يقدم الدولي المغربي يوسف النصيري لاعب فريق إشبيلية الإسباني عروضاً قوية منذ بداية الموسم الكروي الحالي وحتى الموسم الماضي، فقد بات اللاعب ورقة رابحة للمدرب جولين لوبتيغي ولفريقه، وما يجعل هذا اللاعب ظاهرة كروية حالياً هو كونه صناعة كروية مغربية خالصة انطلقت من أكاديمية محمد السادس لكرة القدم لترسم لنفسها مساراً متألقاً في أقوى الدوريات الأوروبية.
صعود النصيري نحو القمة
رسم يوسف النصيري لنفسه مساراً متصاعداً بشكل عجيب، فقد ولد بمدينة فاس يوم ٣ يونيو/حزيران ١٩٩٧، وبعد تخرجه في أكاديمية محمد السادس لكرة القدم بمدينة سلا قرب العاصمة الرباط وهي أول أكاديمية بمواصفات دولية بالمغرب، التحق بفريق المغرب الفاسي الذي ينشط بالدوري المغربي للمحترفين، ثم جاءت فرصة الصعود قليلاً فالتحق بفريق مالقا بدوري الدرجة الثانية في إسبانيا.
وفي السنة الموالية انتقل إلى فريق ليغانيس في الدوري الإسباني (الليغا) مقابل ٦ملايين يورو، مع هذا الفريق قدم عروضاً كبيرة وأثبت أنه هداف قادم بقوة حيث سجل أول هاتريك له في الليغا الإسبانية.
واستمر في الصعود نحو القمة من خلال الانتقال إلى أقوى الفرق الإسبانية وسيد الدوري الأوروبي فريق إشبيلية مقابل عشرين مليون يورو، كانت هذه فرصة لا تعوض في مسيرة اللاعب فناديه الحالي ليس أي نادٍ، بل نادي الألقاب واللاعبين الكبار ومعروف عن إدارته أنها لا تستثمر أموالها إلا في صفقات ناجحة، بالتالي كان مفروضاً على يوسف النصيري أن يبرهن للجماهير والإدارة على أنه يستحق الثمن الذي دفعه من أجله النادي الأندلسي.
إشبيلية وبداية الشكوك
في بداية انتقاله إلى إشبيلية قال عنه مدرب الفريق لوبتيغي "إنه لاعب شبه متكامل بدنياً وتقنياً، نراقبه منذ مدة طويلة ونعرف جيداً مؤهلاته، جلبناه ليساعدنا ويقدم إلينا الإضافة كونه بخبرة لا بأس بها في الليغا، في سن 22 أظهر مستويات رائعة وسيكبر بالتأكيد وستزداد قيمته، إنه صفقة إشبيلية للحاضر والمستقبل".
لكن في مباريات أهدر النصيري فرصاً سهلة وسانحة للتسجيل، مما أضاع على فريقه الفوز كانفراده بالحارس مانويل نوير في نهائي السوبر الأوروبي أمام بايرن ميونخ الألماني.
إضاعة الفرص جعلت المدرب يجلسه على دكة البدلاء في مباريات عديدة لكن حتى في اللا يقين من مستوى النصيري أبان اللاعب عن علو كعبه وإصراره على التسجيل رغم الدقائق القليلة التي يلعبها، كما فعل ضد فريق كراسنودار الروسي عندما دخل بديلاً وسجل هدفين في ١٢ دقيقة فقط.
أهداف النصيري الحاسمة جعلت المدرب يعيده رسمياً للعب مباريات كاملة.
صراع النصيري ولوك دي يونغ
بلغة الأرقام يتفوق النصيري على زميله اللاعب الهولندي لوك دي يونغ في الفاعلية الهجومية رغم أن الأخير لعب دقائق أكثر من النصيري إلا أن الأخير سجل لحد الآن ثمانية أهداف في الدوري الإسباني ليحتل المركز الرابع في ترتيب هدافي الدوري الإسباني بالتساوي مع كريم بنزيمة، ومن كان يظن أن خريج أكاديمية كروية مغربية سيصل لهذه الفاعلية الهجومية.
في حين سجل المهاجم الهولندي هدفين فقط منذ بداية الموسم الحالي حيث غابت عنه الفاعلية الهجومية عكس يوسف النصيري ربما لفارق السن بين اللاعبين حيث يبلغ دي يونغ ٣٠ سنة بينما يبلغ النصيري ٢٣ سنة فقط، ويمتلك اللاعب المغربي اليوم كل مقومات النجاح، توهج هجومي، رسمية في جل المباريات، استقرار النادي، ثقة المدرب والجماهير.
لن نبالغ إذا قلنا إن النصيري يمكن أن يكون هداف الدوري الإسباني رغم صعوبة المهمة بالنظر إلى جودة اللاعبين والأندية، لكن إصرار يوسف والمستوى المتصاعد الذي أبان عنه يمكِّنه من تحقيق أشياء كبيرة هذا الموسم والمواسم القادمة.
يعطي يوسف النصيري دروساً كثيرة للاعبين العرب الذين ينطلقون من دورياتهم المحلية نحو دوريات أوروبية عريقة في إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا، أول هذه الدروس أنه بالعزيمة يمكن كسر حاجز عقدة اللاعب العربي الفاشل، وبالعمل المستمر يمكن الوصول إلى مستوى اللاعب الأوروبي المحترف ولمَ لا مجاراته والتفوق عليه.
أعاد يوسف النصيري مدينة إشبيلية إلى الوجدان العربي بعدما كان صيتها في كل الأمصار إبان وجود المعتمد بن عباد فيها، لكن التاريخ مستمر ويوسف النصيري هو صانعه اليوم وملكٌ على مدينة إشبيلية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.