تصر نقابة الإعلاميين في مصر، ومعها بعض الهيئات الأخرى، على أن تغض الطرف مع كل اقتراب لشهر رمضان المبارك، عبر دخولها في سلسلة من "المهاترات" والتصريحات العنترية التي تصاحب برنامج رامز جلال؛ فتطلق عشرات التهديدات، وتنشر أحكاماً لا تنتهي، تفيد بأن "نهاية" تفاهات رامز صارت قريبة، والمضحك أن البعض فعلاً يتفاعل مع الموضوع بمنتهى الحماس، فنرى مداخلات تلفزيونية وأسماء معروفة في الوسط الإعلامي "تبشر" بأن هذه "القرارات" حقاً مجدية وذات مصداقية على أرض الواقع.
ليبدأ الموسم الرمضاني وينشر رامز جلال مقاطع توثق لخطواته الجديدة، وسرعان ما ينسى الجميع كل ما سبق، والذي لا يصح غير وصفه "بالدعاية" التي يتلقفها بطل فيلم "عيال حبيبة" بمنتهى الذكاء، ويستثمرها في سلسلة "إفيهات" يطلقها بين الفينة والأخرى في برامجه.
لكن إحقاقاً للحق، فهذه السنة جاءت موجة التهديدات "عالية"، حتى إن بعض المنابر الصحفية تعاملت مع تصريحات النقابة بعدم "تقنين" رامز لوضعه القانوني، وعدم حصوله على العضوية، وتصريح مزاولة المهنة، وأيضاً رفض "التظلم" الذي تقدم به على أن الموضوع قابل للتطبيق حقاً، رغم أن النقطة التي أستغرب لماذا وكيف يتجاهلها الجميع، والتي تكمن في كون برنامج رامز جلال من الأساس تنتجه شبكة "إم بي سي" السعودية {بعد أن ترك قناة الحياة المحلية التي بدأ معها مشوار برامج المقالب}، وتصوير حلقاتها يتم خارج المحروسة مصر؛ فأي سلطة للنقابة على الموضوع أصلاً؟
لكن ما يثير الانتباه هذا الموسم هو أن "رامز عقله طار" يطرح برعاية هيئة الترفيه السعودية، ورئيسها أطل مع الفنان المصري في مقطع فيديو مشترك حتم على الكثير من نجوم الفن والإعلام -بزعامة عمرو أديب طبعاً- أن يباركوا لابن بلدهم، رغماً عن أنفهم، فحتى "الهضبة" المتواري عن الأنظار في برجه العاجي، والذي لا يجامل ولا يكشف عن آرائه لأحد، "اضطر" للنزول وكسر عاداته القديمة، أما عن عمرو أديب فلا داعي للتفسير أكثر، فيكفي العودة لمقطع الفيديو الذي "توجه" حينها "كأغلى إعلامي عربي"، كي نتفهم أن تعليق "لو رامز قرّب لمعاليك إحنا حنهد المحطة كلها على دماغه"، أمر طبيعي ومنطقي رغم أنه أساساً لا "يطيق" صاحب البرنامج وطالما هاجمه.
لكن السؤال المطروح هنا: هل ما زال بإمكان نقابة الإعلاميين المصرية أن تقف "بالمرصاد" في وجه برنامج رامز جلال مثلاً؟ أو هل ستجرؤ حتى على التفكير في إعادة كل ذلك الوعيد وتلك الشعارات الرنانة التي أطلقتها قبل اتضاح معالم العمل الجديد الذي صور في الرياض السعودية؟
في الضفة المقابلة، ينبغي أن نتوقف عند "إصرار" بعض الجهات سواء الإماراتية أو السعودية على عدم الاكتراث لهيئات رسمية مصرية، وبالتالي خدش صورتها و"إهانتها" أمام مرأى ومسمع الجميع؛ ألم يكن من الأجدى مثلاً "حل" كل مشاكل هذا المشاكس بعيداً عن الأضواء على الأقل لحفظ ماء وهيبة هذه المؤسسات؟ ولماذا لا تبدي شبكة إم بي سي وحتى هيئة الترفيه حالياً أي اهتمام ولا تقيم أدنى اعتبار للنظام الداخلي الجاري به العمل لنقابة الإعلاميين بالمحروسة والحرص على إنهاء الجدل الذي يتكرر كل عام ويسيء لمصر وهيئاتها؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.