أن تكون نباتياً في أي بلد من البلاد العربية، التي تعتمد على اللحوم في معظم وجباتها الرئيسية، في المطاعم والفنادق والأماكن العامة لَهو أمر صعب للغاية
أن تـُـبـقِـي نادل المطعم واقفاً أمامك لأكثر من 10 دقائق لتشرح له أنك تريد طعاماً من غير لحوم، ثم تيأس فتطلب حساء العدس، ليس بالأمر السهل على الإطلاق.
ما معنى أن تكون نباتياً؟!
يعني ذلك أنه لا خيارات كثيرة أمامك للأكل حين تكون خارج منزلك، وأنك ستضطر للاعتذار عن العديد من دعوات الأصدقاء، وحين تشعر بالحرج وتضطر لتلبية الدعوة ستكتفي بالسلطات- إن وجدتها.
أن تكون نباتياً يعني أنك ستضطر لشرح وتفصيل قصتك مع الطعام لكل فضولي، وستبدأ في حكاية قصتك من جديد مع كل سؤال من شخص تملأ عيونه نظرات استغراب وتعجب.
ومازلتُ حتى اليوم أقف أمام أسئلة لا أجوبة لها عندي تشبه:
– لِـمَ أنت نباتية؟
– بصراحة لا أعرف.. هكذا وجدت نفسي حين كبرت
أو أجد نفسي أمام تعليق ساذج كـ: لقد حلل الله هذه اللحوم، فلِمَ تحرّمينها على نفسك؟
أما الحقيقة، فهي أنني أجد نفسي كنباتية أملك خيارات أوسع في الوجبات والأطباق، فأنا أعِـدّ وصفات خاصة بالنباتيين، بالإضافة لوصفات غير النباتيين، فقط مع إزالة العنصر الحيواني منها، هكذا يتم الأمر بكل بساطة.
لأعترف لكم أنني حين كنت طفلة لم أكن أعرف أن الأمر هو عبارة عن نظام غذائي صحي يعتمده بعض الأشخاص بعد دراسة وتمحيص، ما كنتُ أعرفه فقط هو أني لا أشتهي ولا أحب أكل اللحوم بكل أنواعها، هكذا كان يبدو الأمر لي، وبهذه الطريقة كنت أشرح لأصدقائي القصة.
لكن بمرور الوقت وزيادة الوعي وبعد قراءة العديد من الكتب والمقالات المتخصصة أصبحت الآن أؤمن بأن النظام النباتي هو الأنفع والأفضل لأجساد الكثيرين، وأنا واحدة من هؤلاء، وأنا الآن نباتية بإيمان تام.
قد لا تخلو حياة النباتيين من مواقف محرجة، وأخرى مضحكة، بدءاً من دعوات الطعام التي قد توجه لنا، فيتحتم علينا ساعتها أن نخبر الشخص بقائمة الطعام التي يجب أن يعدها لنا.
مروراً بشعورنا المفاجئ بالجوع ونحن خارج المنزل، ولا نجد ما يناسبنا لنأكله.
من أكثر الأسئلة التي تردني هو سؤال: ماذا تأكلين إذاً؟
– ماذا آكـُـل؟ كل شيء ما عدا اللحوم، هكذا بكل بساطة.
فـ"النباتية" "Vegetarianism" هو نظام غذائي تعتمده شعوب كاملة وفئات كبيرة من البشر وديانات بأكملها، وطبقاً لموسوعة "ويكيبيديا" تبلغ نسبة النباتيين في العالم الغربي ما بين 1.5% إلى 2.5%، بينما تبلغ النسبة في الهند ما يقارب 40%.
وغالباً ما تكون أسباب النباتيين أخلاقية، فهم يعترضون على تناول المنتجات الحيوانية من باب الاحترام للكائنات الحية، والبعض الآخر يفضل النظام النباتي لأسباب صحية، وأنا أنتمي لهؤلاء، كالمقولة الشهيرة لألبرت أينشتاين: "لا شيء يفيد صحة الإنسان ويدعم فرص الحياة على وجه الأرض أكثر من النظام الغذائي النباتي".
دعوني أوضح لكم أكثر، ننقسم نحن النباتيين إلى ثلاثة أقسام:
بعضنا يمتنع عن تناول المنتجات الحيوانية ومشتقات الألبان على الإطلاق ويسمى "النباتي الكلي"، "total vegetarian".
وفئة من الأشخاص يتناولون منتجات الألبان "lacto-vegetarian"
والنباتي الذي يأكل البيض ومنتجات الألبان "lacto-ovo-vegetarian".
وأنا أنتمي للنوع الثالث.
أما عن ماذا نأكل، فوجباتنا وأطبقانا مليئة بالحبوب الكاملة والنشويات والبقوليات والخضراوات والفواكه والمكسرات والزيوت النباتية.
أتمنى أن تكون تجربتي قد أوضحت لكم بعض المعلومات عن حياة النباتيين، وأن تتوقفوا عن النظر بتعجب واستغراب لمن يتبع هذا النظام الغذائي مثلي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.