قبل أسبوع كنت أقود سيارتي إلى العمل حين سمعت في الراديو تفاصيل ما أُطلق عليها "الفضيحة المدوية"، بشأن الحياة الشخصية للمطربة المصرية شيرين عبد الوهاب. أوقفت سيارتي على جانب الطريق وبحثت سريعاً عن الموقع الذي نشر تسجيلاً صوتياً لوالد حسام حبيب، زوج المطربة شيرين، يتحدث فيه بطريقة بدت لي مخيفة عن شيرين، لم أستطع إكمال المقطع الصوتي، دقائقه الأولى كانت كفيلة ببث الرعب في أعماقي، وكافية ليعلم المستمع حجم المصيبة التي تعيشها المطربة المصرية.
دار بذهني سؤال واحد: "إن كنت أشعر بهذا القدر من الصدمة والخذلان فما بال شيرين صاحبة الشأن.. ترى كيف تشعر الآن!".
الحق أنني تعاطفت بقوة معها قبل أن أصل إلى عملي لأجد ما جرى موضوع الساعة بين زميلاتي، حيث قالت إحداهن بعد أن ضيقت عينيها "هل يمكن أن تكون شيرين هي من دبرت تلك الفضيحة عقب سلسلة من المشكلات العائلية، كي تحتفظ بحسام لنفسها بعيداً عن عائلته؟"، الحق أنني تمنيت في قرارة نفسي أن تكون هي المسؤولة فعلاً عن تسريب تلك التسجيلات، وإلا فالمصيبة لا تبدو محتملة أبداً!
شيرين وتاريخ من التعنيف والإساءة
لم تنعم شيرين بعلاقة عاطفية عميقة من قبل، زواجها الأول من الملحن مدحت خميس كان بحسبها نتيجة إلحاح من والدة مدحت ومنه، وتهديدات بالانتحار، لكنها لم تكن سعيدة بصحبته، ولم ترغب في أن يكون لها أطفال منه، اعتاد مدحت ضربها -حسب تصريحات سابقة لها- بشكل مبرح، حتى إنها كانت تختبئ أحياناً داخل الدولاب هرباً منه، فضلاً عن خيانته لها، والتي دفعتها حين علمت بخبر حملها لأن تجهض الجنين، لتتخلص من كل ما يمكن أن يربطها بهذا الرجل، وهو الفعل الذي أعلنت ندمها عليه لاحقاً، مؤكدة "أتمنى من الله أن يغفر لي هذا الخطأ الشنيع".
من زيجة فاشلة انتهت في ساحات المحاكم، إلى أخرى من الموزع الموسيقي محمد مصطفى، بدت فيها شيرين سعيدة أمام الكاميرات. لكنني لم أشعر أنها كذلك، وقد تلخصت القصة كاملة في تلك الجملة التي قالتها بشكل عفوي خلال برنامج قديم، حول عدم متابعة زوجها لأعمالها أو تشجيعه لها بالشكل الذي تتوقعه، حتى وقع الطلاق عقب 5 سنوات من الزواج، وبعد أن رزقت منه بابنتيها مريم وهنا، لكنه طلاق لم يكن كسابقه، حيث بدا طلاقاً هادئاً عامراً بالتفاهم واللطف، وقد تراوحت التخمينات حول سبب الطلاق. قيل تارة إنه بسبب التدخلات الشديدة في عملها، وتارة بسبب عدم احتوائه لها، حيث كان يعاملها باعتبارها "ست بيت" فقط وليس كفنانة.
نادراً ما تتحدث شيرين عبدالوهاب عن والدها، لم يبد في أي حديث سابق لها أنه بطل حياتها، أو ركن آمن تأوي إليه وقت الحاجة. بدا ذلك أكيداً عام 2018 حين تزوجت في توقيت مرضه، ولم يحضر حفل زفافها من الفنان حسام حبيب، لتغيب هي لاحقاً عن جنازته التي انطلقت من مسجد الحصري، حيث لم يقف إلى جانب الوالدة المنهارة سوى المطرب رامي صبري وعدد من الوجوه غير المعروفة.
شيرين التي كانت تقضي شهر العسل برفقة حسام في المغرب سارعت إلى القاهرة، لتقيم العزاء عقب الوفاة بأيام، مانعة أي شكل من أشكال التصوير، وحين لمحت صحفية تصور سارعت إلى كسر هاتفها، لن يجد المتابع صورة شائعة لها برفقة والدها، بينما على العكس تنتشر تلك الصورة الشهيرة لها وهي تحتضن حماها، الذي لا أنسى وصفها له في برنامج سابق بأنه تحبه كوالدها تماماً.
بداية زواج شيرين وحسام جاءت عامرة بالانشغال والحفلات، حيث قاما بإحياء حفلات خلال شهر العسل، وبالرغم من كل الأنباء التي كانت تظهر من وقت لآخر عن مشاجرات الثنائي المستمرة أو الأزمات بينهما فإن شيرين بدت حريصة دائماً على التأكيد دائماً أن علاقتها وحبيب مثالية.
