بعد نشر الجزء الأول والثاني إليكم الجزء الثالث من سلسلة الطلاق.. ماذا بعد؟
أنا واحتياجاتي
"حصلت على حريتي.. كما كنت أرغب
أو انتزعتها انتزاعاً
أو كان طلاقاً رغماً عني
جميعها في النهاية نتيجة واحدة
لا يهم كيف حدث ذلك المهم أنني أشعر الآن بالوحدة
يقتلني هذا الشعور
رغم كل الخلافات التي كانت بيننا إلا أنه كان هناك شخص أتشارك معه أي شيء
حتى ولو كان هذا الشيء هو العراك والصراخ فقط
وهذا ما كنت أخشاه
ليس فقط شعوري بالوحدة واحتياجي لمَن يؤنس وحدتي هو احتياجي الأوحد
بل هذا الشعور الدائم بعدم الأمان المادي والمعنوي
لديّ تخوف دائم من الغد
بل من اليوم.. من الساعة المقبلة والساعة الحالية
كيف سأتصرف لو لم أجد عملاً
وعندما أجد عملاً هل سيكون مناسباً لمؤهلاتي أم لا
هل سأتعرض لمضايقات من بعض الرجال بسبب كلمة "مطلقة"
هل سيتم الاستغناء عني في يوم من الأيام
ناهيك عن احتياجي للأمان المعنوي واحتياجي للشعور بأنني أنثى ولا زلت مطلوبة
في هذا المجتمع الموحش الذي يطلق أحكامه المجحفة علي
احتياجي للحب
أن أشعر بالحب تجاه رجل يستحق هذا الحب وأن يبادلني إياه دون أن يتسبب في إيذائي.. دون أن أضطر لبذل الكثير من التضحيات والتنازلات كي أحافظ عليه
حباً غير مشروط بأي شيء
يحبني لأنني أنا وفقط
فهل سأجد ذلك في يوم من الأيام
أم أنها أضغاث أحلام؟
في بعض الأوقات أخشى التحدث لأي بشر حتى لأقرب صديقاتي، بل أخشى حتى التحدث إلى نفسي
أن أصارحها باحتياجي وأفضل تخبئة احتياجاتي تحت جنح الليل وأستيقظ صباحاً لأجد عبراتي على الوسادة لأكتشف أنني كنت أبكي وأنا نائمة
لا أريد أن تكتئبوا من كلامي لكنني لا أعرف ماذا أفعل
هل احتياجاتي مقبولة؟
هل هي مشروعة حقاً؟
هل هي حقيقية أم أنها سراب؟
هل عدم وجودها مؤلم حقاً أم أنني أنا التي تضخم الأمور؟
هل وجودها بهذه الأهمية أم أنني التي أتوهم؟
لا أريد أن أقلب ليلتكم إلى حزن وكآبة لكنها كانت مجرد خواطر
خواطر تعتريني كل يوم
بل في اليوم عدة مرات
قررت أن أشاركها إياكم قبل أن تأتي لحظة أنفجر فيها
ولا أعلم إلى الآن ما الحل؟".
كانت هذه كلمات لإحدى الجميلات التي حصلت على الطلاق منذ فترة
"الاحتياجات"..
حاجات نفسية.. وجسدية
يحرم عليها البوح بها لأنها بالطبع لو تحدثت بها سترجم بسهام العيب والحرام الذي ما أنزل الله بها من سلطان
قبل أن أكتب هذا المقال وفي أوقات عديدة يعتريني هذا التساؤل:
لماذا التعقيد في مجتمعنا العربي وبالأخص المصري؟
على مدار سنين حياتي الشخصية والمهنية قابلت عدة جنسيات عربية وأجنبية
لم أجد تعقيداً يخصّ المطلقة والأرملة مثل مجتمعنا المصري
معظم الجنسيات التي قابلتها بعد وفاة الزوج أو بعد الطلاق وانتهاء العدة يتقدم الخطاب لطلب يد العروس التي يتعامل معها الجميع بشكل عادي جداً ولا ينتشر الهمز واللمز حول سنها أو حالتها الاجتماعية وأنه "ياعيني" لم يسبق له الزواج من قبل وتزوج مطلقة. وكأنها سُبة أو مرض جلدي!
لِمَ كل هذه التعقيدات؟
شخصان تقابلا..
قَبِل كل منهما الآخر، وقرر كل منهما بدء حياة جديدة مع الطرف الآخر
هل هناك ما يسوء طالما كان ذلك في ظل شرع الله وسنة نبيه
أم أننا سنظل نحكم قبضتنا على تلك المسكينة حتى تنفجر؟
ولا أعلم حقيقة هل شرع الله فيه ما يضر؟
لقد سهّل الله لنا التعامل في هذه الأمور من خلال بعض القوانين الشرعية التي تحكمنا، وطالما أن كل شيء صار تحت مسمى "الحلال" فلِمَ المكابرة ولِمَ الجدال
ولِمَ الهمز واللمز والقيل والقال؟!
وبالعودة إلى صديقتنا الجميلة واحتياجاتها أقول لها رداً على تساؤلاتها وحيرتها:
احتياجاتك.. مقبولة.. مشروعة، وكفلها الله لك من خلال زواج شرعي معلن، فإن وجدته فبها ونعمة وتوكلي على الله، وإن لم تجدي الشخص المناسب إلى الآن.. فانتظريه وكلك يقين بفرج الله واخلعي عنك رداء التضحية من أجل الأبناء.
هل سأتزوج ليأتي لهم زوج أم يعذبهم ويعلقهم على أحبال المشانق؟
هل سأدخل رجلاً غريباً إلى المنزل؟
هل سيحبونه؟
هل.. وهل.. وهل
الإجابة لن تعثري عليها إلا عندما تخوضين التجربة، وقبل خوضك التجربة يجب عليك التمهيد لأبنائك، وهذا ما سندرجه في حلقات لاحقة.
– اعترفي باحتياجاتك.. نعم يجب أن تعترفي بها أولاً حتى يقبلها منك الآخرون.
لا تكبتيها.. لا تصرخي فيها.. لا تنكريها على نفسك.. تحدثي إلى نفسك وأخبريها بأنك تحتاجين الحب.. الاهتمام.. الرعاية.. الحنان.. الأمان.. تحتاجين لأن تشعري بأنوثتك وجمالك.
وليس معنى الاعتراف هنا هو الخروج إلى الطرقات والقفز وراء سيارة الرش والصراخ بصوت: "يا جماعة أنا محتاجة حب"، بل يكفي أن تقفي أمام المرآة وتحدثي إلى نفسك واعترفي لها بأنك تحتاجين كذا وكذا وكذا.. سيتهمونك بالجنون، لكن لا ضير فالبعض منه هو ما يجعل العالم متزناً.
يكفي هذا لليوم..
تصبحين على حب أيتها الجميلة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.