الصراع الأمريكي الروسي.. إلى أين يتجه؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/26 الساعة 16:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/26 الساعة 16:05 بتوقيت غرينتش

 في ظل الصراع الدائر بين أقوى قوتين عالميتين في العالم، يطرح السؤال ما هي أوجه العلاقة بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية بعد تولي الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن هرم السلطة في أمريكا؟ وهل ينتهي الصراع القديم الجديد أم أن الوضع سيكون أكثر تصعيداً وتأثيراً على المنظومة الدولية؟

  فبعد ما كانت العلاقات بين الطرفين في عهد ترامب يسودها الصمت، أو كما يقال علاقات "شبه باردة"، رغم وجود خلافات في الرأي والسياسة في مجموعة من الصراعات والقضايا الإقليمية والدولية وخاصة في الشرق الأوسط والتحديد النزاع السوري والملف النووي الإيراني،  لكن منذ تولي جو بايدن للحكم، وبعد انتخابات تاريخية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وفي ظل مخاوف من شبهات تزوير لحقت بالانتخابات، وغير ذلك لم يمنع الرئيس الجديد من حسم المعركة في آخر المطاف، وتنصيبه على غير العادة، وبدون حضور الرئيس المنتهي ولايته "ترامب"، هذا كله جعل العالم يطرح عدة أسئلة في كيفية خروج الولايات المتحدة الأمريكية من أزمتها السياسية الداخلية؟

لكن يبدو أن الرئيس الجديد قد اصطدم مع صراعات خارجية بات ملزماً بالتعامل معها لحل مجموعة من القضايا الخارجية، وبالتالي طرح رجوع الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الهرم الدولي، بيد أن الأمر ليس بتلك السهولة وأمام دول عظمى كروسيا والصين، التي بدأت أمريكا تعرف معها عدة نزاعات اقتصادية وصراعات على المواقع والثروات في كل من إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. لكن السؤال هنا كيف يمكن أن تكون العلاقة الأمريكية-الروسية بعد كل هذه التطورات؟

من الملاحظ أن الصراع الروسي-الأوكراني، والتدخل الروسي في الأحداث الجارية في أوكرانيا، قد أثر بشكل أكبر على العلاقات الأمريكية-الروسية، لاسيما أن أوكرانيا من الحلفاء الاستراتيجيين في المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية وهي الذراع التي تتحرك فيها أمريكا وحلف الناتو لمواجهة خطط روسيا في المنطقة وفي أوروبا بصفة عامة.

إذاً هذا الموقف والتدخل الروسي في أوكرانيا كثف من صور الصراع بين أقوى قوتين نوويتين في العالم، وأعطى الانطباع بأن العالم يتجه إلى "حرب باردة" بين القطب الشرقي (الروسي) والغربي (الأمريكي).

لاسيما أن التدخل الروسي الحالي قد أفرز عدة أحداث، من أهمها فرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا، وفي المقابل طرد دبلوماسيين أمريكيين من موسكو، كل هذه الأحداث والتطورات المتتالية تعطى الانطباع بأن الخصمين باتا يلعبان بأوراق أكثر خطورة على السلم والأمن والسلم الدولي.

إضافة إلى أن البلدين يخوضان صراعات استراتيجية وسياسية وعسكرية خفية إما سرية أو بالوكالة على عدة جبهات إقليمية ودولية، وإذا كان الصراع السوري والملف الإيراني وتشابك المصالح بينهما في المنطقة هو الصورة العلنية للعالم، فإن ذلك لا يعني أنه ليس هناك صراعات نفوذ متفرغة وفي مناطق عدة بإفريقيا وآسيا وأوروبا، ما يفتح المجال إلى أن أوجه الصراع بين البلدين لن تقتصر على الشرق الأوسط فقط، بل ستمتد إلى مواقع وأراض أخرى، وذلك لتوسيع رقعة "المعركة الخفية" وكسب مناطق نفوذ جديدة، إلى جانب أن الجانب الروسي بات مستعداً لكل الاحتمالات، وذلك ما أظهرته الاتفاقات الاستراتيجية بين روسيا والصين، وهي إحدى الدول المنافسة أيضاً على الزعامة الدولية، لكن تقرب الروس لكسب ودها يفتح المجال على مصراعيه مع الولايات المتحدة الأمريكية التي لجأت إلى نفس الاستراتيجية وتحالفت مع قوى أخرى يحسب لها ألف حساب في المنطقة الآسيوية، وهنا نعني الهند.

هذه التكتلات الدولية المتصاعدة، التي يتحكم فيها صراع القطب الشرقي "روسيا" مع القطب الغربي "أمريكا" تؤكد أنه لا مجال للشك أن العالم أصبح يعيش في دوامة قوامها الصراعات والأزمات الدولية، وخاصة بين من يعتبر أنه يحافظ ويحمي السلم الدولي وما توصف بدول "حق الفيتو" داخل مجلس الأمن.

ختاماً، يتضح أن الصراع الأمريكي-الروسي رغم أنه كان في بداية الألفية الجديدة يميل إلى كفة الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بحكم ما كانت تتمتع به من قوة اقتصادية وعسكرية وأمنية عالمية، لكن مع مرور الوقت وخلال السنوات العشر الأخيرة، يمكن القول إن روسيا الاتحادية قد نهضت من تداعيات ميراث "الاتحاد السوفييتي" السابق، وأصبحت تمتلك قوة عسكرية ومالية تجابه بها الولايات المتحدة الأمريكية، وتحقق لها بالتالي التوازن.

هذا ما شهدناه في عدة تدخلات قامت بها روسيا لتأمين نفوذها وإرجاع قوتها كما كانت سابقاً، وخير دليل هو ما يحصل في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، إضافة إلى تأمينها لحدودها وتوسيعها لمناطق حدودها براً وبحراً.

من هنا يمكن القول إن العالم بات يعيش صراعاً وشيكاً بين قوتين عالميتين، إذا لم تكن هناك توافقات بين القوتين للحد منه سوف يتطور ليؤثر على التوازنات الدولية ويصبح عالمياً، وبالتالي العالم على حافة "حرب عالمية ثالثة"، إضافة إلى أن العالم يعيش حرباً أخرى مع جائحة أثرت على المعمورة اقتصادياً واجتماعياً. وجعلت السؤال: كيف يمكن مواجهة هذا الوباء؟ أحد أساسيات المرحلة والألفية الجديدة للبشرية، وبعيداً بذلك عن الصراعات التقليدية التي أدت بالشرية للانقسام وصراعات دامت عقوداً من الزمن.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد عبيد الله
باحث في العلوم السياسية
باحث مغربي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تحميل المزيد