أوناي إيمري يشعر بالسعادة، فهو قريب من تحقيق انتصاره الثالث من أصل خمسة منذ بداية الدوري، 40 دقيقة تفصله عن تحقيق بداية مقبولة مع آرسنال، ولعله يُرضي الجماهير في الوقت نفسه، خصوصاً بعد التعرض للهزيمة من ليفربول وخسارة نقطتين بعد تعادل صعب أمام توتنهام في مباراتيه الأخيرتين. تقدمه في النتيجة بهدفين مُقابل لا شيء، تحول إلى تعادل غير مُتوقع، بعد أن أهدى سوكراتيس واتفورد هدف تقليص الفارق، قبل أن يرتكب ديفيد لويز حماقة داخل منطقة الجزاء، ليكون السبب في تسجيل واتفورد هدف التعادل لتنتهي المباراة بالتعادل وينال كل فريق نقطة واحدة.
كان ذلك في 15 سبتمبر/أيلول من عام 2019، قبل أن يتم الإعلان بعدها بأسابيع عن إقالة أوناي إيمري من تدريب آرسنال، بعد فشله الذريع مع الفريق، وعدم قدرته على حل مشاكل لازمت الآرسنال لأشهر طويلة، مثل مأساوية في خط الدفاع.
عندما استلم مايكل أرتيتا قيادة آرسنال، كانت هناك العديد من الأسئلة التي يطرحها الإعلام الإنجليزي ويحاول بعض المتابعين الإجابة عليها، وهي ما هو الأسلوب والمنهج الذي سيتبعه المدرب الإسباني من أجل إخراج آرسنال من كل المشاكل المزمنة التي يعاني منها الفريق.
اليوم وبعد مرور أكثر من 9 أشهر من تعيين أرتيتا كمدير لآرسنال، ما زالت المشاكل الدفاعية تتصدر المشهد كالمعتاد، رغم كل محاولاته لإيجاد حلول فعالة، إلا أنه لم يمتلك أسماء قادرة على منح آرسنال الصلابة الدفاعية الكافية. لكن، تجرع بعض عشاق المدفعجية الأمل والإيمان بعد التعاقد مع المدافع غابرييل ماجالهايس قادماً من ليل الفرنسي.
في تشكيلة آرسنال الآن، هناك 8 لاعبين يلعبون في مركز قلب دفاع، في وقتٍ، يُشاع بأن إدارة آرسنال تسعى إلى تخفيض رواتب بعض اللاعبين والتخلص من آخرين، وذلك لتسوية الأمور المالية.
وفي خضم كل تلك التفاصيل، ومع حاجة أرتيتا إلى أكثر من لاعب في أكثر من مركز لسد بعض الثغرات في التشكيلة، وفي ظل غياب متوقع لآرسنال عن سوق الانتقالات الصيفية، تُعتبر صفقة غابرييل ماجالهايس حفنة أمل يتمسك بها مشجعو الفريق، لاعب يعد بالكثير من الآمال وموهبة شابة لا يجب الاستهانة بها.
بداية ولا بالأحلام
في فبراير/شباط من عام 2019، وقع المدرب كريستوف غالتيير في ورطة، وذلك بعد إصابة عدد من لاعبي ليل حينها، حيث اضطر إلى الاعتماد على العديد من اللاعبين غير الأساسيين والشباب، مثل غابرييل ماجالهايس.
غابرييل لم يخيب ظن مدربه، قدم مستويات جيدة، لعب بثقة عالية وساعد الفريق على تحقيق النقاط في الدوري، والأهم أنه كان خطف أنظار جميع متابعي الدوري الفرنسي وبعض كشافي الفرق الأوروبية.
مع ليل، كانت إيجابياته أكثر من سلبياته، يخدم المجموعة بشكل كبير، قوي في الصراعات الثنائية، يغلق المساحات رفقة زملائه بشكل مُحكم، والأهم أنه يلعب بقدميه جيداً، مما يعني أنه عنصر مهم في بناء الهجمة من الخلف.
