وقَّعت إسرائيل في سبتمبر/أيلول الماضي اتفاقات تطبيع مع كل من: السودان والمغرب والإمارات والبحرين، لتنضم هذه الدول العربية الأربع إلى كل من الأردن ومصر، اللتين تقيمان علاقات رسمية مع إسرائيل، وترتبطان معها باتفاقيتي سلام منذ عامَي 1979 و1994.
على أثر العدوان الكبير الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة في الأيام الماضية والذي نتج عنه استشهاد 232 مدنياً فلسطينياً، بينهم 65 طفلاً، و39 سيدة، و17 مسناً، وإصابة أكثر من 1900 مواطن فلسطيني وتعرضت 1447 وحدة سكنية في غزة للهدم الكلي إلى جانب 13 ألفاً أخرى تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة وهدم جيش الاحتلال 205 منازل وشقق وأبراج سكنية، 33 مقرات مؤسسة إعلامية.
أمام كل هذه الخسائر البشرية والتهديم الرهيب الذي طال البنى التحتية، وقفت الدول العربية المطبّعة مؤخراً صامتة وفي حرج كبير، فهذه الدول التي كانت تدعي أن التطبيع سيكون حلاً للفلسطنيين وسيكون حماية لهم من الانتهاكات المستقبلية، أصبح في الحقيقة دعماً وقبولاً مباشراً لهذا العدوان والانتهاك الذي استمر 11 يوماً ولا يزال مستمراً في القدس وفي الداخل الفلسطيني المحتل.
ويجد المطبِّعون الجدد أنفسهم في موقف بالغ الحرج، في ظل فشلهم في إيجاد مبرر لتقاربهم الشديد مع إسرائيل، أمام الرأي العام في بلدانهم، فهل قدم هذا التقارب وهذا الصمت دعماً لقوات الاحتلال؟
في مقال كتبه دانيال سونينفيلد تحت عنوان "اجتازت العلاقات بين إسرائيل والخليج أول اختبار رئيسي بدون أذى) بتاريخ 21 أيار/مايو 2021، قال الكاتب إنه "كان على البلدان الأربعة أن تدين إسرائيل بعبارات قوية عقب الأحداث التي وقعت في القدس. فقد ألقوا اللوم على إسرائيل بطريقة عبرت عن حساسية ما يحدث في المدينة، وبسبب ما سموه إيذاء حقوق الفلسطينيين وحرمة الأقصى".
وأضاف أن انتقال الصراع من القدس إلى غزة جعل اهتمام الدول العربية المطبعة حديثاً يتناقص.
"عندما هاجر العنف من القدس إلى غزة ومدن إسرائيل الأخرى، ساعد ذلك البلدان العربية على التقليل إلى أدنى حد من تعليقاتها على الوضع. وفي الوقت نفسه، أصبحت تغطية الحالة أكثر توازناً وشملت المعاناة الفلسطينية والإسرائيلية نتيجة للقتال".
ويقول: "إن العديد من الدول العربية، وخاصة تلك التي لديها اتفاقات مع إسرائيل، لا تريد [حماس]، وهي منظمة تتعاون مع إيران ويتم تحديدها مع الإخوان المسلمين، أن يكون لها أي نوع من الانتصار". ومع ذلك، ومع استمرار القتال ونمو التدمير في غزة، "كان عليهم أن يظهروا دعماً أكبر للفلسطينيين".
وعلى الرغم من ذلك، لم يتخذوا أي إجراء من شأنه أن يقوض الاتفاقات. في الواقع، كما يشير غوزانسكي، في محادثة مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان: "اتفاقية أبراهام للسلام تحمل آمالاً لشعوب المنطقة في العيش في سلام واستقرار بطريقة تضمن التنمية المستدامة"، وفقاً لبيان أصدرته وكالة أنباء الإمارات.
وقال رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي آشر فريدمان: "بسبب علاقات الثقة والحوار والتفاهم التي بنيت خلال الأشهر الأخيرة، استمرت تلك العلاقات في البقاء قوية خلال هذه الفترة".
يعتبر هذا المقال إثباتاً واضحاً على أن صمت الدول العربية المطبّعة زاد من شرعية الاحتلال في اعتدائه على الفلسطينيين، فإن مرور أول أزمة على سلام -حسب اعتقادهم- يعتبر استسلاماً وخضوعاً تاماً من طرف هذه الدول وانتصاراً لإسرائيل المحتلة.
واستمرار صمت هذه الدول يعتبر ورقة رابحة للكيان ودعماً مباشراً للعدوان، خاصة مع استمرار الاعتداءات؛ حيث شهدت هذه الأيام هدوءاً في غزة وتصعيداً في القدس.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.