نجح نادي باريس سان جيرمان، بطل الدوري الفرنسي، في التعاقد نهائياً مع المهاجم الأرجنتيني ماورو إيكاردي مقابل نحو 50 مليون يورو في أولى صفقات الميركاتو الصيفي لعام جائحة كورونا. وهي الصفقة التي أظهرت تمرّس وحنكة الإدارة الباريسية، بقيادة المالك والرئيس ناصر الخليفي، في التسوق لتدعيم صفوف الفريق بأفضل اللاعبين في خطوطه الثلاثة ولجمع المراكز.
صفقة إيكاردي أثبتت أن إدارة باريس سان جيرمان وبعد 9 أعوام من تراكم التجارب في الانتقالات الصيفية والشتوية أصبحت خبيرة في القيام بالتعاقدات الوازنة النوعية والمدروسة لتضمن أعلى فرص نجاح أصحابها في تقديم الإضافة للفريق على كافة الأصعدة.
ومنذ انتقال ملكية نادي باريس سان جيرمان لمؤسسة قطر للاستثمارات عام 2011 يصنف التعاقد مع المهاجم الأرجنتيني ماورو إيكاردي كصفقة نموذجية بكل المعايير المالية والفنية التي تعزز حظوظ نجاحها بأقل التكاليف، والتي جاءت استمراراً لعدد من الانتدابات التاريخية التي قام بها النادي مع البرازيلي دا سيلفا نيمار والفرنسي كيليان مبابي والأوروغوياني أدينسون كافاني والإيطالي ماركو فيراتي وغيرها من التعاقدات.
فمن الناحية المالية لم تكلف صفقة المهاجم الأرجنتيني إيكاردي خزينة النادي الباريسي سوى 50 مليون يورو، في حين أن إدارة ناديه السابق إنتر ميلان كانت قد حددت سعر انتقاله النهائي في عقد إعارته بما لا يقل عن 70 مليون يورو، قبل أن تتراجع وتقبل بالخمسين. وكان سعر إيكاردي سيتجاوز 100 مليون يورو لو تم التعاقد معه قبل عامين في الميركاتو الصيفي لعام 2018 عندما ارتفعت قيمته التسويقية في بورصة اللاعبين بشكل صاروخي تحت تأثير تألقه في الدوري الإيطالي، وكانت أندية أوروبية كثيرة تخطب ودّه كريال مدريد، الأمر الذي جعل إنتر ميلان يضع شرطاً جزائياً في عقده بقيمة 110 ملايين يورو.
وبغضّ النظر عن أزمة إيكاردي مع إدارة النادي الإيطالي ومع جماهيره التي جعلته يبتعد عن الملاعب لفترة، فإن ذلك لم يقلل من موهبته ومهاراته كهداف من الطراز العالمي مؤهل ليكون نجماً في حال عرف كيف يستغل إمكانياته التقنية العالية.
واختارت إدارة باريس سان جيرمان التوقيت المناسب للتعاقد مع إيكاردي، حيث جلبته في آخر أيام الميركاتو الصيفي لعام 2019 على سبيل الإعارة، بعدما رفض الإنتر الاحتفاظ به ورفضت عروضاً من أندية أخرى كيوفنتوس ونابولي وغيرهما، لرفض النادي بقاءه في الملاعب الإيطالية، فاضطر إلى تركه يرحل إلى حديقة الأمراء على أن يلعب لأحد منافسيه.
أما من الناحية الفنية فإن التعاقد مع إيكاردي مكسب كبير للفريق، ورصيده التهديفي معه في موسم الإعارة يشهد على ذلك، بعدما نجح في تسجيل وصناعة 24 هدفاً خلال 31 مباراة رسمية خاضها مع تشكيلة المدرب الألماني توماس توخيل في مجمل الاستحقاقات المحلية والقارية. ليسهم في تتويج الباريسي بلقب الدوري الفرنسي وتأهله للدور الربع النهائي لرابطة أبطال أوروبا بتوقيعه خمسة أهداف في ستة لقاءات قارية.
ويعتبر هذا الرصيد الذي حققه إيكاردي مع باريس سان جيرمان ومن موسمه الأول قريباً من رصيده في أفضل موسم له بألوان النيراتزوري عام 2016-2017 عندما بلغ 44 بين أهداف وتمريرات حاسمة، ولكنه حقق هذا الرقم بعدما اشترك في 41 مباراة رسمية، بينما موسمه الأخير في الكالتشيو لم يتجاوز رصيده 22 هدفاً وتمريرة في 37 مباراة لعبها.
كما عزز إيكاردي من الخيارات التكتيكية للمدير الفني الألماني توخيل الذي أصبح يضم في حساباته أربعة مهاجمين من الطراز الرفيع، وهم: مبابي وكافاني ونيمار وإيكاردي، إذ أصبح يمتلك دوماً ورقة هجومية أساسية على مقاعد الاحتياط، خاصة أن إيكاردي شكّل كيمياء جيدة مع المهاجمين الثلاثة وبالأخص مع نيمار ومبابي بعدما بلغت غلة هذا الثلاثي من الأهداف في مسابقة الدوري الفرنسي 43 هدفاً ليحتل المركز الثاني كأفضل وأقوى ثلاثي هجومي في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى للموسم الحالي.
والحقيقة أن إدارة باريس سان جيرمان تعاملت بذكاء وحنكة مع صفقة المهاجم الأرجنتيني إيكاردي سواء فنياً أو مالياً، بعدما فضّلت جلبه لصفوف الفريق على سبيل الإعارة موسماً واحداً مع بند تفضيلي لشراء عقده بشكل نهائي. موسم الإعارة كان اختباراً وفترة تجريبية لإيكاردي ولزوجته وكيلة أعماله واندا نارا، للوقوف على مدى اندماجهما مع الأجواء السائدة في حديقة الأمراء والتزامهما بقرارات النادي التي يجب أن تناقش وتثار داخل القنوات الرسمية للنادي بعيداً عن أعين الإعلام ومنابر التواصل الاجتماعي؛ لتفادي إثارة القلاقل مثلما حدث في الإنتر بسبب موضوع شارة القيادة. كما شكّل موسم الإعارة اختباراً للوقوف على مدى استعداد اللاعب لاستعادة بريقه كهداف، والواقع أن اللاعب وزوجته نجحا في الاختبار الذي جعل النادي يقرر الاحتفاظ به حتى عام 2024.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.