ما يهم جمهور آرسنال، أن يكون هذا اللاعب مختلفاً عن بقية اللاعبين، أداؤه ثابتاً، لا يقف خلف كوارث الخط الخلفي للفريق، وينسجم مع المجموعة بشكل سريع.
ماذا سيقدم غابرييل لآرسنال؟
عندما نقول إن هذا المدافع يلعب جيداً بقدميه، نعني بذلك قدرته على التحكم بالكرة، الطريقة التي يستلمها، والأسلوب الذي يتبعه في نقل الكرة إلى الأمام.
إذا عدنا بالزمن إلى الوراء، وتحديداً إلى مباراة العودة في دور الـ16 بين ريال مدريد ومانشستر سيتي بالنسخة الماضية من بطولة دوري أبطال أوروبا، قام المدافع كايل ووكر بلقطة جريئة ومهمة تعبر عن شخصيته وقدراته، عندما قام باستلام الكرة في الخلف، التقدم، التوغل نحو العمق، ثم التسديد على المرمى. مثل تلك اللقطات، مهمة جداً للفريق الذي يحاول التخلص من ضغط الخصم المستمر على المدافعين، وذلك من أجل دفعهم إلى ارتكاب الأخطاء، تماماً مثل ما حدث مع سوكراتيس أمام واتفورد.
وهنا تكمن ميزة غابرييل والتي سوف يستفيد منها أرتيتا بشكل كبير. يمتلك ماجالهايس معدل 62.8 تمريرة في المباراة الواحدة وبنسبة نجاح تصل إلى 84.3%. ليس هذا وحسب، بل يتميز أيضاً في لعب التمريرات الطويلة، وهي النوع المحبب لنجم آرسنال الغابوني أوباميانغ، وتبلغ دقة تمريراته الطويلة 72.3%.
لكن عليك الانتباه إلى نقطة مهمة، وهي أن الكثير من تمريرات غابرييل الطويلة التي تصل إلى أقدام لاعبي الخصم، يصعب السيطرة عليها، وذلك بسبب قوتها وطريقة ارتطامها بالأرض أو جسد اللاعب الخصم، وهذا ما يمنح زملاءه فرصة لاستعادتها فيما يسمى "الكرة الثانية".
ليس سوكراتيس وليس نيستا
دفاعياً، من المهم الإشارة إلى أن غابرييل قد تطور بشكل كبير ولافت منذ أن كان مُعاراً لفريق دينامو زغرب، إلى أن بات يشارك مع ليل على الدوام.
لعب غابرييل معظم مبارياته مع ليل كمدافع أيسر ضمن الرسم التكتيكي 4-2-3-1 وهو ذات الرسم الذي يطبقه كريستوف غالتيير، مدرب ليل.
غابرييل لاعب سريع جداً في تغطية المساحات وإغلاقها أمام تحولات لاعبي الخصم، خصوصاً على الأطراف، حيث تشاهد تدخلاته القوية والتي يستمدها من صلابة جسده.
إحدى أهم وأكبر نقاط قوة غابرييل ماجالهايس، هي قدرته على الفوز بالصراعات الثنائية وعرقلته للخصوم واستخلاص الكرة بدقة ودون ارتكاب أخطاء. يمتلك غابرييل أحد أفضل معدلات الفوز بالصراعات الثنائية بين المواهب الدفاعية في العالم بنسبة 73%.
هذا بالتحديد ما ينقص آرسنال، مدافع صلب في الخلف، يريح بال المشجعين من الأخطاء الروتينية التي يقوم بها مدافعو الفريق الحاليون. وهو بالفعل يمتلك خصائص قلب الدفاع التقليدي، لكنني لا أشير إلى أنه خليفة نيستا، أو كلام من هذا القبيل، بل أوضح فكرة حاجة آرسنال إلى لاعبين من أمثاله، مدافع يعوض آرسنال عن كل تلك التجارب السيئة التي خاضها معظم المدافعين الذين لعبوا للفريق اللندني في العقد الأخير.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.