لم يكن يدور في خلد المخرج محمد سامي قطعاً وهو ينهي آخر مشاهد مسلسله "نسل الأغراب" أن القصة لن تنتهي بإسدال الستار على صراع "غفران" و"عساف" الغريب، بل بالعكس ستكون بداية جديدة لفصول أكثر إثارة من ذلك العمل الركيك الذي خطه، وأنه نفسه سيلقى مصيراً "مجهولاً" بعد أن كان أول "الضحايا"، من خلال إعلان الشركة المتحدة عن "ركنه" جانباً وإلغاء التعاون معه، بعد سلسلة من الأخبار المتضاربة عن المسلسل، منها مثلاً محاباة زوجته مي عمر، وخلافات الممثلين، وخلل في الميزانية.
لتشتد الأحداث وتزداد سخونة وإثارة، حين شملت "رأس الهرم" نفسه، ونقصد هنا تامر مرسي، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لسنوات، وظلت الدراما المصرية تأتمر بأمره، فتوارى من لم يقدم له فروض الطاعة والولاء عن الأنظار مهما كانت موهبته كبيرة، واستحوذ المقربون منه على "الكعكة" والنصيب الوافر منها؛ لكنها "لعنة الأغراب"، كما ظلت شخصيات ذلك المسلسل السالف الذكر تردد طوال أيام الشهر الفضيل دون كلل ولا ملل، رغم أن أسلوب صياغة النهاية من خلال "ثورة الأهالي" ضد ظلم "آل الغريب" قلبت "المواجع" على أركان النظام الممسك بزمام الدراما والإعلام و"خدشت" تلك "الصورة البهية" التي صنعتها مسلسلات المخابرات من ابنها المدلل الذي سيبقى وسيتمدد لسنوات أخرى، أي مسلسل "الاختيار" وأيضاً "هجمة مرتدة"، دون إغفال أن "القاهرة كابول" مصنف ضمن ذات الخانة.
ورغم الجهد المبذول قصد "التكتم" على التفاصيل الحقيقية "للزلزال" الذي أصاب المكان وأدخل الجميع في نوبة شك وحيرة من خلال الإسراع في تنظيم المؤتمر الصحفي الذي خصص له الإعلام المصري تغطية غير مسبوقة، وتم الحرص على "وأد" ملف الفساد داخل دهاليز الشركة، لا بل والتسويق لنظريات أخرى تفيد بوجود أرباح كبيرة عوضت الخسائر السابقة، وهنا نتساءل: إذا كان هذا صحيحاً فلماذا كل الارتباك؟ ولماذا أصلاً هبت رياح التغيير من الأساس؟ والأهم لماذا تمت الاستعانة باقتصادي مخضرم مثل حسن عبدالله البعيد عن مجال الدراما وتنصيبه على رأس المؤسسة بدل تامر مرسي الذي أضحى عضواً بجانب آخرين مثل عمرو الفقي والمخرج محمد السعدي ومحمد سمير والبقية؟
والمثير للاهتمام أننا بعد هذا التغيير أصبحنا نرى شخصيات فنية وإعلامية تقر وتعترف بأن الشركة المتحدة احتكرت كل شيء، وأجبرت أسماء فنية على الابتعاد، وأنها رفعت من سقف أجور فناني الصف الأول، وخلقت هوة عميقة مع الباقي، وغيرها من التفاصيل التي ما كان هؤلاء يجرؤون على إطلاقها قبل أسابيع فقط؛ لكن هل بعد "مراجعة الأوراق" هذه أنهت الدراما المصرية كل مشاكلها وصار بإمكانها العودة لتبوؤ ريادتها وبسط نفوذها على المشهد الدرامي العربي يا ترى؟
هل كان "العائق" يكمن فقط في تامر مرسي وبطانته وبتنازلهما عن مقعد السياقة سينتهي كل شيء ونرى أفكاراً ودماء جديدة ويعود المغيبون وتفتح أبواب المنافسة على مصاريعها أمام باقي الوجوه والشركات التي عانت من جور "سينرجي" ومن خلفها؟
الحقيقة أن هناك عشرات الأسئلة الأخرى التي تحتاج للإجابة؛ لكن هناك تفصيل محوري وهام دخل على الخط ويعد بالكثير من المفاجآت التي ما زالت بانتظار عشاق الدراما المصرية، وأولها "شراكة" الشركة المتحدة و"إم بي سي" وقبلهما "زلة لسان" الإعلامي عمرو أديب -التي عرضته للتوبيخ- عن نية هيئة الترفيه السعودية إنتاج 60 مسلسلاً مشتركاً، كل هذا يجعلنا نتساءل: ما هو التوجه الجديد؟ وماذا يُعد خلف الكواليس إذاً؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.