لم يفوّت رئيس مجلس النواب عقيلة صالح فرصة وجوده في المملكة المغربية لتوجيه كلامه إلى عبد الحميد الدبيبة ومحمد المنفي، إذ هما من انتزعا منه الرئاسة التي كان يتحرق شوقاً إليها، كما أنه اغتنم هذه الزيارة غير المخطط لها للتأكيد بشكل واضح على أنه من يملك تحديد مكان وزمان انعقاد جلسة النواب لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية.
حكومة تسوية
مطالبة رئيس المجلس عقيلة صالح بتشكيل حكومة كفاءات مصغرة يشارك فيها الجميع من أجل الخروج من الأزمة لأنها مرحلة تسوية خلافات بين أطراف الخصومة -وفق قوله- يضع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أمام تحد صَعْب في سعيه لنيل الثقة لحكومته من مجلس النواب خلال الأيام القادمة وسط خلاف مرشح للازدياد بين النواب على مكان عقد جلسة منح الثقة.
تأزيم أم واقعية
حكومة مصغرة يشارك فيها الجميع هل هو من قبيل التأزِيم والتَضْييق والتَصْعِيب أم أنه مطلب واقعي في هذه المرحلة التي تلت حرباً ضروساً ومناكفات سياسية طويلة؟ وهل كونه جاء على لسان عقيلة صالح يجعله أقرب إلى التعجيز منه إلى الواقعية، فهو يتحرك بدافع ردة الفعل على فشله في نيل الأغلبية التي تؤهله وقائمته للفوز برئاستي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، إضافة إلى احتمال تنحيته عن رئاسة مجلس النواب في أول انتخابات رئاسية قادمة داخل المجلس.
عراقيل وعقبات
وهل يحتاج الدبيبة إلى وضع المزيد من العقبات والعراقيل في طريق تشكيل حكومته؟ المليء أساساً بالعوائق والمفروش بالعقابيل والمعضلات والتي لن تنتهي بنيله الثقة بل ستكون بمثابة إطلاق صافرة البداية لصُعُوبات من نوع آخر مُخَاصِمه فيها هو الشعب وانتظاراته الحالمة من هذه الحكومة بأن تضع الحلول لمعظم ما يعانيه من أزمات.
أزمات خدمية
الخدمات الأساسية التي افتقدها الليبيون منذ أمد غير يسير وعلى رأسها خدمة التيار الكهربائي الذي اعتادوا على غيابه لأوقات تطول أحياناً أكثر من ساعات حضوره وإنارته لليالي الشتاء الطويلة الباردة، فهم ينتظرون حلولاً لهذه الأزمة المتطاولة من حكومة الدبيبة الذي اجتمع مع المهندس وئام العبدلي رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، الخميس، في إطار الاستعداد لعمل الحكومة بالشكل الذي يسهم في تحسين جودة الخدمات واستدامة إمدادات الطاقة بشكل عاجل، وشدد على ضرورة استقبال الصيف بالحد الأدنى من انقطاعات التيار الكهربائي في كافة أنحاء البلاد.
حلول متكاملة
تغريدة الرئيس الدبيبة على تويتر التي تحدث فيها عن الكهرباء، كما أنها تحمل دلالة على اهتمامه بحل المشكلات الحقيقية التي يعانيها المواطنون فإنها تطرح التساؤل عن مدى واقعية هذا المطلب ومدى جدية هذه الكلام وهل سيخرج عن كونه مجرد أمنيات جميلة ونوايا طيبة؛ فالشركة العامة للكهرباء نشرت خلال شهر فبراير الجاري أن السرقات التي تعرضت لها خطوط الكهرباء غرب البلاد قاربت 30 كيلومتراً من الأسلاك من بينها أكثر من 12 كيلومتراً من خطوط الضغط العالي؛ تلك السرقات أدت إلى فقد التغذية عن نحو 11 محطة كهرباء أرضية ونحو 258 محولاً هوائياً، وهو ما قطع التيار عن المئات من المنازل والمزارع والورش والمحلات؛ كل ذلك يؤشر إلى عمق وتشعب المشكلات في البلاد، فالخدمي مرتبط بالأمني وهما مرتبطان بالسياسي وهكذا، وهو ما يدفع إلى القول إن الحلول في ليبيا لا يمكن أن تكون جزئية ولا ينبغي أن تأتي مفرقة بل هي حلول لا بد أن تكون متكاملة ومتزامنة.
أزمات وعقبات
العقبات التي تعرقل تشكيل الحكومة والأزمات التي تنتظر الحلول هي المحك الذي ستوضع عليه الحكومة وستكون مدى قدرتها على حلحلتها هي المعيار الذي سيُحكم عليها من خلاله وسط تراجع مرتقب للمعايير الجهوية والأيديولوجية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.