أكبر الخاسرين من هذه المعركة.. كورونا أجهز على الفقراء

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/16 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/16 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش

لا تزال جائحة كورونا تشيع الدمار في بلدان العالم، وتجهد النظم الصحية، وتعطل الإنتاجية، وتهدد الأمن الغذائي، وتُضاعف من فقدان فرص العمل، وتخفض الدخول، ولا سيما للفئات الأشد ضعفاً. فقد أدت إلى أكبر انكماش في الاقتصاد العالمي خلال ثمانية عقود، أثر على جميع الاقتصادات وتسبب في انخفاض الاستثمارات والتجارة وتدفقات التحويلات المالية. وتهدد هذه الأزمة العالمية الأرواح وسبل العيش للفئات الأكثر ضعفاً من خلال زيادة معدلات الفقر وتفاقم التفاوتات والإضرار بآفاق النمو الاقتصادي على المدى الطويل. وذلك يتطلب استجابة عالمية شاملة وقوية من جانب مجتمع التنمية.

هذا، وقد نفذت مجموعة البنك الدولي مشاريع تمويلية ترتبط بجائحة كورونا، وذلك بإجمالي يصل إلى 45 مليار دولار في الربع الأخير من السنة المالية 2020.

ويجري تنفيذ عمليات من خلال البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار في أكثر من 100 بلد بقدرات تمويلية تصل إلى 160 مليار دولار للعام الجاري 2021.

سيتعين على مختلف البلدان أن تتيح لرأس المال والأيدي العاملة والمهارات والابتكارات الانتقال إلى بيئة مختلفة للأعمال بعد زوال الجائحة "وأنه خلال فترة الانتعاش، من الضروري أن تعمل البلدان المعنية على تحقيق أهدافها المتصلة بالمناخ والبيئة".

إن الجائحة "قد تؤدي إلى عقد ضائع يتسم بضعف النمو، وانهيار العديد من أنظمة الصحة والتعليم، وجولة جديدة من أزمات الديون السيادية". وخلال الاجتماعات، أعلن البنك الدولي عن خطط لتوفير ما يصل إلى 12 مليار دولار للبلدان النامية لشراء اللقاحات وتوزيعها حالما تتوافر. وتستثمر أيضاً مؤسسة التمويل الدولية بكثافة في شركات تصنيع اللقاحات والإمدادات ذات الصلة من خلال منصتها للصحة العالمية بمخصصات قدرها 4 مليارات دولار. وستدعم هذه الجهود إمكانية حصول أشد الناس فقراً وأكثرهم تعرضاً للخطر على فرص الحصول عليها على نحو منصف.

 الفقراء هم الأكثر تضرراً من فيروس كورونا

يتوقع البنك الدولي أن ترتفع معدلات الفقر المدقِع في العالم في عام 2021 لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً، حيث تفاقمت الاضطرابات الناشئة عن جائحة فيروس كورونا من قوى الصراعات وتغير المناخ، التي كانت تُبطئ بالفعل من وتيرة التقدم المحرز في الحد من الفقر. وتشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا ستدفع ما بين 88 و115 مليون شخص آخر إلى براثن الفقر المدقع هذا العام (أكثر من 1.4% من سكان العالم). وسيرتفع هذا الرقم إلى ما يصل إلى 150 مليوناً بحلول عام 2022، إلا أن ذلك سيتوقف على حدة الانكماش الاقتصادي. ليتراوح المجموع بين 703 ملايين و729 مليون شخص. وتتحمل جائحة كورونا قدراً كبيراً من المسؤولية عن ذلك، لكن الأسباب تشمل أيضاً الصراع وتغير المناخ. إن هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 على الصعيد العالمي، والذي بدا أنه قابل للتحقيق لفترة طويلة، أصبح الآن بعيد المنال إلى حد كبير.

