تحديات ومسؤولية ضخمة.. هل ينجح معن قطامين في برنامجه الإصلاحي الاقتصادي بالأردن؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/10 الساعة 09:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/10 الساعة 09:49 بتوقيت غرينتش

يعتبر السياسي والاقتصادي الأردني معن قطامين من الوجوه البارزة في المجتمع الأردني، حيث عرف عنه انتقاده اللاذع للحكومة، واستخدام المنصات الرقمية سبيلاً للوصول إلى الجمهور. وللسيد معن قطامين خبرة واسعة بالشؤون الاقتصادية والإدارية، حيث عمل سابقاً مديراً لمكتب عبدالله النسور (رئيس الوزراء الأسبق) واستقال بعدها بشهرين. وتم تعيين معن قطامين بالحكومة الجديدة برئاسة بشر الخصاونة، حيث عين وزيراً للعمل وشؤون الاستثمار.

 وبعد امتلاكه رصيداً كبيراً لدى الشارع الأردني، تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى لها، لأن جمهوره توقع منه الكثير، خصوصاً أنه قدم نفسه عالماً بالشؤون الاقتصادية والإدارية. وبات الناس اليوم ينتقدون معن قطامين أكثر من الحكومة نفسها، وتنوعت ردود فعلهم بين الاستياء وخيبة الأمل. فما الذي حمل معن قطامين لقبول منصب وزير العمل؟ وكيف سيعمل لاسترداد ثقة الشارع الأردني؟ ولماذا تحرص الحكومات الأردنية على ضم المعارضين لصفوفها؟ وما رؤيته الاقتصادية؟

أحلام وردية

كان لدى معن قطامين أحلام كثيرة تتعلق بتقليل البطالة، وتوفير فرص العمل، وزيادة الإنتاج. ولكنه لم يتوقع صعوبة المهمة التي تنتظره، فقد كان يظن أن الرؤية النظرية كفيلة بحل الموضوع، وأن الصعوبات العملية مجرد أوهام ستنتهي طالما توفرت الإرادة، وأن الإصلاح الداخلي أفضل من الوقوف خارج المشهد. لكنه لم يقدر الموقف بطريقة صحيحة، ولم يعلم قوة حكومة الظل الحاكمة الفعلية لرئاسة الوزراء، وأنها لن تترك فرصة لتخييب ظن الجماهير من أمثال معن قطامين، ولم يدرك أن كثيراً ممن سبقوه من منتقدين ومعارضين جربوا التعامل مع الحكومة وقبول مناصبها، ثم احترقت أوراقهم ولم يعد يذكرهم أحد.

وتتميز الحكومات الأردنية بتنوع تمثيلها بين الشخصيات العشائرية، والجهوية، والمناطقية، عدا عن سيطرة "العائلات الرأسمالية المتطرفة" المتواجدة في "عبدون" ومناطق "غرب عمان"، والتي تمتلك نفوذاً كبيراً على صانع القرار، ولا تسمح بأي إصلاح اقتصادي طالما أنه يقلل من نفوذها وسيطرتها.

ويدعي أنصار معن قطامين أن الرجل لم يأخذ وقته كاملاً للحكم عليه، وأن المدة التي تسلمها تعتبر قصيرة مقارنة بالصعوبات الموجودة في الاقتصاد، عدا عن عامل الاستعجال، حيث يرغب الناس بحصد ثمار النجاح بشكل سريع دون اعتبار للتحديات التي تواجهه، رغم تقديمه لمشاريع مهمة مثل المشاريع الرقمية، ومشاريع المناطق الصناعية وغيرها.

رقابة جماهيرية

إن الشخصيات العامة من أمثال معن قطامين عليها مراقبة جماهيرية قوية، وتنتظر منه ارتباط أقواله بأفعاله، فأي إخفاق إداري يؤدي غالباً إلى حرق الشخصية جماهيرياً، وفقدان حاضنتها الشعبية. وللشخصيات العامة -المنتقدة والمعارضة- تجربة مريرة مع مسألة التوزير، فموسى المعايطة، ومثنى الغرايبة، وخالد الكلالدة، ووزراء الحركة الإسلامية، كلهم تقلدوا مناصب حكومية ثم ما لبثوا أن حرقت أوراقهم وفقدوا كل نفوذ شعبي.

والرقابة الجماهيرية دائمة الاستعجال، فهي لا تنتظر كثيراً بل تطالب بتحقيق ما وعد بأسرع وقت ممكن، خصوصاً أن معن قطامين له شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، باستخدامه أسلوب الشرح المبسط لإيصال معلوماته للناس، ووعوده بتحسين أحوالهم، وبتقليل البطالة قدر المستطاع.

تحديات كبيرة

بالرغم من الخطوات الملموسة التي اتخذها معن قطامين، من زيادة الرقابة على المصانع التي تشغل عمالة وافدة، ومحاولته جلب استثمارات خارجية، وتشجيع ضخ الأموال الداخلية على مشاريع تنموية تساهم في تقليل البطالة وإنعاش الاقتصاد المتعثر، فإنه يواجه مخاطر كبيرة تتعلق بمدى واقعية خطواته الاقتصادية، خصوصاً في ظل جائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي.

ومن التحديات الكبيرة التي تواجه معن قطامين النسبة الكبيرة من العاطلين عن العمل، إذ تتحدث تقارير عن بلوغ نسبة البطالة 30% وأغلبهم من خريجي الجامعات، مع صعوبة توظيف هذا الكم الهائل من العاطلين عن العمل، وانعدام الفرص التنموية التي تستوعبهم، وقتها سيواجه الرجل مصيراً كارثياً بخصوص خطته المتعلقة بالبطالة، مع نفاد صبر الشارع الأردني ومراقبته بحذر خطوات وزير العمل.

لن يعجبهم شيء!

إن أقسى ما سيواجه معن قطامين هو إرضاء شرائح مجتمعية كاملة، إذ تعول تلك الشرائح على إنجازات الرجل ومساهمته في تخفيف أوجاعهم. وهذا الشيء -إنجازات معن قطامين- لن يحدث في يوم وليلة، ولكن بتعاون مؤسساتي متكامل، وإرادة فعلية في إنهاء الأوضاع الصعبة، والحد من آثار الأزمة الاقتصادية، وما دام التعويل منصباً حول رجل واحد دون غيره، فإن فاتورة إرضاء الناس ستكون صعبة للغاية، حتى مع توفير فرص عمل وتقليل العمالة الوافدة، لأن كثيراً من المهن لا تناسب الثقافة المجتمعية الأردنية، وبالتالي ستزداد صعوبة توفير فرص عمل واعدة كما يطلبها العاطلون عن العمل.

أخيراً فإن معن قطامين يحمل برنامجاً اقتصادياً نهضوياً، يسعى من خلاله لإيجاد مواطن الضعف في الاقتصاد الأردني، فإن نجح فيما يسعى، كان ذلك ما نريد، وإن أخفق فليس هو من تسبب بدمار الوضع الاقتصادي. مع إمكانية حديثه بعد نهاية عمله عن آلية عمل الحكومة، وطريقة تعاطيها مع الأزمات المتلاحقة، وعن رؤيته بما حققه أو أخفق بتحقيقه.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد كامل العمري
كاتب أردني
أردني الجنسية، المولود في مدينة "إربد" بتاريخ (٩/٤/١٩٩٥). حاصل على بكالوريوس في تخصص "العلوم المهنية" من "جامعة البلقاء التطبيقية" وحاصل على دورات في المجال الإنساني من "جمعية وقاص الخيرية".
تحميل المزيد