في نهاية المطاف ستهدأ جبهات فلسطين المشتعلة، وبغض النظر عن شروط الهدنة القادمة من المؤكد أن هذه الحرب لا تشبه ما كان يجري، هي حرب مختلفة عن سابقاتها بكل المقاييس، هي حرب استطاع الفلسطينيون خلالها فرض معادلة جديدة من الردع ستعيد بالتأكيد إعادة تشكيل الوعي عند مستوطني إسرائيل لأنها وضعت نهاية غير سعيدة لنهج الغطرسة الصهيوني، فلا القبة الحديدية أدت دورها ولا الترسانة العسكرية الصهيونية كانت مفيدة، تل أبيب العاصمة أمطرتها صواريخ المقاومة.
والقدس العاصمة الثانية ترنحت أمام انتفاضة أناس عزل فأي دولة هذه عندما تفقد زمام المبادرة في الذود عن عاصمتها، لا شك أنها دولة باتت تعيش وضعاً شاذاً لذلك ستخلق هذه الحرب أسئلة كثيرة عند الإسرائيلي العادي وأول سؤال سيطرحه هو: نحن إلى أين؟ هل نبقى أم نرحل؟ وهذه الأسئلة لن يكون سببها الخوف من انتصار فلسطيني قريب بل سببها هو فشل السياسة التي ينتهجها اليمين الإسرائيلي التي أوصلت الإسرائيلين إلى طريق مسدود. هذه الحرب ستدفع الإسرائيلي إلى البحث عن حلول عقلانية ليس حباً للفلسطينين بل لأن استمرار هذا النهج اليميني بات يحمل في طياته مشروعاً انتحارياً خصوصاً أن "ترامب" آخر لن يظهر من جديد .
في الجانب الآخر محت هذه الحرب المسافة الفاصلة ما بين غزة والضفة وأعادت اللحمة إلى الشعب الفلسطيني الذي لم يكن يوماً إلا شعباً واحداً رغم كل التباينات والعثرات التي مرت عليه.
هذه الحرب ستفرض على الجيل الجديد في إسرائيل تبديل نظرته إلى بلده حيث إنه لن يرضى العيش في بلد هو عبارة عن جيش له دولة، هذه الحرب أثبتت أن إسرائيل لم تعد تلك الدولة التي لا تقهر وستطفو على سطح المجتمع الإسرائيلي كافة الشروخات القديمة التي كان يضبط إيقاعاتها ما كانت عليه إسرائيل من غطرسة دون رادع، وما يقال عن حرب أهلية في دوائر القرار في إسرائيل لا يقصد بها الحرب بين فلسطينيي 1948 واليهود بل هي حرب بين اليهود أنفسهم بين شتات شعوب مختلفة جمعها العدوان واستباحة حقوق الشعب العربي الفلسطيني. هذه الحرب ستخلق أزمة كيانية في جسد اليمين الإسرائيلي ولا شك أن نجم نتنياهو إلى أفول قريب. بوركت يا شعب فلسطين وإلى الأمام.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.