لماذا لم أفرح بزواجها من حسام حبيب؟
حين سمعت بنبأ زواج شيرين من حسام حبيب توجست خيفة، تذكرت فوراً تلك الحلقة التي جمعته برامز جلال، حيث قدمه حينها مذيع المقالب الأشهر قائلاً "النهاردة معانا مطرب حالم بيصحى على زقزقة العصافير وينام على صوت البلابل من كتر حساسيته لو فتحت جمبه علبة كانز هيتخض ويقعد قافش ساعتين وتفضل تتحايل عليه عشان يفك تاني". الحلقة القصيرة التي لا تتعدى مدتها 13 دقيقة قفزت إلى ذهني، فتذكرت كيف لم يتوقف عن الحديث مع الشابة ذات الشعر الأشقر الجالسة إلى جواره بلطف شديد، كأنهما يعرفان بعضهما من زمن، حتى إنه لم يلتفت إلى أنه الوحيد في السيارة الذي لم يتوقف لحظة عن الحديث مع الفتاة الأجنبية الغريبة إلى جواره، فراح يخبرها أن لون اسمرارها جميل، وعن رغبته في الحصول على جنسية أخرى، وأنه يريد الرحيل من مصر إلى أي دولة أخرى، كان ذلك عام 2014، وكان يبلغ من العمر وقتها 30 عاماً، حتى إن رامز لاحظ الأمر فهتف "إلعب.. حسام حبيب ابتدى يسأم" .
بصراحة شديدة شعرت بالخوف من مستقبل العلاقة التي لم أشعر أنها متكافئة، لكنني في النهاية خارج الصورة وخارج المعادلة، اطمأننت قليلاً حين وجدت شيرين تزداد جمالاً، وتتألق أكثر حفلة بعد أخرى وألبوماً بعد آخر، لكن هل يقتصر الأمر على ذلك، لا تكفّ شيرين عن الحديث عن زوجها وعن أنه هدية القدر لها، فتارة تقول إنه "من أنظف الرجالة ويحبها أكثر من نفسه"، وتارة أخرى تؤكد "راجل مفيش زيه خلاص"، في المقابل يتحدث حسام بوضوح عن حبه لابنتيها، ويواصل التعامل مع عثرات لسانها المتواصلة، ولا يمل من التوضيح والتأكيد أنها صاحبة قلب أبيض ولا تقصد، مشيراً باستمرار إلى أن أحدهم يرغب في هدم شيرين، وأنه يقف لها بالمرصاد، بينما تؤكد هي الأخرى المعنى ذاته، مشيرة إلى أنه أخرج "الثعابين" التي اعتادت استغلالها من حياتها!
امرأة غاضبة
"خطافة رجالة"، هكذا وصف البعض شيرين، والتي ارتبطت بحسام الذي كانت تربطه علاقة عاطفية مع ملكة جمال مصر السابقة إلهام وجدي، الصديقة المقربة لشيرين، والتي قامت لاحقاً بمسح صورهما معاً من إنستغرام. بينما لم يلحق هو بمسح الصور كاملة قبل زواجه من شيرين، لتقوم عقب أربعة أشهر من زواج حبيب بإعلان خطبتها، لكن حسام الذي كان متزوجاً في عام 2012 من زوجته الأولى هناء، ابنة عضو مجلس الشعب المصري، لم يرد على الأمر، ليخرج والده حينها ويؤكد أنها علاقة لم تصل لدرجة الارتباط، لأن عائلة إلهام لم تكن لتقبل بالزيجة نظراً لاختلاف ديانة الثنائي حسام وإلهام.
في الواقع شيرين امرأة غاضبة من كل شيء، بدا ذلك واضحاً غير مرة في أحاديثها المختلفة عن البلاد والعباد، وسقطات لسانها التي قادتها إلى عدة أحكام بالسجن، تارة بسبب تصريحات لها عن مصر، وتارة أخرى بسبب مشاجرتها مع شريف منير، على خلفية أسباب تافهة كمياه التكييف وقطع الرخام المتساقطة من شرفة منزلها.
غضب شيرين وعدم تركيزها قادها إلى عدة قرارها عشوائية، كان آخرها اعتزال الفن على خلفية الهجوم العنيف عليها عام 2019، واتهامها بتهديد الأمن القومي المصري، وهو ما تلاه قرار بوقفها عن الغناء لحين انتهاء التحقيقات وهو ما لم تحتمله وقتها، حتى إنها سارعت إلى إغلاق منصات السوشيال ميديا الخاصة بها، لكن حسام لعب دوراً كبيراً تارة في نفي الاعتزال، وتارة في مؤازرتها والدفاع عنها حتى انقضت الأزمة وعادت شيرين مرة أخرى لتتألق مع تحويل أزماتها إلى كلمات تتغنى بها مثل أغنيتها "طيبة وجدعة"، التي وصفت فيها أطراف الصراع في حياتها، حيث تقول الكلمات "اللي واجعني إن في ناس كل مناها توقعني، واللي مفرحني إن في ناس أكتر في ضهري وواقفين، بقينا بنهون على بعض وبنهين بعض ليه يعني.. بيقولوا ليه فيا وفيا عرفوا اللي قلبي منين؟ دانا طيبة وجدعة والطيبة ولا نافعة.. يمكن ساعات لاسعة، الرك عالنية".
