في مجلس الشيوخ الأمريكي، وكما نشرت وسائل الإعلام العالمية تمت تبرئة الرئيس الأمريكي السابق ترامب مما نسب إليه من اتهامات، ولكن هل لهذا العمل معنى عميق ودلالة تحليلية؟
الإجابة نعم، ولعل أبرز المعاني الخاصة بهذا الحدث هو القوة الباطنة التي لا يزال يتمتع بها ترامب حتى بعد خسارته للانتخابات كمرشح لرئاسة الدولة الأقوى عالمياً مرة أخرى. ولعل الحال كذلك في تمتع هذا المسؤول السابق بهالة كبيرة من القوة حتى بعد زوال صلاحياته الفعلية التي تمتع بها حين فترة رئاسته، فما معنى ذلك، وما هي مؤشراته؟
إن المعنى العميق لذلك كله يبرز بالصلاحيات ودرجة القوة التي يمتلكها معسكر ترامب ومؤيدوه داخل دوائر صنع القرار في السياسة الأمريكية. وهنا تحديداً يجب على الأمة العربية، وهي المعنية أكثر من غيرها بهذا الموضوع بدراسة هذا الملف الترامبي بعناية للوصول إلى الحكمة وحسن التصرف، لماذا؟
لأن تبرئة ترامب فيما نسب له تعني ببساطة وجود قوة كبيرة داخل دوائر صنع القرار الأمريكي تؤيد توجهات وأفكار ترامب وسياساته، وبالتأكيد ما قام به أثناء فترة رئاسته من أعمال وما سنه من قرارات بائسة تجاه العرب والعروبة والمسلمين، وعلى رأس ذلك ما تعلق بقضية فلسطين ومحاولته تصفيتها وسياساته تجاه الأمة العربية، لا حكامها، بشكل عام، والتي ازدادت بقراراته ويلات ومصائب بدرجة قياسية.
إن تبرئة ترامب تعني للمتمعن بعيد النظر صاحب الحكمة أن معسكره يستكثر نعم الله وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي على الأمة العربية بالخصوص، وباقي أمم العالم، ويسعى لتقويضها وتحجيمها بشتى السبل والوسائل، حيث لا نبوغ ولا إبداع ولا حرية إلا في مجالات الاستهلاك فارغ المضمون الذي يبقيها في توهان دائم. ونتيجة لذلك، ماذا يتوجب على الأمة العربية اتخاذه واتباعه لإبعاد أخطار الجليد الترامبي عنها واتقاء مساوئه وشروره؟
الإجابة بسيطة تتمثل بالجد والاجتهاد في العمل للبناء والتعمير الإيجابي في الحياة، وتطويع كل الإمكانيات المتاحة لأجل عجلة النمو في مختلف الحقول الحياتية المتوفرة من علوم ومعارف وصناعة وزراعة وثقافة وتعليم حتى تبرز هذه الأمة العربية أمام غيرها من الأمم، وتعطي دلالة أكيدة ومستحقة على وجودها في حيز الحياة المليئة بالمنافسة والمنافسين.
إن إذابة الجليد الترامبي وتأثير معسكره الفكري على الأمة العربية تحتاج إلى الاستيقاظ من السبات الطويل، والانطلاق إلى العمل من أجل جلب إشراقات الصباحات من قلب الليل، وتحتاج إلى الاجتهاد بإعمال الفكر والعقل لبناء الأرض العربية وجعلها خضراء يانعة، ووروداً جميلة، لتبقى القدس جميلة ولوحة الأقصى الشريف علامة النبل والأصالة أبد الدهر، وعبر سنين العمر.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.