على وقع جريمة اغتيال الناشط السياسي المعارض لسلطة الأمر الواقع المتمثلة بحزب الله – لقمان سليم – وما تمخضت عنه من مواقف عالية السقف تجاه الحزب تزداد الملفات الداخلية تعقيداً في ظل الانهيار الاقتصادي المالي المترافق بالعقد المستمرة للتوافق على تشكيل حكومة "مهمات" برئاسة سعد الحريري والذي أعلن الإشتباك السياسي مع قصر بعبدا .
فيما يأتي الموقف المشترك الصادر عن وزيري الخارجية الاميركي والفرنسي بمناسبة مرور 6 اشهر على انفجار مرفأ بيروت، والذي يدعو فيه المسؤولين في لبنان إلى التزام وعودهم حول عملية تشكيل الحكومة المكونة من اختصاصيين ، والعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة بما يتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني. مؤكدين أن هذه الإجراءات الملموسة ضرورية للغاية لفرنسا والولايات المتحدة ولشركائهما الإقليميين والدوليين، لالتزام تقديم دعم إضافي وهيكلي وطويل الأمد إلى لبنان.
وبرز هذا الموقف الاميركي ـ الفرنسي في ضوء وجود الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري في الخارج، وينتظر الجميع عودته لاستئناف العمل على جبهة إنجاز الاستحقاق الحكومي.
فيما تؤكد مصادر مواكبة لحركة تشكيل الحكومة، أن الفرنسيين عادوا إلى لبنان عبر خط تشكيل الحكومة بعد اتفاق ضمني بين واشنطن وباريس على تفويض ماكرون الملف اللبناني، ولا سيما عقدة تشكيل الحكومة.
الحريري بين القاهرة وأبوظبي .. الوجهة إلى باريس
بالتوازي يقوم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بسلسلة زيارات مستمرة في الخارج تهدف لحشد الدعم الإقليمي والدولي لحكومته المنتظرة ، فالرجل حطت رحاله بين إسطنبول وأبوظبي وزار منذ يومين القاهرة والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوجه بعدها للإمارات حيث سيلتقي ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في إطار تحشيد الدعم العربي حول لبنان ، فيما يؤكد مرجع سياسي من الصف الأول أن حركة الحريري الخارجية تأتي في إطار تواصل فرنسي-مصري-إماراتي لإقناع السعودية وباقي دول الخليج لدعم لبنان وعودة الدول العربية لبيروت بعد الجفاء العربي الحاصل منذ أكثر من سنة ونصف.
وبحسب المرجع فإن المصريين تعهدوا منذ فترة للجانب الفرنسي ببذل جهد واسع لإقناع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بدعم حكومة سعد الحريري ويروي المرجع أن الحريري التقى في زيارته الأخيرة لأبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد الذي أكد له أن الإمارات تقوم بجهود حثيثة مع مصر وفرنسا لتشكيل مجموعة دعم عربية ودولية للحكومة القادمة في حال ضمن الحريري أن تكون خالية من تمثيل سياسي لحزب الله أو أي من المجموعات السياسية المحسوبة عليه ويؤكد المرجع أن الحريري سمع من مستشار الأمن الوطني الإماراتي كلاماً واضحاً حول ضرورة خلق جو تطميني لدول المنطقة حول عدم تدخل حزب الله في الحكومة وفرض أجندات ومغامرات في المنطقة عبر لبنان وانطلاقاً من أرضه .
ويشدد المرجع أن هناك محاولات جدية لتشكيل حكومة خلال المرحلة القادمة في ظل هذا التفويض الأميركي لماكرون وأن هذا المحاولات تنسق بين باريس وطهران في ظل تحشيد ماكرون الدعم لمبادرته من الفاتيكان والإتحاد الأوروبي ومؤخراً من إدارة بايدن وهذا يعني أن المبادرة الفرنسية باتت فرنسية بدعم أممي ودولي.
عقدة عون .. باسيل أو التعطيل
يؤكد المرجع السياسي اللبناني أن هذا المساعي الخارجية والداخلية لتشكيل الحكومة تصطدم بشروط لرئيس الجمهورية ميشال عون والذي أبلغ الأطراف شروطه لتمرير الحكومة وهي خارجياً -بالنسبة لعون- تكمن بتعهد فرنسي بالضغط على واشنطن وإدارتها الجديدة برفع العقوبات عن الوزير جبران باسيل لتمرير الحكومة دون الشروط العالية السقف ،وداخلياً عبر تعهد القوى السياسية المحلية على رأسها حزب الله وحركة أمل بدعم باسيل لرئاسة الجمهورية حتى لو لم ترفع واشنطن عنه العقوبات وهذا بحسب المرجع ليس من السهولة في ظل وجود مرشحين منافسين أبرزهم سليمان فرنجية أو ميشال معوض، ويؤكد المرجع أن حتى القوى السياسية المؤيدة لحزب الله أبلغت الحزب مغبة انتخاب رئيس للجمهورية معاقب أميركياً وغير مرغوب دولياً وعربياً وإلا فإن تكرار سيناريو عهد عون والعزلة تجاه لبنان ستتكرر مرة أخرى .
ويرى المرجع أن سقف عون العالي المرتبط بالإستحصال على الثلث المعطل ينطلق أيضاً من خشية عون من أن تتسلم الحكومة القادمة البلاد بعد انتهاء عون لفترته الرئاسية وتياره غير متمثل بها ما يعني أنها ستضع قانون انتخاب برلماني سيفرز برلمان جديد قد لا يأتي بباسيل على رأس الحكم في بعبدا وهذا ما يخشاه عون ومن خلفه باسيل.
أحلام عون : المصرف المركزي والتدقيق
يؤكد المرجع أن التيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية تتمسك بفكرة عزل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتحميله مسؤولية كل الإنهيارات المالية والإقتصادية ويشدد على أن عون وباسيل يستغلان انزعاج باريس من سلامة والدعوى المقامة ضده في سويسرا بتهم الإثراء الغير المشروع وتهم متعلقة بتحويل أموال من مصارف لبنانية إلى الخارج وهذا ما تعمل باريس عليه فهي لديها مرشح للمنصب وهو سمير عساف مدير أحد المصارف المهمة في باريس وعون يدرك أن الفرنسيين يسعون لتبديل سلامة لكن هذا الحلم يصطدم برفض أميركي وممانعة من بري والحريري ، فيما بحسب المصدر أنه وبحال عزل سلامة وأحيل للتحقيق فإن رؤوس كبيرة ستتدحرج وتهوي معه وهذا من المستبعد أن يحصل في الوقت الحالي ، ويختم المرجع السياسي أن عون يشترط أن يكون ملف التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي وكل الإدارات المالية أولوية أي حكومة قادمة فهذا الشرط يتقاطع أيضاً مع ورقة ماكرون التي أعدها مطلع شهر أيلول الماضي وقدمها للقوى اللبنانية.