وفق المتغيرات الجديدة والسريعة لجاٸحة فیروس کورونا، وتداعيات ذلك علی الحرب غير المعلنة (حرب أسعار النفط)، ما كان ثابتاً في العلاقات الأمريكية-السعودية بات يخضع اليوم لقاعدة المتغير. رياح التغيير محمّلة برائحة النفط وعالم ما بعد کورونا، وکوالیس وأحلام تعصف بخرائط المنطقة العربية. فهل تباعدت سفن حلفاء الأمس لتدفع بالسعوديين والأمريكان إلى موانئ أخرى؟
بعد تلويح ترامب بفرض عقوبات اقتصادية وجمرکیة علی النفط السعودي، وإجبار الرياض على دفع تعويضات نظير الأضرار الكبيرة التي لحقت بصناعة النفط في الولايات المتحدة، التي وقعت نتيجة حرب الأسعار التي اندلعت بين السعودية وروسيا، فإن إقرار عقوبات ضد السعودية سيكون له تبعات كبيرة، مثل تعريض المملكة العربية السعودية للمقاضاة بموجب القوانين الأمريكية الحالية، وحينها قد تتكبد غرامات تعادل قيمة استثماراتها في الولايات المتحدة كلها، والتي تقدر بما يقرب من تريليون دولار. مع تجميد أموال السعودية في العالم، وملاحقة شركة أرامكو، وهو ما سيؤدي إلى تجزئتها لشركات صغيرة.
وهدد ترامب بسحب القوات والمُعدات العسکریة من المملکة، الممتدة منذ الاتفاق الذي عقده الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبدالعزيز آل سعود عام 1945، والذي جدّده الرئيس "جورج دبليو بوش" في عام 2005 لـ60 عاماً أخرى. وظلت العلاقات السعودية الأمريكية مبنية على المنفعة المتبادلة.. إمدادات ثابتة من النفط السعودي في مقابل الحماية العسكرية الأمريكية.
إن العلاقات السعودية الأمريكية نجت من تحديات كبرى طيلة العقود السبعة الماضية، حتى إبان حرب أکتوبر/تشرين الأول عام 1973، وقرار حظر البترول، وأثناء الصراع العربي-الإسراٸیلي نجحت في البقاء. وبعد أحداث الـ11 من سبتمبر/أيلول 2001، ظلّت العلاقات طيبة وجيدة، رغم إقرار الکونغرس قانون فرض دفع تعويضات على الدول التي ارتكب أبناؤها تلك الحادثة فيما يعرف بقانون "غاستا".
ومع صعود رٸیس شعبوي للبيت الأبيض، مع أحلام الفتى الطاٸر والصاعد نحو الملكية، أصبح النهج المثير للجدل الذي تتبعه المملكة منذ صعود ولي العهد الشاب محمد بن سلمان آل سعود يراكم ضغوطاً جديدة على هذا التحالف، من اغتیال الصحفي جمال خاشقجي، حتى الوضع الکارثي في حرب الیمن، حتى لا يكاد يمر أسبوع الآن دون أن يحاول المشرعون الأمريكيون تمرير قرار لكبح جماح المملكة. لکن في کل منعطف کان البيت الأبيض يعرقل هذه التحركات أو يتحايل عليها، وعلى طول الخط، وقف الرئيس ترامب بقوة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، حتى حينما وصلت الاتهامات الخطيرة باغتيال معارضين وارتكاب جرائم حرب إلى قلب القصر الملكي.
لكن في المقابل، يبذل المشرعون الأمريكيون -من الحزبين- العديد من الجهود لتقييد مبيعات الأسلحة للمملكة، ومحاسبة محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين رفيعي المستوى على وفاة خاشقجي.
وفي ظل الوضع العالمي لجاٸحة کورونا، وانخفاض أسعار النفط وإغراق الأسواق العالمیة به حتی وصل سعر البرميل إلى ما دون 40 دولاراً، اعتبر ترامب ذلك حرباً علی أمریکا من قِبل الروس والسعودیة.
لفت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة الماضیة، النظر إلى مسألة فرض تعریفة على نفط المملكة العربية السعودية، وذلك في خضم "حرب أسعار النفط" بين المملكة وروسيا خلال الأسابيع الماضية، والتي هوت بأسعار النفط إلى معدلات قياسية.
جاء ذلك في ملخص صحفي للبيت الأبيض، الجمعة الماضية، حيث قال ترامب رداً على سؤال إن كان يعتبر فرض تعریفة على نفط السعودية أمراً وارد الحدوث: "حسناً، يمكنني دائماً النظر في الأمر، لقد جمعت التعريفات مبلغاً كبيراً من المال لبلدنا. أنا أفرضها (أي التعریفة) على الصين، وأفرضها على دول أخرى، وتفرض دول أخرى تعریفة علينا، وهم يستغلوننا، وقد فعلوا ذلك لسنوات عديدة".
هل ستصمد السعودیة ضد تهدیدات ترامب.. وهل ستسقط أمریکا بعد الجاٸحة وتصعد الصین وروسیا ویشکلان تحالفاً ضد القطب الأحادي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.