عقب أزمة التسجيلات الأخيرة، التي بدت من خلالها عائلة حسام مستغلة لشيرين، وتتحين الفرصة لإيذائها، حرصت شيرين على تجديد الثقة في حسام، لكنها لم تتوقف لحظة عن البكاء، حيث بدا ما قيل جارحاً للغاية، حتى خرجت عن صمتها أخيراً قائلة "20 سنة وأنا بتأذي عشان أنا شخص حساس، أنا اتأذيت نفسياً كتير فأنا عايزة أكون كويسة ونفسي أعرف اتبسط في حياتي، أنا جامدة ومش قصدي أنكد على حد، أنا جامدة بدعاء ووقوف الناس الكويسين معايا.. أنا تعبانة وبحاول أمشي جوه الحيطة مش جنبها"، ما دفع حسام لوصفها في ذات المكالمة مع الإعلامي عمرو أديب بأنها "عاملة زي البيبي"، تلك الجملة بالذات كانت بالنسبة ليا كلمة السر وراء علاقة الثنائي، فمن الضرب والإهانة أولاً، والإهمال والتحكم ثانياً، إلى المعاملة كـ"البيبي" والتعاطف واللطف والتعويض المستمر تارة مع الفتيات وتارة معها، حيث لا يظهر الثنائي إلا في أحضان بعضهما البعض.
لا تزال شيرين تسير على طريقة أغنية "لسة في الأيام أمل"، ربما تتلخص علاقتها مع حسام في تلك الجملة بالذات "لسة في الأيام أمل مستنينيه، لو في أوقات عدّوا بخسارة علينا، لو في ناس حولينا بسببها اتأذينا، لو في لمحة حزن متشافة في عنينا، باللي بينا كل ده مستحملينه".
هل يخدع حسام شيرين؟
"حسام حبيب يخون عهد شيرين عبدالوهاب ويبيعها بمبلغ مالي"، كان هذا عنوان مقال بموقع الجميلة حول تسليم حسام لشيرين، وتوريطها في واحدة من حلقات رامز جلال، دون أن تدري، عام 2018، في برنامجه رامز تحت الصفر.
بمهر قدره 25 قرشاً تزوج حسام من شيرين، التي وصفت مهرها الحقيقي بأنه معنوي "مهري الدنيا كلها.. ربنا اداني الدنيا كلها بين ايديا.. ربنا كرمني براجل زي الألماظة اللي كل ماتطلع لبرا بتنور.. إنسان نظيف جداً، عمري ما تخيلت إن حسام يكون جوزي ومش عارفين ده حصل إزاي، في يوم عزمني على العشاء، في اليوم ده شوفته حقيقي وقولتله هو ينفع نتجوز؟"
حين أحاول العثور على دليل يؤكد لي من الأصدق الابن أم الأب، أجدني أميل إلى الأب، وإن كانت صراحته جارحة، ففي بداية العلاقة قبل ثلاث سنوات كان الأب هو صاحب السبق في الكشف عن علاقة الثنائي شيرين وحسام، عبر صور على مواقع التواصل وجمل واضحة حول علاقة تجمع ابنه وشيرين عبدالوهاب، وبينما لم تبادر شيرين إلى النفي، بل إنها لمّحت في رد على معجب طلبها للزواج فأخبرته "لو كنت جيت بدري 3 أيام"، سارع حسام إلى النفي بحسم قائلاً "فوجئت بشائعة زواجي من النجمة شيرين، وهناك من يسعى لنشر الموضوع على أكبر نطاق ويبالغ فيه، هناك علاقة صداقة وأخوة فقط تجمعني بها، ولا يوجد زواج، ولو هناك أي علاقة بيننا كنت أول من يعلنها، وشيرين أيضاً كانت ستعلنها، ولا أعلم من أين أتى البعض بتلك الشائعة".
لكن الأيام أثبتت لاحقاً أن الأصدق كان الوالد، الذي كان السبب في الكشف عن العلاقة في بدايتها، وكاد أن يتسبب في نهايتها لولا ثقة شيرين المطلقة في حسام، ورهانها بنفسها وكل ما تملك على الرجل الذي وصفته بأنه "هدية السماء" لها، لا تزال الأيام تحمل الكثير من المفاجآت، فإما أن تتأكد تسريبات الأب، أو تثبت صحة حدس شيرين، التي باعت الدنيا واشترت حسام.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.