"بالنسبة لتقليص الفجوة مع ليفربول، انسَ ذلك".
كان هذا حديث روي كين عقب مباراة فريق بيب غوارديولا وليستر سيتي، وعندما سئل عن ذلك قال: "أنا مصدوم، لا يمكنني تخيل كم كانوا سيئين دفاعياً".
ولئن اتفق جميع النقاد على أن الفشل الذي لحق بفريق بيب غوارديولا الموسم الفارط يعزى أساساً للمشاكل الدفاعية، وهذا ما دأب المدرب الإسباني على إخفائه في غالبية تصريحاته، لا سيما عند سؤاله عن مدى رضاه عن منظومته الدفاعية.
ولكن بالرغم من ذلك مازالت تهمة الهشاشة الدفاعية تلاحقه حيث ربطت عدة تقارير صحفية مصير بيب في مشروعه مع السيتي بمدى قدرته على التتويج بالألقاب التي تبقى رهينة تحسن الحالة الدفاعية للفريق.
فهل تهمة الهشاشة الدفاعية لفرق غوارديولا صحيحة؟
قدم بيب طوال مسيرته أدلة براءة رقمية على تهمة هشاشة فرقه الدفاعية، حيث حقق في برشلونة أفضل سجل دفاعي في تاريخ النادي كذلك الأمر في تجاربه اللاحقة إن كانت مع بايرن ميونيخ أو مع مانشستر سيتي.
لكن هذا لا يمنع أن المواسم الأخيرة لبيب مع فرقه وخروجه منها لازمتها دائماً مشاكل دفاعية، وهنا نعود لنتساءل عن مشكلة بيب الحقيقية مع الدفاع.
لنتفق أولاً على أن معيار اختيار المدافع الجيد لا يكاد يختلف فيها الكثير من الفنيين حيث إن معايير مثل القوة البدنية والطول وحسن التمركز والقدرة على التوقع كانت معايير كافية لاعتبار المدافع جيد أم لا في العصر الحديث.
لكن لدى غوارديولا نظرة مغايرة لدور ووظائف المدافع، نظرة تنسجم مع أفكاره التكتيكية من ضرورة البناء الخلفي للعب وإشراك المدافع في عملية بناء الهجمة. فأصبح المدافع لدى بيب مطالب باللعب جيداً والتمرير وقراءة المساحات والتموضع الجيد وفقاً للحالة التكتيكية للفريق.
وكذلك أصبح المدافع مع غوارديولا نظراً لنهجه في الضغط العالي على الخصوم والضغط العكسي بالدفاع المتقدم يجب أن يكون أكثر قدرة تكتيكية على توجيه خطوط الضغط وحسن التمركز أيضاً، وأكثر كفاءة في المواجهات الفردية في المساحات الكبيرة.
هذه كلها أصبحت متطلبات المدافع الجيد وفقاً لنظرة بيب غوارديولا المغايرة لكيفية الدفاع لكن هذه النظرة المغايرة أصبحت تمثل مشكلة لفرق بيب في عملية اختيار المدافعين.
مثلاً عندما كان في برشلونة ورث غوارديولا بويول وماركيز من أفضل مدافعي العالم لا سيما بويول بطل العالم وأوروبا مع منتخب إسبانيا ونجح في بناء منظومته الدفاعية معهم، وكذلك نجاح انتداب بيكيه المتشبع بفكر غوارديولا لكن مع اعتزال ماركيز حصلت انتدابات مثل كاسيرس وتشكرينسكي الذي لعب 10 مباريات ثم غادر، كانت خيارات غريبة وباءت بالفشل ومع اعتزال بويول بدأت المنظومة الدفاعية بسقوط مما ساهم في رحيله.
كذلك الأمر مع بايرن ميونيخ حيث ورث بيب بواتينغ ودانتي بطلا دوري الأبطال الموسم وبواتينغ بطل العالم مع منتخب ألمانيا، لكنه بعد رحيل دانتي جلب مهدي بنعطية الذي رحل سريعاً ومع إصابة بواتينغ المتكررة في آخر مواسمه سقطت المنظومة الدفاعية للبايرن مما أدى لمغادرته.
كذلك في السيتي ورث بيب غوارديولا فينسنت كومباني أحد أفضل المدافعين في تاريخ الدوري الإنجليزي، ولكن بعد اعتزاله أنفق غوارديولا الكثير ولكن لم يستطع تعويضه، وهذا ما قاله روي كين بعد مباراة ليستر سيتي التي خسرها مانشستر سيتي بخماسية "ما رأيته أمام ليستر كان حقاً فقدان القائد.. فقدان الشخصية للدفاع"، وهنا تحدث عن كومباني الذي لم يستطع بيب تعويضه وتجسد ذلك من خلال الأخطاء البدائية في الدفاع وسوء التمركز والسذاجة في ارتكاب ركلات الجزاء.
فهل يكون روبن دياز كومباني الجديد الذي ينقذ مشروع بيب؟
"من السهل وصفه على المستوى التقني، هو قاطع كرات، هو الشرطي السيئ الذي يعترض الخصوم، أراه مدافعاً متكاملاً دائماً. دفاعياً؛ يُجيد الدفاع ضد الكرات الطويلة والقصيرة، وحش في الصراعات، ولديه حس توقع عالٍ، هو اللاعب الذي يبحث عنه مان سيتي، أحد الأشياء التي أستطيع تأكيدها عن روبن هو أنه مستعد جداً للتعامل مع الوضعيات التي يعيشها مدافعو السيتي، لأنه اعتاد على تلك الوضعيات مع بنفيكا، ليس فقط مع الفريق الأول ولكن مع الشباب أيضا، دائما ما كان مكشوفاً والمخاطر عالية جداً. بينما هجومياً يتحسَّن باستمرار، هو مُمرر من المستوى الأول حالياً، تحسَّن كثيراً منذ بداياته، وأعتقد أنه سيستمر في النمو في مان سيتي".
هذا ما قاله جواو ترالهاو مدرب شباب بنفيكا عن روبن دياز كذلك تحدث مدربه السابق في رديف بنفيكا عن خصاله القيادية وقوة شخصيته وعن نضجه التكتيكي.
فهل يكون دياز محامي غوارديولا الذي يرفع عنه التهم السابقة ويجدد مشروعه مع مانشستر سيتي؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.