"محمد ناصر السيد النني" كانت هذه تغريدة آيان رايت، نجم أرسنال التاريخي، بعد نهاية مباراة الفريق ضد مانشستر يونايتد، والتي شهدت تألقاً واضحاً للمصري النني، وفوزاً محورياً للمدفعجية بهدف دون رد، لم يتحقق منذ سنوات طويلة في ملعب الأولد ترافورد، مما يؤكد حجم الثقة التي يستحقها مايكل أرتيتا وفريقه، بعد الفوز بالكأس خلال الموسم الماضي، وتحقيق انتصارات محورية على حساب مانشستر سيتي، ليفربول، تشيلسي، ومانشستر يونايتد في عدة مناسبات مختلفة.
لا يزال أرسنال يحتاج إلى الكثير، سواء في الشق الهجومي أو جودة الوسط، وبالتأكيد تحسين موقفه في بطولة الدوري، مع بعض الصفقات الجديدة، لكن أرتيتا يقدم شيئاً مميزاً مع هذا الفريق. تلحظ ذلك بوضوح في طريقة دفاع النادي، تقارب الخطوط، التنافسية في المباريات الكبيرة، وارتفاع مستوى عدد من اللاعبين، أولهم بلا شك محمد النني، المصري الذي أعاد اكتشاف نفسه مع المدرب الإسباني.
تكتيك أرتيتا
أول شيء بحث عنه مايكل وبدأ في تحسينه هو الهيكل الخططي أو الإطار التكتيكي لفريقه، أخيراً أصبح أرسنال منظماً بعض الشيء.
أولاً: التأمين الدفاعي، والذي اختلف بشكل ملحوظ عن عصر إيمري. بغض النظر عن قوة المنافس، كانت كل الطرق تؤدي إلى مرمى أرسنال بسهولة غريبة؛ على سبيل المثال، كرة طويلة بسيطة تُلعب خلف المدافعين، أو تمريرة روتينية تتجاوز لاعبي الوسط، أو المساحات الشاسعة خلف الأظهرة، ناهيك عن الأخطاء الفردية التي لا يتسع المجال هنا لذكرها، والتي ما زالت مستمرة لكن ليس بنفس المعدل بالتأكيد.
كذلك نفس الوضع بالنسبة للهيكل والتنظيم الذي يحاول المدرب خلقه مع الوقت، فالمساحات الآن أفضل، واللاعبون أكثر قرباً من بعضهم، والأهم أنهم يتعاملون مع تلك المساحات أثناء الاستحواذ وبدونه، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة على المنافس.
سواء اللعب بثلاثي خلفي أو رباعي، مع فتح الملعب بالأطراف، ووجود أجنحة داخلية في أنصاف المسافات، مع مهاجم صريح وآخر متحرك بين العمق والأطراف، أصبح أرسنال لديه شكل، صحيح أنه غير مكتمل بعد، لكنه موجود وحي يرزق.
تجد تشاكا قريب من الدفاع، سيبايوس يحاول التحرك في وبين الخطوط، كان هذا في السابق، لكن مع قدوم توماس بارتي وعودة محمد النني، فإن أرتيتا أصبح يستخدم خيارات أوسع بعض الشيء، سواء بتواجد الثنائي أمام خط الدفاع، أو اللعب بالشاب ساكا كـ "جوكر" بين الوسط والهجوم، كلاعب إضافي في المنتصف وفي نفس الوقت عنصر أساسي خلف المهاجمين مباشرة.
قمة الأولد ترافورد
يراهن سولشاير في معظم المباريات الكبيرة على رسم قريب من 4-4-2 دياموند، كما فعل أمام لايبزيغ، بوضع الرباعي فريد، مكتوميناي، بوجبا، وبرونو فرنانديز في المنتصف، وأمامهم راشفورد وغرينوود، مع التركيز على اللعب برقم 10 صريح هو البرتغالي برونو.
هذا التكتيك يعطي اليونايتد قوة كبيرة في التحولات السريعة وملأ الفراغات في نصف ملعب الخصم، لذلك فإنهم يستطيعون معاقبة الفرق التي تهاجمهم في حال ارتكاب أي خطأ، والأمثلة عديدة سواء أمام سان جيرمان أو لايبزيج أو غيرهم، لكنه في نفس الوقت يسبب لهم معضلة حقيقية، عندما يلعب خصمهم بهدوء ولا يفقد كرات عديدة في نصف ملعبه. هكذا فعل أرتيتا الذي صبر كثيراً في البناء من الخلف، لم يندفع أو يغامر، وأجبر أصحاب الأرض على الخروج من مناطقهم دون جدوى.
