"طفلي في الثالثة من عمره، متقلب المزاج وعصبي، عندما يغضب يرفع يده ويضربني، وإذا كان بيده لعبة أو أي شيء من هذا القبيل يقذفني به بكل جرأة، أحذِّره، وأصرخ فيه، ولكنه لا يتراجع، يقلقني سلوكه جداً، حتى إنني أصبحت أضربه عندما يفعل ذلك، ولكنه أخذ يزداد عناداً وتحدياً، أشعر بالضيق من سلوكه المزعج، وأخشى أن يكبر هذا السلوك السيئ معه، فماذا أفعل؟"
أن يضربك ابنك عندما يغضب فهذا السلوك موجود، بل ومتكرر بين الأطفال الصغار، وأحياناً يكبر معهم حتى مراحل متقدمة من الحياة كما عبّرت الأم عن مخاوفها، فما أسباب هذا السلوك، وماذا يتوجب علينا أن نفعل للتخلص منه في مرحلة مبكرة من حياة الطفل؟
هناك أسباب كثيرة تؤدي بالطفل إلى ضرب الكبار بيده أو بألعابه عندما يغضب، ومنها:
- التدليل الزائد، وتقبّل الكبار لأي سلوك يصدر عن الطفل مهما كان خاطئاً وينافي القيم الصحيحة التي يجب أن يتعلمها وينشأ عليها، بل نجد من بين الآباء والأجداد من يقابل السلوك السيئ للطفل بالضحك والتشجيع والإعجاب، ويعتبرونه نوعاً من قوة الشخصية والشجاعة، ويرفضون التعامل معه على أنه سلوك خاطئ بحاجة لتعديل وعلاج.
- تأثر الطفل بسلوكيات الكبار ومحاكاتها، فالأطفال أذكياء، ينتبهون لكل شاردة وواردة يقوم الكبار بممارستها، ويقلدونها، فعندما يشاهد الطفل أن أحد والديه يعبر عن غضبه بالصراخ والضرب وتحطيم الأشياء، فإن الطفل بشكل تلقائي يحاكي السلوك بحذافيره.
ولنتذكر دائماً أن الآباء قدوة الأبناء.
- يمارس الطفل سلوك ضرب الأم أو أحد الكبار، رغبةً منه في جذب انتباه من حوله ومحاولة منه في الحصول على الحب والحنان، فعند انشغال الوالدين لأي أسباب كانت يعمد الطفل إلى التعبير عن غضبه بسلوكيات شاذة، لأنه يتوقع أن هذه السلوكيات سوف تلفت انتباه والديه إليه، وتعيد له حبهما واهتمامها.
- تأثُّر الطفل ببرامج الكرتون أو ألعاب الحاسوب أو الموبايل العنيفة وتقليدها، وكم هي كثيرة هذه الأيام البرامج والألعاب العنيفة وتلك التي تشجع على العنف.
- معاناة الطفل من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهنا يكون بحاجة لتدخل طبيب مختص بأعصاب الأطفال، وأخصائي العلاج الوظيفي.
عند تكرار ممارسة الطفل لسلوك ضرب الكبار تعبيراً عن غضبه مما يجري ورفضه له، لا بد من اتباع طرق لعلاج السلوك، وعدم التهاون فيه حتى التخلص منه، ومن الخطوات التي يمكننا اتخاذها:
. عندما يُظهر الطفل سلوكاً خاطئاً مثل رفع يده ليضربك أو يقذفك بشيء في يده، تجبني ضربه أو الصراخ عليه، لأن العنف لا يولد إلا عنفاً، ما عليك إلا أن تتوقفي عن الحديث معه، وتُظهري بتعابير وجهك أنك لست راضية عن سلوكه، ثم انسحبي من أمامه وابتعدي إلى مكان آخر لا يراك فيه.
. افهمي شخصية طفلك وطبيعته، وابحثي عن الأسباب التي تدفعه لانتهاج هذا السلوك غير المقبول.
حتى وإن كان الطفل صغيراً وتعتقدين أنه لا يدرك كل ما تقولينه له، ولكن رغم ذلك تحدثي معه بكلام واضح وناقشيه بخطأ سلوكه، وكيف أن انتهاجه لمثل هذا السلوك سيقودك إلى عقابه ومقاطعته.
. كوني ووالده أمامه قدوة في كيفية التخلص من الغضب، بعيداً عن العنف والصراخ، دعيه يشاهدك وأنت جالسة بهدوء بعد وقوع حدث أغضبك وسبب لك التوتر.
. علّميه الاستغفار وذكر الله والاستعانة به وقت الغضب والأزمات مهما كان صغيراً أو تظنين أنه لا يفهم ذلك، فمن يكبر على شيء يصاحبه في الغالب في بقية مراحل حياته، وعندما يكبر سيفهم ويدرك أهمية ذلك.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.