نزل الناس في ميانمار إلى الشوارع احتجاجاً على الانقلاب العسكري في فبراير/شباط الماضي. شاركت أعداد كبيرة من الناس في الاحتجاج ضد الانقلاب على الديمقراطية. حتى أصبح والمدرسون وضباط الشرطة وحتى الزعماء الدينيون صريحين في موقفهم ضد الانقلاب. كما ثار العديد من المسؤولين والموظفين الحكوميين. في المقابل، بدأ الجيش في اتخاذ إجراءات قمعية شديدة، حيث قُتل ما لا يقل عن ألف متظاهر في الأشهر الخمسة الماضية. إضافة إلى ذلك، نزح ما لا يقل عن 230 ألف شخص في مواجهة اشتباكات دامية بين الجيش ومقاتلي المقاومة. وهذه الأرقام إن دلت على شيء فإنها تدل على حرب أهلية مروعة. حرب يمكننا أن تصنف كنضال من أجل التحرر من الديكتاتورية.
مكثت الحكومة العسكرية في ميانمار في السلطة على مدى الأشهر الخمسة الماضية بارتياح كبير قبل أن ينفجر الوضع في وجهها. فالسلطة العسكرية في ميانمار، بدعم من روسيا والصين والهند، كانت قادرة على حشد كل القوى للقضاء على كل وأي معارضة لها.
رغم الدعم العسكري والدبلوماسي، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً قراراً يدين الانقلاب العسكري وقمع القوى الديمقراطية في البلاد ويدعو إلى وقف بيع الأسلحة للحكومة العسكرية الميانمارية. امتنعت جارة ميانمار، بنغلاديش عن التصويت على الاقتراح. سبب الامتناع الذي ساقته بنغلاديش هو عدم وجود أي إشارات واضحة ومقترحات أو حلول بشأن الروهينغا.
قبل النظر فيما إذا كان هناك أي قوامة لتلك الحجة، ظهر على السطح فكرة مفادها أن بنغلاديش تخشى إغضاب ميانمار. إذ لا يمكن لداكا أن تفعل شيئاً حيال حكومة مدعومة من الصين وروسيا والهند.
الحل الوحيد لقضية الروهينغا هو ضمان عودتهم إلى وطنهم بكرامة واحترام وأمن، ولكن بنغلاديش لا تملك أي أوراق للضغط أو المقاومة أو المساومة. لقد أغلقت الحكومة العسكرية الميانمارية الباب في وجه بنغلاديش، وقالت: إنه لا مجال لاستعادة "البنغلاديشيين غير الشرعيين"، تقصد الروهينغا. في المقابل، أظهرت بنغلاديش النوايا الحسنة تجاه الحكومة العسكرية في ميانمار. لكن، في مثل هذه الحالة، هل تستطيع بنغلاديش دعم حكومة الوحدة الوطنية المؤيدة للديمقراطية في وجه النظام العسكري؟ شكلت حكومة الوحدة التي كوّنت في أبريل الماضي بالفعل قوة مقاومة شعبية لها صوت دوليّ. ولقد وعدوا باستعادة الروهينغا وإعادة منحهم الجنسية الميانمارية.
اقترح بعض صانعي السياسات والمحللين السياسيين في واشنطن أن بنغلاديش يمكن أن تتحرك نحو دعم حكومة الوحدة الوطنية. لكننا لا نعتقد أن ذلك خيار واقعي. لم تعترف أي دولة في العالم بعدُ بحكومة الوحدة الوطنية في ميانمار، ولا يمكن أن تكون بنغلاديش الدولة الأولى التي تخاطر بفعل ذلك. يتعين على دكا أن تتدخل بحذر حتى لا يسيء أي من أفعالها لأي طرف معني. ولا شك أن الصين والهند طرفان مهمان في هذا الصدد.
ناشدت حكومة الوحدة الوطنية، من أجل دعم المجتمع الدولي. لكن لا يبدو أنها ستحصل على أي رد قريباً. بدلاً من ذلك، قوبلت بمعارضة شديدة من أعضاء الكونغرس الأمريكي. ففي جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي في مايو/أيار الماضي، قال عضو الكونغرس، تيد ليو، إنه سيقاوم أي محاولة للاعتراف بالحكومة المعارضة ما لم يتم تمثيل الروهينغا بها. صحيح أن الروهينغا يريدون من الحكومة أن تتعاون معهم مقابل وعد بالجنسية. ليس ذلك فحسب، لم يعد المجلس العسكري المعارض بالاعتراف بالروهينغا كأبناء للبلاد إذا سقطت الحكومة العسكرية. رغم أن الروهينغا لعبوا دوراً رئيسياً في نضال بورما من أجل الاستقلال إلى جانب أونغ سان. قال عضو الكونغرس الأمريكي تيد ليو (ديمقراطي من كاليفورنيا) في تغريدة على "تويتر" أن "حكومة الوحدة الوطنية الجديدة لم تضم الروهينغا إليها".
قضية الروهينغا هي في الواقع قضية معلقة ولن تحل قريباً. لذا يجب على الحكومة البديلة في ميانمار محاربة العنف الإرهابي للجيش والمضيّ قدماً فقط بدعم من الشعب بما في ذلك الروهينغا. الدعم الشعبي هو الضمان الوحيد لبقائهم على قيد الحياة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.