يقول "مايكل كوكس" في تحليله للمباراة، أن اليونايتد دفع ثمن لعبه برقم 10 صحيح هو برونو، حيث لم تعد هذه الاستراتيجية هي المسيطرة على الفرق الكبيرة، التي تفضل الجماعية ووضع الهيكل التكتيكي المحكم القائم على جماعية الوسط، دون الاعتماد على لاعب بعينه في الصناعة أو حتى التسجيل، لذلك عندما ينخفض مستوى برونو أو يراقب بشكل سليم، فإنه يفقد الكثير من بريقه، وبالمثل يحدث لفريقه.
هذا الرأي صحيح بنسبة كبيرة، لأن أرتيتا عرف كيف يقلل من خطورة برونو، بوضع الثنائي محمد النني وتوماس بارتي في المنتصف، مع عودة تيرني باستمرار إلى الخلف، مما يجعل الوضع صعباً بالنسبة لوسط وهجوم اليونايتد، بسبب حصارهم من جانب 5 إلى 6 لاعبين من أرسنال.
دور النني
عاد النني من تجربة إعارة قصيرة في تركيا، كان اللاعب قريب جداً من الرحيل أو حتى فسخ العقد، لكن أرتيتا قرر الإبقاء عليه في النهاية، ربما بسبب صعوبة بيعه أو نتيجة ضيق فترة الميركاتو الصيفي. المهم أن الإسباني لم يظلم لاعبه المصري، والأهم أن النني قدم مستويات جيدة في الدقائق التي شارك فيها، لأنه يلعب وفق رؤية المدير الفني، بتقديم المجهود الوافر، التمرير من لمسة واحدة، الضغط على الخصم وافتكاك الكرات منه، مع الالتزام بالتمركز الصحيح في نصف ملعبه.
يعشق أرتيتا تنظيم لاعبيه بطريقة منظمة، كل لاعب يقف في مكان معين، ولا يتحرك منه إلا من أجل فتح الفراغ لآخر أو للتغطية مكانه، هكذا هي طريقة اللعب التموضعي التي تعلمها الإسباني من أستاذه بيب غوارديولا. ربما يؤخذ على مدرب أرسنال ضعفه حتى الآن في نقل الهجمة من الثلثين الأول والثاني إلى الثالث، خاصة عندما يجبره خصومه على لعب الكرات الطولية ويمنعونه من رفاهية البناء المنظم من الخلف، كما حدث ضد ليفربول في الأنفيلد، أو حتى عندما يتركون له الكرة أو يراهنون على الاستحواذ السلبي بمنعه من استغلال هفواتهم، كما فعل غوارديولا ضده في الاتحاد هذا الموسم، لكن غير ذلك فإن أرسنال تحسن بوضوح على مستوى التنظيم الدفاعي، الانتشار الصحيح، الترابط بين الخطوط، والتخلص من السذاجة التي عاقبتهم كثيراً في المباريات الكبيرة. باختصار، لقد صنع الإسباني فريقاً عدوانياً.
دافع محمد النني بشكل صحيح، بادل مراكزه مع توماس بارتي لرقابة برونو باستمرار، تحول من العمق إلى الطرف الأيسر لمساعدة الظهير تيرني في غلق المساحات بين الطرف والعمق. كذلك طبق الضغط بطريقة ممتازة وحافظ على مجهوده طوال التسعين دقيقة، جنباً لجنب مع الضغط الذي قدمه لاكازيت على فريد لحرمانه من الاستلام والتمرير، والدور المركب لتيرني كنصف ظهير ونصف مدافع ثالث، عند التحول من 4-3-3 إلى 3-4-3 أثناء سير المباراة.
نتيجة لكل ذلك، فإن محمد النني قدم مباراة كبيرة بلا شك، واستحق أيضاً مايكل أرتيتا الثناء، لتحقيقه فوزاً هاماً على حساب مانشستر يونايتد، في قمة هذا الأسبوع من البريميرليغ.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.