ومن المرجح أن يؤثر الفقر المدقع، الذي يُعرَّف بالعيش على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، على ما بين 9.1 و9.4% من سكان العالم في عام 2020. وسيمثل ذلك تراجعاً إلى معدل الفقر البالغ 9.2% في عام 2017. وكان يُتوقع أن ينخفض معدل الفقر إلى 7.9% في عام 2020 لو لم تتفشَّ جائحة كورونا في أنحاء العالم. لذلك سيتعين على البلدان الاستعداد لاقتصاد مختلف فيما بعد انحسار الجائحة، وذلك من خلال السماح بانتقال رأس المال والعمالة والمهارات والمبتكرات إلى شركات وقطاعات جديدة.

وتشير التوقعات أيضاً إلى أن العديد من الفقراء الجدد سيكونون في بلدان تعاني بالفعل من معدلات فقر مرتفعة، حيث سيشهد عدد من البلدان متوسطة الدخل انزلاق أعداد كبيرة إلى ما دون خط الفقر المدقع 82% منهم سيكونون في بلدان متوسطة الدخل.

وقال البنك الدولي إن اقتران جائحة كورونا بضغوط الصراعات وتغير المناخ سيجعل من تحقيق هدف القضاء على الفقر بحلول عام 2030 أمراً بعيد المنال ما لم يتم اتخاذ تدابير سريعة وهامة وكبيرة على صعيد السياسات.  وبحلول عام 2030، فإن معدل الفقر العالمي قد يبلغ نحو 7%.

ومن المتوقع أن تسقط أعداد متزايدة من سكان المناطق الحضرية في براثن الفقر الذي تطال نيرانه في العادة سكان المناطق الريفية.

وعلى الرغم من أن أقل من 10% من سكان العالم يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، فإن ما يقرب من 25% من سكان العالم يعيشون دون خط الفقر البالغ 3.20 دولار، ويعيش أكثر من 40% من سكان العالم أي ما يقرب من 3.3 مليار نسمة دون خط الفقر البالغ 5.50 دولار للفرد في اليوم.

ويزداد الأمر غموضاً عند توقُّع ما سيحدث في عام 2022 وما بعده. فوفقاً لتنبؤات تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية، سيزيد الناتج الاقتصادي العالمي بنحو 4% في عام 2021، لكن توقعاتنا بشأن الفقر تشير إلى عدم تغيُّر عدد الفقراء المدقعين بشكل عام بين عامي 2022 و2021. فكيف يكون ذلك؟

تلعب معدلات النمو في البلدان التي بها أكبر عدد من الفقراء دوراً كبيراً في هذا الشأن. ففي نيجيريا والهند وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي نتوقع أن ثلاثتها تضم أكثر من ثلث فقراء العالم، يُتوقَّع أن يبلغ معدل نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي -0.8% و2.1% و0.3% على التوالي. ولا يكفي ذلك لتحقيق انخفاضات مستدامة في عدد الفقراء خاصةً مع نمو السكان بمعدلات 2.6% و1% و3.1%.

ورغم أن التوقعات بشأن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء لم تختلف بشكل عام عما ذكرناه، فإن منطقة جنوب آسيا ربما تشهد زيادة أكبر في عدد الفقراء بسبب تفشي فيروس كورونا.

وباستخدام خطوط الفقر الأعلى، يتغيّر توزيع أعداد الفقراء المضافة بين المناطق تغيُّراً ملحوظاً. فمن بين 176 مليون شخص يُتوقَّع سقوطهم في براثن الفقر عند خط الفقر البالغ 3.20 دولار للفرد في اليوم في ظل السيناريو الأساسي، تضم منطقة جنوب آسيا ثلثي هذا العدد. ومن بين 177 مليوناً يُتوقَّع انزلاقهم إلى هوة الفقر عند مستوى 5.50 دولار للفرد في اليوم، توجد نسبة كبيرة من حديثي الفقر في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ ونسبة صغيرة منهم في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك لسبب بسيط هو أن القليل من السكان هناك يعيشون على هذا المستوى.

علامات:
تحميل المزيد