مع أداء القسم القانوني لحكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن اتفاق جنيف، والتي يقودها عبدالحميد الدبيبة، يأمل الليبيون أن تكون هذه الحكومة وجه خيرٍ يخرجهم من معاناتهم وأوضاعهم المعيشية الصعبة المُستمرة منذ عام 2011.
ولكن على الجانب الآخر ما هو المطلوب فعلاً من هذه الحكومة وسط كل الملفات الشائكة في ليبيا؟ وما الذي تستطيع هذه الحكومة تنفيذه على أرض الواقع بعيداً عن الوعود الفضفاضة؟
أبرزُ وأول الملفات العالقة هو الجنرال "خليفة حفتر"، الذي بحسب كثيرين يرون فيه المعرقل الأكبر لكل الحوارات السياسية السابقة واتفاقات وقف إطلاق النار، لكنّ حفتر على الجانب الآخر أبدى مباركته لهذه الحكومة الجديدة، كونها أتت عن طريق ملتقى الحوار السياسي المكون من 74 سياسياً من مختلف المدن والتوجهات والقبائل الليبية، ولربما الإشكالية الأكبر التي لم يتحدث عنها رئيس حكومة الوحدة الوطنية حتى الآن، هي مسألة قيادة الجيش، خصوصاً أن خليفة حفتر قد عُيّن كقائد عام للجيش في مناطق سيطرته بموجب قانونٍ وقرارٍ سنّه مجلس النواب المنعقد في طبرق عام 2015، وبما أن صفة القائد الأعلى للجيش في الجسم الجديد تمنحُ لرئيس المجلس الرئاسي للحكومة، فهذه هي الإشكالية الأولى ربما التي ستواجه الحكومة الجديدة.
توحيد المؤسسات المنقسمة
منذُ العام 2014 تشهد المؤسسات المختلفة في ليبيا في القطاع المالي والصحي والتعليمي والأمني وغيرها من القطاعات الأخرى انقساماً بسبب الخلاف السياسي والعسكري الحاصل، وتوحيد هذه المؤسسات مجدداً سيأخذ الكثير من الوقت وسيمر بالعديد من المطبات القانونية والمحاسبات الكثيرة، ويعتبر توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية هو الهاجس الأكبر، إذ إنه بتوحيد هاتين المؤسستين، سيتوحد باقي المؤسسات الأخرى تباعاً وستصبح العملية أكثر سلاسة بالنسبة للدبيبة.
التحضير للانتخابات 24 ديسمبر
بعد توحيد المؤسسات شرقاً وغرباً وجنوباً، يأتي التحدي الاكبر المُشكّلة من أجله هذه الحكومة، وهو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية والتصويت عليها من قبل الشعب الليبي الذي لم ينتخب سلطته التشريعية والتنفيذية منذُ العام 2014، وتمثل هذه الانتخابات فرصةً كبيره لرجوع الاستقرار السياسي والأمني للبلاد بشكلٍ أكبر، مما يفتح الباب لعودة عَجلة التنمية للبلاد إلى الدوران، وترميم وإصلاح ما أفسدته وخلفته الحروب المتوالية من مشاكل وأضرار.
تعقيب أخير
لا يجب علينا أن ننتظر الكثير من حكومة الوحدة الوطنية، خصوصاً في ظل فترة محددة يوجد بها ملفات أشد تعقيداً من الآخر… لو استطاعت الحكومة حل ملفات رئيسية كتوحيد المؤسسات التنفيذية والأمنية والعسكرية، فإن معالجات الملفات الأخرى واحداً تلو الآخر سيكون أكثر سهولة… فعلى سبيل المثال لا يمكن حل قضية المهجرين والنازحين والسيولة والكهرباء والخدمات العامة بدون وجود مؤسسات تنفيذية موحدة تعمل على مشاريع تستهدف المدن الليبية بشكل عام وليس مناطق محددة.
نجاح الحكومة في توحيد هذه المؤسسات ووضع اللبنات الأولى والمرور منها إلى الانتخابات في الـ24 من ديسمبر/كانون الأول بشكل آمن دون أي صراع عسكري وسياسي جديد، فإن هذا يعتبر إنجازاً، والحكومة، وقتها كفت ووفت.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.