للباس الفلسطيني".
ويمكن القول إن التطريز الفلسطيني أدخل إلى جميع مناحي الحياة من ملابس يومية وأثاث منزلي وأدوات للمطبخ وقطع حلي وفساتين للسهرة، وذلك بهدف نشره على أوسع نطاق.
ثوب القدس
يمتاز هذا الثوب بوجود رمز وأثر لجميع العصور التي مرت على القدس، فتكثر فيه الرسومات والتطريز المتنوع، وهو دلالة على رفاهية المرأة ومكانتها الاجتماعية، فعلى الصدر توجد ملكات الكنعانيين، ويظهر الهلال والآيات القرآنية كدليل على عودة القدس للحكم العربي الإسلامي، بالإضافة إلى الحنين والحزن من خلال اختفاء الألوان المفرحة الزاهية.
ثوب نابلس
يشبه ثوب نابلس الملابس التي كانت منتشرة في دمشق، ويرجع سبب ذلك إلى الطبيعة التجارية والمدنية، التي كانت تربط نابلس بحلب ودمشق، ويتميز الثوب النابلسي بخيوط الكتان والحرير، والخطوط الحمراء والخضراء والشال والربطة، إذ ترتدي النساء العباءة السوداء ويحجبن وجوههن بملاءة تخفي ملامحهن.
ثوب يافا
تتميز يافا بالبساتين الخضراء، وهذا ما جعل على الثوب ألوان زهر البرتقال والليمون الذي يحيطه السرو، ويتأثر هذا الزي بالزي التركي، إذ يظهر الجاكيت والتنورة على الطريقة التركية المطرزة، بالإضافة إلى غطاء على الوجه يسمى بالخمار، وهو مزيج من الصبغة التراثية والحضرية.
وهناك اعتقاد سائد بأن ثوب مدينة أريحا هو من أقدم الأثواب الفلسطينية، حيث عرفه الكنعانيون منذ حوالي خمسة آلاف عام، ويمتاز هذا الثوب بالخطوط الطولية والزخارف التي ترتبط بالآثار الحفرية التي وجدت في المدينة، حيث كانت النساء يرتدين هذا الزي عند تقديم الهدايا للفراعنة وفي المناسبات الاجتماعية المهمة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.