تقول "الأسطورة" في كل يوم تصنع مصر ترينداً جديداً ونجماً وليداً، مواقع التواصل الاجتماعي في الأغلب تتكفل بالمهمة، لا يجب أن ينام المصريون إلا ولديهم نجم جديد، وإن اختلفت الأسباب والمعطيات ربما لاعب كرة قدم سدد الكرة بقوة في ليلة السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، العام الماضي، فاجتازت الحارس وأصبحت "القاضية ممكن"، وأصبح محمد مجدي قفشة نجم الليلة وكل ليلة، ربما أيضاً سيدة خمسينية قابلها مذيع شاب فتكلمت بضع كلمات صارت مثالاً للتعفف والرضا في ربوع الوطن العربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
يستطيع كل مصري أن يصنع التريند، ويصير نجم الليلة في أم الدنيا، بمقطع مصور يتلو به بعض الآيات القرآنية بصوت جميل، أو مقطع لمشهد تمثيلي سخيف، لكن هناك من صعد للنجومية و"أخد السلم معاه فوق" أو هكذا يظن، ومنهم محمد رمضان، الذي تحول من "موسى" إلى فرعون.
كيف تصنع التريند بدون معلم؟ محمد رمضان يخبرك
في كتابة السيناريو والقصة بشكل عام يصنع الكاتب عقدة درامية داخل الأحداث، حتى يزيد من شدة انتباهك لما يقدمه، ولكي يحصل على انبهارك عندما يستطيع بطله المكتوب على الورق حل تلك العقدة في العمل الدرامي، فيسعد الجميع.
"نمبر وان"، الشهير بمحمد رمضان، يعتمد استراتجية تسويقية أقرب لتلك الحالة، ربما من نتاج أفكاره العجيبة مثل تصريحاته، أو شركة التسويق الخاصة به، تبدأ استراتيجية محمد رمضان ومَن وراءه بتقديم طعم للجمهور من مقطع مصور، أو صورة غامضة، تثير غضب الجمهور على الأغلب، فتشتعل وسائل التواصل ضد الفنان الأسطورة، ويتحمس البعض أكثر من ذلك، ويدشن حملات مقاطعة لأعمال رمضان التي يتابعها أغلب المصريين، بينما "البرنس" محمد يلتزم الصمت عدة أيام حتى يحصل على كل ما يريده، ثم يتحدث في توقيت محدد لينفي كل ما أثير حوله، ويخرج على الناس برواية مختلفة كلية، فيتحقق له الانتشار الواسع، والحصول على صدارة "التريند" لعدة أيام.
أزمات مفتعلة.. عبده موته مستفيد دائماً
في السابع من شهر أبريل/نيسان الماضي، ألزمت المحكمة الاقتصادية الفنان محمد رمضان بدفع مبلغ 6 ملايين جنيه لصالح الكابتن طيار أشرف أبو اليسر، تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بالأخير بسبب أزمة الطائرة الشهيرة، بعدما نشر رمضان صوراً ومقاطع فيديو له على متن طائرة بقيادة أبو اليسر.
ظهر "الأسطورة" في مقطع مصور بعد الحكم القضائي، يرمي أوراقاً عديدة من عملة الدولار الأمريكي، في إشارة لعدم أهمية المال بالنسبة له، وأن الحكم القضائي بدفع 6 ملايين جنيه لا يمثل له الكثير، ما أثار غضب الكثيرين من جديد، لكن الفنان ظهر بعد عدة أيام ليوضح أن الأمر ليس له علاقة بتلك الأزمة، بل الحقيقة أن المقطع جزء من حملة إعلانية من بطولته، ليكمل من جديد لعبته التسويقية.
لم يمر مسلسل موسى مرور الكرام قبل أن يستغله محمد رمضان لتطبيق خدعته التسويقية تلك، ففي الحلقة الثانية عشرة من المسلسل، ظهرت شخصية الفنان الراحل إسماعيل ياسين في أحد المشاهد، حيث يظهر الفنان الراحل ضمن الأحداث بمظهر غير لائق، إضافة لسخرية موسى (محمد رمضان) من حركاته الكوميدية المعروفة.
كالعادة التقط الجمهور الطعم، واشتعلت مواقع التواصل من جديد لعدة أيام، ليفاجأ الجميع في الحلقات التالية أن ذلك الشخص كان ينتحل شخصية إسماعيل ياسين فقط، في مشهد آخر يعيد للفنان الكبير قيمته ومكانته، ليخرج محمد رمضان من الأزمة المستفيد الأكبر مثل أغلب أزماته المفتعلة
محمد رمضان والبحث عن ذاته وسط كومة ألقاب
"رايحين لفين دانا الملك، نادي الملوك مين فيكو مشترك" يعيش محمد رمضان في حالة عجيبة من حب الظهور في دور "أجمد إنسان في الكوكب".
وبينما على مدار عشرات السنين نعرف أن لقب عادل إمام هو الزعيم، ونادية الجندي تحمل لقب نجمة الجماهير، نرى الفنان الشاب يبدل بين ألقابه الكثيرة، كما يبدل بين سياراته الفارهة، وإن احتفظ بأشهرها "نمبر وان" فهو "ملك الغابة شايفك قطة"، وهو "الأسطورة" الخالدة في مسلسلات رمضان، ثم "البرنس"، بينما في ألقابه في أغانيه الكثيرة أكثر تواضعاً، فهو "مافيا" و"البطل" و"ملك الغابة" و"بابا"، وبالتأكيد وعن مجمل أعماله فهو "السلطان، السلطان، السلطان"، وسلسلة طويلة من الألقاب تشعرك بأن الفنان يعاني من النرجسية لا قدر الله، وليس مثل باقي البشر، لكنه يرد عليك بكل تواضع "مين اللي أدي أنت أخرك ياض تتفرج، أنا صاحب الملعب وانت قاعد في المدرج".
لماذا يحب محمد رمضان الظهور في صورة نمبر وان؟
دائماً ما يظهر محمد رمضان بصورة الإنسان المتعالي، الذي ينظر للجميع من الأعلى باحتقار، وباعتباره "نمبر وان" بينما البقية بعده بكثير، سواء أكانوا زملاءه الممثلين أو الناس بصورة عامة، يركب السيارات الفارهة ويهتم بإظهار ذلك، فضلاً عن رحلاته الكثيرة بطائرة خاصة، وملابسه باهظة الثمن.
ربما يفسر ذلك رحلة رمضان الصعبة حسب تصريحاته دائماً، وكيف وصل من شاب هاوٍ مغمور، من أسرة بسيطة، إلى أحد أشهر الفنانين في الوطن العربي، في لقاء تلفزيوني سابق يقول رمضان "أهلي مكنش عندهم أراضي ولا فلوس في البنك ولا الكلام ده"، ما يشير إلى خوضه رحلة ليست ميسرة للوصول إلى النجومية.
وربما يؤكد ذلك ما قاله "ريان هوليداي" في كتابه "الغرور هو العدو"، حيث يقول "المشكلة تكمن في المسار الذي سلكناه، لكي نصل إلى النجاح في المقام الأول، ما أنجزناه تطلب غالباً أعمالاً بطولية تتسم بالقوة الغاشمة وقوة الإرادة".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.