انفجرت مع نهاية الحرب الباردة أنماط جديدة من النزاعات والصراعات "العرقية" و"الإثنية" التي أدت إلى مجازر وكوارث إنسانية واجتماعية، ومن بينها أزمة الروهينغا التي تعود إلى التمايز الديني والاجتماعي بين بوذيي راخين ومسلمي الروهينغا، ومنذ 25 أغسطس/آب 2017 يقوم جيش ميانمار بحملة عسكرية منظمة تستهدف الروهينغا، ويقول الجيش إن ما يقوم به هو "إنهاء مهمة بدأ تنفيذها منذ أيام الحرب العالمية الثانية"، في إشارة منه إلى أن حملته منظمة وانتقامية.
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن جنديين من ميانمار أقرا علناً بارتكاب عمليات اغتصاب وإعدامات ودفن جماعي، فيما وصفه مسؤولو الأمم المتحدة بأنه حملة إبادة جماعية ضد أقلية الروهينغا المسلمة في البلاد. أحد الجنديين اسمه ميو وين تون، قال إنه أُمر من قائده قائلاً له: "أطلق النار على كل ما تراه وكل ما تسمعه".
قوات الأمن في ميانمار تنفّذ حملة أمنية تستهدف فيها أي معارضة للنظام العسكري الجديد الذي تولى السلطة منذ انقلاب الأول من فبراير/شباط الماضي.
لماذا تدعم الصين النظام في ميانمار؟
وتعتبر العلاقات الصينية مع ميانمار قديمة وتاريخية، وتعمقت الشراكة بين الطرفين منذ عام 2018، حيث رصدت مجموعة تقارير ارتفاعاً مذهلاً في عدد المشاريع الصينية في ميانمار، والتي تتسبب في وقوع ميانمار بـ"فخاخ الديون"، مما أرغم حكومة ميانمار على مواصلة التعامل مع القروض والبرامج الصينية، مما تسبب في ارتهان البلاد لبكين.
ومنذ أواخر الثمانينيات، تعد الصين المصدّر والمُوَرِّد الرئيسي لبورما للمعدات العسكرية والتدريبية، وتعتبر كذلك المستثمر الرئيسي في الاقتصاد البورمي، وسوق تصدير رئيسياً لثروات بورما الطبيعية، التي عادة ما تُدار بطرق غير قانونية؛ عبر الحدود بين ولايتي كاشين وشان في بورما، ومقاطعة يوننان الصينية، حسبما تراه الباحثة في معهد أمريكا للسلام، بريسيليا آي جاب.
بعد الانقلاب العسكري سيحتاج النظام وقادة الجيش بلا شك إلى درجة عالية من الدعم الدولي للاحتفاظ بالسلطة، ولن يكون هناك غير الصين الدولة القوية التي ستضمن وتدعم شرعية للانقلاب، وترفض الصين حالياً الاعتراف بحصول انقلاب عسكري في ميانمار، وقد سعت في كلّ مرة حاول فيها مجلس الأمن إصدار بيان بشأن الوضع في جارتها الجنوبية إلى التخفيف من مضمونه.
ويرتبط الأمن في بورما واستقراره ارتباطاً وثيقاً بالصين، ورغم أن بورما تشتري المعدات العسكرية في كثير من الأحيان من مصادر متنوعة؛ منها روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، فإن الصين لا تزال المصدر الأكبر والوحيد للمعدات والتدريب للقوات العسكرية البورمية.
لهدا حذرت المبعوثة الأممية الخاصة إلى ميانمار كريستين شرانر بورغنر أعضاء مجلس الأمن الدولي من حدوث كارثة بالمنطقة، وحذرت خلال جلسة بمجلس الأمن من أن ميانمار قد تنزلق إلى دولة فاشلة، ومن أن الروهينغا سيعانون أكثر من غيرهم.
وقدرت بورغنر أعداد من تم إلقاء القبض عليهم منذ انقلاب الجيش بميانمار بحوالي 2559، في حين وصل أعداد القتلى على يد قوات الجيش والشرطة إلى 521.
هل سنشهد انقراض مسلمي الروهينغا؟
منذ أواخر السبعينيات، تفيد التقارير بأنه فرَّ ما يقرب من مليون مسلم من الروهينغا من ميانمار بسبب الاضطهاد واسع النطاق، ووفقاً للبيانات المتاحة من الأمم المتحدة فرَّ أكثر من 168 ألف شخص من الروهينغا من ميانمار منذ عام 2012، وفرَّ أكثر من 87 ألف روهينغي إلى بنغلاديش في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2016 إلى يوليو/تموز 2017، بالإصافة إلى 420 ألف لاجئ روهيغني في جنوب شرق آسيا. ويُوجَد نحو 120 ألف روهينغي من المُشرَّدين داخل ميانمار.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.